أكّد أمين سر اللجنة المركزية في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، جبريل الرجوب، في مقابلة خاصة مع التلفزيون العربي، على أن الحركة تريد وحدة وطنية فلسطينية تبدأ بتقارب مع حركة "حماس" وتشكيل حكومة توافقية.
وإذ اعتبر الرجوب أن الوحدة الوطنية "ستتحطم عليها كل المؤامرات والأجندات"، شدد على أن الاحتلال الإسرائيلي يريد تكريس الانقسام الفلسطيني وإنهاء دور السلطة الوطنية الفلسطينية.
"المعركة اليوم على سيادة المشهد السياسي الفلسطيني"
وفي مقابلة خاصة مع التلفزيون العربي، اعتبر الرجوب أن المعركة اليوم على سيادة المشهد السياسي الفلسطيني، وإن أي صيغة لا ترتكز على وحدة الأراضي الفلسطينية والنظام السياسي وجهاز الرعاية الخدمات "ليست مقبولة بالنسبة لنا".
وقال الرجوب من أستوديوهات التلفزيون العربي في لوسيل، إنّه "لا يمكن أن نقبل أي صيغة لا ترتكز أولًا على وقف العدوان الإسرائيلي الأحادي الجانب على كل فلسطين"، وتحديدًا على قطاع غزة الذي يشهد عدوانًا إسرائيليًا منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي.
وأضاف "أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد إملاء شروطه بالقتل والتشريد وإنهاء فكرة الدولة الفلسطينية وهويتها". واعتبر أن "الاحتلال يرغب في تكريس الانقسام وإنهاء دور السلطة".
ويعيش قطاع غزة على وقع عدوان دموي إسرائيلي منذ السابع من أكتوبر 2023، كما تشهد مدن الضفة الغربية ومخيماتها اعتداءات واقتحامات يومية إسرائيلية خلفت المزيد من الشهداء والجرحى.
الحوار الداخلي الفلسطيني
وبشأن المساعي المتواصلة لإنهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني، رأى أمين سر حركة "فتح" أن حوارات القاهرة تؤسس لأرضية مشتركة مع حركة حماس.
وتعاني الساحة الفلسطينية انقسامًا سياسيًا وجغرافيًا منذ عام 2007، حيث تسيطر "حماس" وحكومة شكلتها على قطاع غزة، في حين تدير الضفة الغربية حكومة شكلتها حركة "فتح" بزعامة الرئيس محمود عباس.
وقال الرجوب: إنّ "كل الفصائل الفلسطينية الآن تستشعر الخطر وعلينا أن نعمل على صيغة لإنهاء الانقسام"، مضيفًا أن "العالم الآن مقتنع بأن إسرائيل مجرمة وأن الفلسطينيين هم الضحية".
وشدد على أن ملف تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة "أصبح خلف ظهورنا"، قائلًا في هذا السياق: "نريد تشكيل حكومة وحدة وحوارًا وطنيًا شاملًا".
كما لفت إلى ضرورة الاستفادة من التحول العالمي تجاه القضية الفلسطينية بمزيد من الوحدة، وقال: "إن فكرة الدولة الفلسطينية أصبحت على جدول أعمال كل العالم".
مقاربات ثنائية فتحاوية حمساوية
وأكد أمين سر اللجنة المركزية في حركة فتح "نريد وحدة وطنية فلسطينية تبدأ بمقاربات ثنائية فتحاوية حمساوية في منطق التفاهم وتشكيل حكومة ونذهب إلى حوار وطني شامل برعاية مصر لتطوير وحدة مفهوم للحل ولشكل الصدام مع الاحتلال ولشكل الدولة القائمة على التعددية السياسية ونظام واحد وسلاح واحد".
واعتبر الرجوب أن نتنياهو يتصرف وكأنه "سيد الإقليم" و"الضابط الاستراتيجي" الذي يتحكم في إيقاع المنطقة، وينفذ أجنداته بالإرهاب والقتل.
وأشار إلى أن أولويته هي "إنهاء فكرة الدولة الفلسطينية"، مع وجود أجندات خفية وراء ذلك. ورغم ذلك، أكد أن اللقاءات بين فتح وحماس قد أرست أرضية مشتركة يمكن أن تشكل "رافعة" لمشروع الدولة الفلسطينية.
