الأربعاء 18 Sep / September 2024

الاحتقان السياسي في ليبيا.. هل يلين موقف الدبيبة ويسلّم بالأمر الواقع؟

الاحتقان السياسي في ليبيا.. هل يلين موقف الدبيبة ويسلّم بالأمر الواقع؟

شارك القصة

تناولت حلقة "للخبر بقية" تعقيدات المشهد الليبي في ظل مسار تشكيل حكومة جديدة (الصورة: غيتي)
يتفق الشرق والغرب على أن الدبيبة استوفى مهام منصبه، فتعيين فتحي باشاغا خلفًا له يعكس توافقًا بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب.

يستمرّ الاحتقان السياسي في ليبيا بعد أيام على اختيار مجلس النواب فتحي باشاغا لرئاسة الحكومة الجديدة، في الوقت الذي يؤكد فيه عبد الحميد الدبيبة موقفه الرافض لهذه الخطوة، داعيًا إلى الانخراط في ما يسمّيه عودة الأمانة إلى الشعب.

ويقول الدبيبة إنّه "مقسم" على أنّه لن يسلّم السلطة إلا بعد انتخابات رئاسية، فيما يرى كثيرون أنّه يطمح لخطّ مسار سياسي بدأ قبل نحو عام بانتخابه من قبل ملتقى الحوار الليبي رئيسًا لحكومة الوحدة وفق صيغة التوافقات السياسية في البلاد.

إزاء ذلك، تُطرَح العديد من علامات الاستفهام حول كيفية الخروج من هذا التأزم من دون حصول تدهور أمني، وهل يلين موقف الدبيبة تسليمًا بالأمر الواقع على ضوء موقف المجلس الأعلى للدولة، والمستشارة الخاصة للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز.

وأبعد من هذا وذاك، ما هي الآليات الضامنة لإجراء الانتخابات وتنفيذ خارطة الطريق التي أقرّها مجلس النواب الليبي؟

"توافق" بين الشرق والغرب

هكذا، توالت الأحداث في ليبيا من جديد في الأيام الأخيرة، منذ إعلان الدبيبة عن تعرّضه لمحاولة اغتيال "واضحة"، وذلك قبل ساعات فقط من مضيّ مجلس النواب في طبرق باختيار وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا "بديلًا" له.

وبعدما كان المجلس الأعلى للدولة داعمًا للدبيبة في المرحلة السابقة، يبدو أنّ الأمر مختلف الآن، حيث لا يوافق رئيس المجلس خالد المشري رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ما يمضي إليه، وإنما يوافق على ما ذهب إليه مجلس النواب.

ويعتبر المجلس الأعلى للدولة أنّ قرار مجلس النواب يستند إلى نصّ قانوني في المادة الثانية من الاتفاق السياسي أن تكون مدة حكومة الوحدة أقصاها 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وفي السياق نفسه، يتفق الشرق والغرب على أن الدبيبة استوفى مهام منصبه، فتعيين فتحي باشاغا خلفًا له يعكس توافقًا بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، بحسب ما يقول المشري.

لكن الدبيبة لا يرى ذلك، ويريد البقاء إلى حين تحديد موعد الانتخابات التي عدّ لها وغيره عدّة المأمول في الفوز.

مجلس النواب يجسّد "القوة القاهرة"

يرى الأكاديمي والباحث السياسي يوسف البخبخي "أننا إزاء لحظة تحكمها ثنائية تضاد"، مشيرًا إلى أنّ "إرادة البقاء تتصارع مع إرادة التغيير".

ويعتبر في حديث إلى "العربي"، من طرابلس، أنّ "ما قام به مجلس النواب من إعلان خارطة الطريق هو في حقيقته مشروع للاستمرار في الاستمساك بالسلطة".

ويقول: "نحن كنّا إزاء مسار انتخابي في 24 ديسمبر وتبعًا لتشخيص رئيس المفوضية العليا للانتخابات، فقد حالت قوة قاهرة دون حدوث هذه الانتخابات في موعدها".

