صبيحة عيد الفطر، تتواصل الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة السودانية الخرطوم ومدينة أم درمان.
وأفادت مراسلة "العربي" درة قمبو، بأن محيط وسط العاصمة الخرطوم خال تمامًا وتُسمع على استحياء أصوات تكبيرات العيد من مكان بعيد للغاية، بينما تطغى أصوات المدفعية والقذائف والرصاص والذخيرة الحية.
وأكدت أن صباح هذا العيد يبدو من أكثر الأعياد كآبة في السودان على الإطلاق، فالمواطنون هجروا منازلهم ولم يتمكنوا من التسوّق في غالبية مناطق الخرطوم أو الاستعداد للعيد.
وقُتل أكثر من 330 شخصًا حتى الآن في الصراع العنيف الذي اندلع مطلع الأسبوع بين الزعيمين اللذين كانا حليفين في مجلس السيادة الحاكم في السودان.
ووقعت أعنف اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم وحولها وفي دارفور، الإقليم الذي لا يزال يعاني بعد صراع طويل انتهى قبل ثلاثة أعوام.
الدعم السريع توافق على "هدنة"
ويأتي استمرار الاشتباكات فيما كانت قوات الدعم السريع أعلنت أنها وافقت على هدنة إنسانية لمدة 72 ساعة تبدأ في السادسة صباح اليوم الجمعة بالتوقيت المحلي.
وأشارت القوات في بيان، إلى أن "الهدنة تأتي تزامنًا مع عيد الفطر المبارك ولفتح ممرات إنسانية لإجلاء المواطنين وإتاحة الفرصة لهم لمعايدة ذويهم".
ولفتت إلى أنها أُجبرت على الدفاع عن النفس للتصدي لما وصفته بأنه "انقلاب قيادة القوات المسلحة"، مؤكدة أنها ملتزمة "خلال فترة الهدنة المعلنة بالوقف الكامل لإطلاق النار".
بدوره، أطل قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في مقطع مصوّر أعرب فيه عن الحزن لهذا المآل، مشيرًا إلى أن "الأمل الدائم يبقى في أننا مع شعبنا العظيم سنتجاوز هذه المحنة ونخرج منها أكثر وحدة وقوة وتماسكًا".
وقال: "إننا على ثقة في تجاوز هذه المحنة بالحكمة والقوة لما يحافظ على أمن ووحدة البلاد، وفي ما يمكننا من الانتقال الآمن للحكم المدني".
وأمس الخميس، كثّف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اتّصالاته الدبلوماسيّة المتعلّقة بالوضع في السودان، وتحدّث خصوصًا مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد قوّات الدعم السريع بهدف التوصّل إلى وقف قصير لإطلاق النار، حسبما أعلن المتحدّث باسمه فيدانت باتيل.
مبادرات في #السودان لمساعدة المحتاجين والمصابين أملا في تفادي كارثة إنسانية pic.twitter.com/kDm73JrWB4
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 21, 2023
واتّصل بلينكن في شكل منفصل بالبرهان وبمحمد حمدان دقلو لحضّهما على "وقفٍ لإطلاق النار وفرضه في كل أنحاء البلاد حتى نهاية عيد الأضحى" أي الأحد.
كما شارك في اجتماع وزاري مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد وشركاء آخرين طالبوا "بالإجماع" بوقف المعارك لمناسبة العيد.
وأشارت وزارة الخارجية الأميركية إلى أنّ الهدنة يجب أن "تخفّف معاناة الشعب السوداني وتمهّد الطريق لوقف إطلاق النار على المدى الطويل".
وأطلق دعوة مماثلة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي يكثّف أيضًا المشاورات الدبلوماسيّة توصلًا إلى وقف للمعارك التي تشهدها البلاد منذ ستة أيام.
وأضاف باتيل: "المجتمع الإقليمي والدولي يتحدّث بصوت واحد للمطالبة بإنهاء العنف، ويطالب بأن يسمع الزعيمان العسكريّان ذلك الصوت".
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية الخميس، أنّ الولايات المتحدة بصدد إرسال عسكريين إلى المنطقة تحسبًا لاحتمال إجلاء طاقم سفارتها في الخرطوم.
"كل منتصر في الاقتتال مهزوم"
ويؤكد مستشار كلية القادة والأركان اللواء محمد الشهاوي، أن ما من حرب دائمة فهي لا بد أن تنتهي، مشيرًا إلى أن الاقتتال الداخلي الحاصل في السودان كل منتصر فيه مهزوم.
ويقول في حديثه إلى "العربي" من القاهرة، إن الحرب هي بين قوات مسلحة ذات رأسين: رأس الجيش الوطني السوداني الذي يعتبر من أقوى 10 جيوش على مستوى إفريقيا وفي الترتيب 75 على مستوى العالم، وقوات الدعم السريع التي تمتلك عددًا كبيرًا من المقاتلين وخبرة كبيرة في القتال في المدن..
ويتدارك بالإشارة إلى أن الطرفين في هذا الاقتتال خاسران، لأن الدم السوداني يراق الآن"، متحدثًا عن مناشدات أطلقها الحكماء من المنظمات الإقليمية والدولية، وكذلك الأمين العام لجامعة الدول العربية من حيث التوصل إلى هدنة خلال أيام العيد تنقلب إلى وقف لإطلاق النار.
إلى ذلك، يعتبر الشهاوي أن الطرفين ينهكان الآن، لا سيما قوات الدعم السريع نتيجة انتهاء الإمدادات وقطع خطوط هذه الأخيرة من قبل الجيش السوداني.
وبينما يشدد على أن مصر والسودان يجمعهما مصير واحد وتاريخ مشترك، يؤكد وقوف القاهرة على مسافة واحدة بين الطرفين.