بين الأطعمة قليلة الدسم والخالية من الدسم، ومنخفضة السعرات الحرارية وقليلة السكر، وغيرها من المنتجات الغذائية، يحتار عادةً الراغبون بخسارة بعض الكيلوغرامات الإضافية من وزنهم.
ويميل الناس عادةً، ولا سيما أولئك الذين يتبعون حميات غذائية، إلى اختيار المواد التي تكون مصنّفة على أنّها "خالية من الدسم" تلقائيًا، لاعتقادهم أنّها تساعدهم على تحقيق هدفهم في أسرع وقت ممكن.
لكن، هل فعلاً هذه هي القاعدة؟ هل يجب اللجوء دومًا ومن دون تفكير إلى المنتجات الخالية من الدسم؟ هل هذا الخيار صحّي حقًا؟ وكيف نختار ما هو الأفضل لصحّتنا وغذائنا في الوقت نفسه؟
هل يجب إقصاء الدهون من الأنظمة الغذائية؟
لطالما اعتبرت الأنظمة الغذائية التي تحتوي على أطعمة قليلة الدسم، ويتم فيها خفض السعرات الحرارية من مصادر الدهون بشكل كبير، أفضل طريقة لتقليل دهون الجسم وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب وحتى السرطان في يوم من الأيام.
لكن ما قد يكون لافتًا لكثيرين هو أنّ التوصيات الحديثة لا تشجع على إقصاء الدهون بالمُطلَق من الأنظمة الغذائية كما في السابق نظرًا للقيمة الغذائية التي تقدمها بعض أنواع الدهون، حيث يميّز المتخصّصون بين ما يصفونها بالدهون "الجيدة" وتلك "الضارة".
ويمكن أن تساعد معرفة الفرق بين هذين النوعين من الدهون، الأفراد على اتخاذ خيارات أكثر صحية عند تناول الأطعمة. والمفتاح في ذلك هو تناول نظام غذائي متنوع من الأطعمة المغذية والطبيعية، وتجنب تلك الغنية بالدهون المشبعة أو المتحولة.
الدهون المشبعة وغير المشبعة
توجد الدهون المشبعة أو الدهون المتحولة في الأطعمة المقلية. كما يضيفها المصنعون إلى الأطعمة لإطالة مدة صلاحيتها. ويمكن أن تزيد هذه الأنواع من الدهون من كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة لدى الشخص، والذي بدوره يمكن أن يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والمضاعفات الصحية الأخرى.
من ناحية أخرى، يمكن أن تكون الدهون المتعددة غير المشبعة مثل أحماض أوميغا 3 وأوميغا 6 الدهنية والدهون الأحادية غير المشبعة مفيدة للجسم. ولا يعد تناول الدهون الموجودة بشكل طبيعي في الأطعمة الكاملة مثل اللحوم والمكسرات والبذور ومنتجات الألبان باعتدال أمرًا ضارًا بالصحة.
وتحتوي بعض الأطعمة الغنية بالدهون - مثل البسكويت والكعك والبطاطس المقلية على قيمة غذائية أقل مقارنة بالأطعمة الأكثر صحية مثل الفاكهة والخضار.
وقد يدعو الأطباء إلى اتباع نظام غذائي منخفض الدهون لأن السعرات الحرارية من الدهون تكون أعلى لكل غرام من تلك الموجودة في البروتين أو الكربوهيدرات.
ويؤثر التخلص من الدهون غير الصحية إيجابيًا على وزن الشخص وصحة القلب والرفاهية العامة.
"إشكالية" الأطعمة قليلة الدسم
لذا قد يلجأ البعض لتناول المنتجات قليلة الدسم وهي متنوعة ومتوفرة بكثرة في الأسواق وتشمل الحبوب والمخبوزات ومنتجاب الألبان وغيرها. لكن مصطلح "قليل الدسم" يشكل إشكالية لدى المستهلك الذي غالبًا ما يربطه بالأطعمة الصحية.
لكن غالبًا ما تحتوي الأطعمة المصنعة "قليلة الدسم" على الكثير من السكر المضاف ومكونات أخرى غير صحية، بحسب ما يؤكد المتخصّصون.
في هذا السياق، تتحدّث الاختصاصية في التغذية د. كارلا حبيب مراد عن الفرق بين الأطعمة كاملة الدسم وقليلة الدسم ومنخفضة الدسم، كما تلك الخالية من الدسم، موضحة أنّ الحليب كامل الدسم هو الذي يحتوي على زبدته كاملة، أمّا قليل الدسم فهو الذي يحتوي على 50% من الدسم أقلّ مقارنة مع الحليب كامل الدسم.
أمّا المنتجات المنخفضة الدسم فهي تحتوي على 25% أقل من المنتجات الكاملة الدسم، في حين تحتوي تلك الخالية من الدسم على أقل من 1% من الدسم، وفقًا لمراد، التي كانت قد تحدّثت لـ"العربي" في لقاء سابق.
ماذا عن السعرات الحرارية؟
تشير مراد إلى أن المنتجات قليلة الدسم تحتوي على سعرات حرارية أقل لكن ليس بالنسبة التي يعتقدها البعض. فبينما يحتوي كوب من الحليب كامل الدسم على 150 سعرة حرارية، يحتوى كوب من الحليب منخفض الدسم على 120 سعرة حرارية، في حين أنّ كوبًا من الحليب خالي الدسم يحتوي على 90 سعرة حرارية.
لكنّ الاختصاصية في التغذية تشير إلى أنّ هذه الأطعمة يمكن أن تُفقِد المستهلك خصائص صحية أخرى أو مواد مغذية أخرى، وذلك ينطبق تمامًا على الحليب مثلًا، "فعندما نخسر الدهون أو الدسم أو ما يعرف بالزبدة، نخسر نوعين من الفيتامينات، هما الفيتامين (د) والفيتامين (أ)".
"شيطنة" الدهون
وترفض مراد في هذا السياق منطق "شيطنة" الدهون، إن جاز التعبير، لافتة إلى كمّ هائل من الدراسات في السنوات الأخيرة حول أهمية بعض الدهون غذائيًا، ولا سيما أنّ العلم يتطور.
وتنصح الاختصاصية بتناول مشتقات الحليب كاملة الدسم لأن المصنع عند نزع الدسم يضيف نشويات أو أليافا أو مواد بروتينية لذا لا يكون الفرق في السعرات الحرارية كبيرًا بين ما هو كامل الدسم أو خالٍ من الدسم.
كما تنصح بتناول المنتج كامل الدسم والالتزام بالحصة المسموحة، وبقراءة المكونات في ملصق المنتجات المصنعة لاختيار الأنسب.