ويرى أنّ "المسؤول عما حصل هو مجلس النواب الذي يجسّد القوة القاهرة التي حدّدها رئيس المفوضية".

ويشدّد على أنّ "الدبيبة يرتكز على خارطة طريق ما زالت قائمة وقد تبنتها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي".

ويلفت إلى أنّ "هذه الخارطة تتحدث عن أن نهاية حكومة الوحدة الوطنية هي في 21 يونيو على أن تخرج هذه الحكومة بانتخابات"، مضيفًا: "نحن في حقيقة الأمر إزاء تأزم المسار الانتخابي جراء موقف مجلس النواب".

حكومة الوحدة الوطنية تحوّلت إلى "طرف"

من جهته، يعتبر الكاتب والصحافي بدر شنيبه أنّ حكومة الوحدة الوطنية عندما أتت كانت أهدافها واضحة وهي التمهيد للانتخابات واستعادة الخدمات ووضع العجلة على قطار الاستقرار.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من إسطنبول، إلى أنّ "ما نشاهده اليوم هو تحول حكومة الوحدة الوطنية المشكّلة من مختلف الأطراف إلى طرف جديد في الساحة".

ويرى أنّ "المعضلة بدأت منذ قبل 24 ديسمبر عندما تجاهل المجتمع الدولي وعدة أطراف محلية وضع خارطة طريق بديلة لفشل الانتخابات".

ويلفت إلى أنّ "الزخم والضغط الدولي كان موجَّهًا نحو إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر الماضي من دون وضع السيناريوهات البديلة من تعثر الانتخابات في الحسبان".

ويقول إنّ "زمام المبادرة عاد إلى الأطراف الليبية وتحديدًا إلى المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب اللذين توصلا إلى تسوية سياسية فيما بينهما يطيل عمرهما".

ويقول: "استند هذان الجسمان على الإعلان الدستوري المؤقت وأيضًا قانون إعطاء الثقة للحكومة الذي نصّ أنها تتحول إلى حكومة تصريف أعمال بعد 24 ديسمبر".

الدبيبة يعتمد سياسة "حافة الهاوية"

أما أستاذ الإعلام في جامعة طبرق باهر العوكلي، فيرى أنّ موقف فتحي باشاغا هو "موقف سياسي مناور بامتياز"، موضحًا أنّه "حينما ترتفع أمواج العاصفة السياسية لا بد من الهدوء واتخاذ إجراءات واثقة تحاول بطريقة أو بأخرى ترك المجال للحلول السلمية وللعقلاء وللمتنفذين من مدينة مصراتة لكي يكون لهم الدور الفاعل في إنهاء هذا الخلاف".

ويشير في حديث إلى "العربي"، من طبرق، إلى أنّ "هناك العديد من الأطراف التي دخلت على خط الأزمة سواء من المنطقة الشرقية أو من المنطقة الجنوبية وكذلك العديد من الجهات الدولية الفاعلية التي تدعم بطريقة أو بأخرى الوصول إلى حلول سلمية".

ويشدّد على أنّ الموقف "لا يمكن أن يبقى على حاله نظرًا للتدخلات الدولية والتأييد الكبير الذي حظي به باشاغا بعد تعيينه عبر البرلمان بطريقة شرعية وبمباركة المشري ممثلًا للمجلس الأعلى للدولة الذي يُعتبَر الشريك الثاني في ما يتعلق بالعملية التشريعية واختيار المناصب السيادية في ليبيا".

ويعرب عن اعتقاده بأنّ الدبيبة "يعتمد سياسة حافة الهاوية فهو يصعّد الصراع لأقصى درجة ليعرف ماذا لدى الخصم من تكتيكات يحاول بها تفريغ الموقف من محتواه السياسي والأمني والعسكري".

ويؤكد أنّ الدبيبة كان له حسنات ولحكومته العديد من الأيادي البيضاء، "ولكن هكذا هي لعبة السلطة".

تابع القراءة
المصادر:
العربي