يستمر الجدل على الساحة الدولية بشأن الإخفاق في إيصال المساعدة الإنسانية اللازمة إلى منكوبي الزلزال المدمر في سوريا، لا سيما المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وتتجه الأنظار اليوم إلى مجلس الأمن الدولي، الذي سيعقد جلسة مشاورات مغلقة لبحث جهود الاستجابة لكارثة الزلزال.
يشارك في الجلسة مندوبا تركيا وسوريا لدى الأمم المتحدة، وتتضمن الاستماع لإحاطة عن الأوضاع من وكيل الأمين العام الأممي للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، الذي أقر بخذلان المنكوبين في شمال غربي سوريا.
وبحسب وكالة "رويترز"، دعت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي إلى الموافقة على إرسال المزيد من المساعدات إلى سوريا وفتح معابر جديدة مع تركيا.
"فتح مجال جوي"
إلى ذلك، أفاد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو بأن بلاده مستعدة لفتح مزيد من المعابر مع سوريا، مشيرًا إلى استعداد تركيا لفتح المجال الجوي من أجل نقل المساعدات الإغاثية للمنكوبين.
وتعد الكرة الآن في ملعب مجلس الأمن الدولي، وهو الجهة الوحيدة القادرة على إصدار قرار بفتح المزيد من المعابر بين تركيا وسوريا.
وقد أوضحت واشنطن غير مرة أنها دعت المجلس - حتى قبل وقوع الزلزال – إلى فتح معابر جديدة، لكنّ رفض روسيا واستخدام حق النقض كان بالمرصاد.
وتصر موسكو على عدم الحاجة إلى فتح معابر جديدة بين تركيا ومناطق المعارضة، حيث تقول إن مساعدات الإغاثة يمكن تسليمها إلى كل المناطق السورية عبر النظام في دمشق دون غيره.
"مجلس الأمن مقيّد"
ويأسف الكاتب المختص في شؤون الأمم المتحدة عبد الحميد صيام، لأن "مجلس الأمن مقيّد بقرار اعتمد في 9 يناير الماضي، وأعطى فرصة فقط لفتح معبر باب الهوى لمدة 6 أشهر".
ويقول في حديثه إلى "العربي" من نيويورك، إن "المجلس لا يستطيع إلا أن يعيد النظر في هذا القرار في حال وجود موافقة"، مذكرًا بعدم إمكانية أي جهة من الأمم المتحدة تجاوز قرارات مجلس الأمن.
ويلفت إلى لقاء مغلق للمشاورات يستمع خلاله أعضاء المجلس لتقرير غريفيث من دمشق، والذي التقى الأسد، وفُهم من المتحدث الرسمي أن هناك على ما يبدو معلومات إيجابية، مشيرًا إلى أنه "في حال كانت هناك موافقة من الحكومة السورية لفتح معبر أو اثنين من الحدود التركية إلى الشمال السوري، فسيتجاوب مجلس الأمن".
وفيما يوضح أن المعونات كانت قد بدأت تصل إلى الشمال السوري، يتحدث عن بطء هذا الأمر نظرًا للتعقيدات.
ويتوقف عند حاجة الشمال السوري للمعدات الثقيلة، مذكرًا بأنها بيد الدول، التي – برأيه - هي من يمكن وصفها بالنفاق والتأخر.
ويضيف: "قدمت بريطانيا ما قيمته 2.7 مليار دولار لأوكرانيا، بينما قدمت لتركيا 6 ملايين، وهو ما يعطي صورة عن النفاق الدولي وتسييس المساعدات الإنسانية".
"المساعدات متأخرة جدًا"
من جانبه، يرى الباحث المختص في شؤون الاتحاد الأوروبي منذر النمري أن الاتحاد الأوروبي كما مجلس الأمن الدولي مقيد بقرارات سياسية، مشيرًا إلى "لعبة الفيتو التي انتهزتها موسكو على امتداد 3 سنوات".
ويلفت في حديثه إلى "العربي" من بروكسل، إلى الاجتماعين المغلقين المتتاليين اللذين سيُعقدان اليوم الإثنين؛ الأول بحضور مندوبي سوريا وتركيا، والثاني سيقرأ فيه تقريرا الوكيلين الأممي والأوروبي.
ويوضح أن مندوبة الولايات المتحدة أصرت على أن يتم التصويت بشكل فوري وبنعم.
إلا أنه يؤكد أن هذه المساعدات تأتي متأخرة جدًا، مذكرًا بأن عمليات الإنقاذ ستصعب بعد أكثر من أسبوع على وقوع الزلزال، وذلك بشهادة الخبراء.
ويعتبر أن الاتحاد الأوروبي فشل في هذه العملية الإنسانية فشلًا ذريعًا، ويريد الآن استباق الأمور والوقوف موقف المنقذ، وهو أمر صعب".
"ظلم للشعب السوري"
بدوره، يشير المسؤول في الدفاع المدني السوري (الخوذ البيض) فراس الخليفة، إلى أن استمرار انتظار قرارات مجلس الأمن لفتح معابر إنسانية بغرض إدخال المساعدات إلى مناطق شمال غربي سوريا ليس بالأمر العادل، وهو ظلم للشعب السوري الذي يعاني في هذه الكارثة الإنسانية.
ويلفت في حديثه إلى "العربي" من ريف إدلب، إلى أن تأخر المساعدات الأممية والدولية في الدخول إلى هذه المناطق "ربما زاد من عدد الضحايا".
ويضيف: "خلال الأيام الأولى التي أعقبت الزلزال كان من الممكن زيادة عدد الناجين، لو توفرت لدينا معدات أكثر تطورًا وبكمية أكبر تساعد في عمليات إنقاذ المصابين من تحت الأنقاض".
ويشير إلى أثر كارثي لتأخر المساعدات الإنسانية، مشيرًا إلى أن أكثر من 40 ألف عائلة خرجت من منازلها منذ اليوم الأول للزلزال.
ويقول إن هؤلاء جلسوا في الحدائق ومراكز الإيواء بانتظار أي مساعدة تأتيهم في فصل الشتاء البارد.
ويؤكد أن الوضع كان مأساويًا وما يزال حتى اللحظة، لافتًا إلى أن المساعدات خجولة نوعًا ما مع نهاية اليوم الثامن.
ويشدد على أن ما وصل من قبل الأمم المتحدة ليس بمستوى استجابة لكارثة إنسانية ضخمة حلت بالمنطقة.