كانت أي بقعة صغيرة محاصرة في غزة قبل العدوان الإسرائيلي على القطاع، قادرة على تلبية الحاجات الغذائية الأساسية. ذلك لأن الحقول والمحاصيل التي وقف عليها الغزيون كانت سخية لدرجة حالت دون احتياجهم لسواهم في الحصول على الكثير من المنتجات الزراعية.
لكن جاء العدوان وجاء معه استهداف الإسرائيليين لغذاء الغزيين وقوتهم، إذ تسببت الصواريخ والمدفعية إلى جانب الطيران في تدمير زهاء 80% من الأراضي الزراعية ومنشآت تربية الأبقار والعجول والماشية المنتشرة في أرجاء القطاع.
وشيئًا فشيئًا، بدأ الغزيون في خسارة أهم الزراعات التي اعتادوها على غرار الزيتون والبلح والحمضيات واللوزيات وأصناف الفوكه إلى جانب العديد من الشتول الحقلية والخضراوات، التي كانت منتشرة على مساحة تقدر بـ150 كيلومترًا مربعًا، أي ما يشكل 41% من مساحة القطاع.
حرمان من المياه والكهرباء
ولم يكتفِ الإسرائيليون بذلك، بل حرموا الغزيين من مصادر المياه والكهرباء اللازمة لإدامة نشاطهم الزراعي، ناهيك عن الأسمدة والأدوية والمبيدات الحشرية في ظل إقفال المعابر، وفي ضوء عدم توفر الأموال اللازمة لاستيراد مثل هذه المنتجات.
ومع كل هذه التحديات، بقي كثير من أبناء القطاع متمسكين بزراعة أرضهم، يبذرونها ويحصدونها رغم المخاطر التي تحدق بهم من كل جانب، فيما اضطر كثيرون إلى النزوح غير ما مرة فلم يعد بمقدور أرضهم احتمال فراقهم وعجزت عن الإنتاج.
ودخل سكان القطاع في مرحلة جديدة من علاقتهم بالغذاء، حينما دخلوا في شبه مجاعة ناجمة عن ضعف المساعدات الدولية وعدم كفاية المبادرات المجتمعية لإطعام نحو مليونَي مواطن.
ويقول أحد المزارعين: "نعيش حالة من انعدام المساعدات، حتى الطائرات التي كانت ترسل المساعدات عن طريق الجو كانت تتسبّب في المشاكل ولم تكن كافية للناس".
والغزيون الذين خبروا حصارًا دام 18 عامًا صدّروا فيها للعالم أفضل منتجات الحمضيات والفراولة وسوى ذلك، يؤمنون بإعادة الحياة إلى حقولهم ومزارعهم، ذلك لأن العدوان الإسرائيلي زادهم حرصًا على التمسك بأرضهم التي بقيت وفية لهم حين تخلّى عنهم غيرهم.