وأضاف: "إن لم نتوحد، فلن يساعدنا أحد". كما وجه رسالة إلى العالم العربي قائلاً: "نحن أسياد أنفسنا ونحن من يقرر مصيرنا".
الاحتكام إلى صندوق الاقتراع
ويرى الرجوب أن على الأطراف الفلسطينية إجراء "مراجعة ذاتية" تُمكّنها من التوافق حول مصلحة فلسطين، معتبرًا أن الفلسطينيين يجب أن "يعيدوا صياغة مستقبلهم من خلال الشرعية الفلسطينية" وأن يؤسسوا "لصيغة تنهي الانقسام على أساس شراكة يمكن للعالم التعامل معها بإيجابية".
ويعبّر الرجوب عن تفاؤله، داعيًا إلى "بداية تنطلق من أرضية مشتركة بين فتح وحماس"، مؤكدًا أن توفير أسباب الصمود للشعب الفلسطيني يجب أن يكون "أولوية" بالنسبة للعالم العربي.
كما شدد على ضرورة "الاحتكام إلى صندوق الاقتراع"، مؤكدًا أن فتح لن تعود إلى النظام السابق الذي يقوم على قيادة فردية. وقال: "لن يكون هناك رئيس للشعب الفلسطيني سوى من خلال صندوق الاقتراع".
ويؤكد: "أولويتنا هي انتهاز هذه الفرصة التاريخية لإنهاء الانقسام الفلسطيني"، لافتًا إلى أن ممارسات الاحتلال "أصبحت عبئًا حتى على حلفاءه". وأعرب عن أمله بأن "ترتقي الفصائل الفلسطينية إلى مستوى حسم المسألة بأن لا خيار أمامنا سوى الاستفادة من التحوّل العالمي "لنكون شعب واحد نعيش على أرض واحدة لأن قضيتنا قضية دولة واستقلال".
الشأن الداخلي في فتح
وفيما يخص الشأن الداخلي لحركة فتح، يؤكد أمين سر اللجنة المركزية للحركة أنه "لا توجد مشكلة داخلية جوهرية"، موضحًا أن الحركة "تواجه أزمات شأنها شأن أي حركة تحرر، مما يستدعي النقاش والمراجعة".
وفيما يتعلق بالأعضاء المفصولين، أشار الرجوب إلى أن اللجنة المركزية اتفقت بالإجماع على أن كل من لم يرتكب جريمة ضد فلسطين، ولم يسيء لها من خلال دوره في الحركة، ولا يمثل امتدادًا لأي جهة خارجية، يمكنه العودة إلى صفوف الحركة. وأضاف: "هذه ستكون الأرضية المشتركة" التي تجمع جميع الأعضاء في الحركة.
كما دعا الرجوب الأعضاء المفصولين للعودة إلى صفوف حركة فتح، مشيرًا إلى أن "من لديه مشكلة قضائية لن يعود إلا عبر القضاء".
وأكد الرجوب: "لا أحد يملي علينا شيئًا، وما زلنا أحرارًا"، مشددًا على أن حركة فتح تتمسك بثلاثة مبادئ أساسية: "الدولة الفلسطينية هي الحل، منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ونحن من نصلحها ونعيد بناءها داخليًا"، بالإضافة إلى التمسك بالقرار الوطني الفلسطيني المستقل. وأشار إلى أن حركة فتح تعتبر نفسها "حركة وطنية مناضلة تؤمن بالتعددية السياسية"، لافتًا إلى أن اللجنة المركزية للحركة عقدت سلسلة من الاجتماعات منذ بدء العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة.
كما أوضح الرجوب أن حركة فتح ترى في هجوم السابع من أكتوبر الذي نفذته حركة حماس وفصائل فلسطينية ضد مواقع إسرائيلية في غلاف غزة "ردة فعل وخطوة دفاعية عن الشعب الفلسطيني وقضيته". وأكد أن أولوية الحركة في هذه المرحلة هي "وقف العدوان، تقديم الإغاثة، منع التهجير، والاستفادة من هذه المأساة كفرصة لتعزيز الوحدة الداخلية".