يتواصل الجدل في الداخل الإيراني بعد استبعاد مجلس صيانة الدستور، المعنيّ بقبول الترشيحات للانتخابات الرئاسية، عددًا من المرشحين البارزين للانتخابات المقرّرة في 18 يونيو/ حزيران المقبل.
ودعا الرئيس الإيراني حسن روحاني المرشد علي خامنئي إلى التدخّل باعتباره الشخص الوحيد الذي يحقّ له دستوريًا إجراء تعديل على قرار مجلس صيانة الدستور، محذّرًا من أنّ غياب التنافس سيُفقِد الانتخابات روحها على حدّ تعبيره.
وتجرى الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية في 18 يونيو/ حزيران، لاختيار خلف للمعتدل روحاني الذي لا يحق له دستوريًا الترشح هذه المرة بعد ولايتين متتاليتين في منصبه.
وتخول القوانين المرشد الإيراني، صاحب الكلمة الفصل في القضايا الكبرى، إجازة تقدم مرشحين استبعدهم مجلس صيانة الدستور. وسجّل ذلك في حال اثنين من الإصلاحيين لانتخابات 2005.
إبراهيم رئيسي.. "مرشح دون منافسين"
وبدأ الجدل الذي أفرزه قرار مجلس صيانة الدستور يتوسّع في الأوساط المعتدلة، حيث لم تتوانَ صحف إصلاحيّة عن وصف المرشح الأصوليّ إبراهيم رئيسي بأنّه المرشح دون منافسين.
ومع أنّ الانتقادات لم تغب في دورات رئاسية سابقة، إلا أنّها بدت أشدّ هذه المرّة، بعد أن اتّسعت دائرة النقد من مساحة الإصلاحيّين إلى متشدّدين.
وتسعى وجوه أصولية إلى خلق أجواء تنافسية في الانتخابات الرئاسية، لكنها وبعد إعلان أسماء المرشحين باتت تدرك برأي كثيرين أنّ عملية استرجاع كرسيّ الرئاسة من التيار المعتدل لم تعد سوى مسألة وقت.
انتخابات "من لون واحد".. والإصلاحيّون فهموا اللعبة
من جهته، يرى الباحث المتخصّص في الشأن الإيراني نبيل عتوم أنّ انتخابات من لون واحد تجري حاليًا في إيران، مشيرًا إلى أنّ وصول إبراهيم رئيسي إلى سُدّة الرئاسة مسألة وقت.
ويحذّر عتوم، في حديث إلى "العربي"، من أنّ هذا الأمر لن يخدم النظام الإيراني، لا سيما بعد قيام مجلس صيانة الدستور بإقصاء أبرز الأسماء التي ستنافسه، وأبرزهم إسحاق جهانغيري وعلي لاريجاني.
ويعرب عن اعتقاده بأنّ التيار الإصلاحي قد فهم اللعبة السياسية مبكّرًا، فهو لم يزجّ بأسماء قوية لخوض هذه الانتخابات، لافتًا إلى أنّ عوامل عديدة من ضمنها التسريبات حالت مثلًا دون ترشيح وزير الخارجية محمد جواد ظريف.
"أهمّ انتخابات في إيران"
ويلفت الباحث المتخصّص في الشأن الإيراني إلى أنّ هذه الانتخابات تُعتبَر أهّم انتخابات تجري في إيران لعدة أسباب داخلية وخارجية.
ويوضح عتوم أن هذه الانتخابات ستمهّد لما يسمّى بموقع الإرشاد أو وصول مرشد جديد لإيران، شارحًا أنّها قد تمهّد الأرضية لجعل إبراهيم رئيسي يتولى منصب الإرشاد بعد حصوله على شرعية شعبية، ومتحدّثًا عن فرضية ثانية أنها قد تمهد لوصول مجتبي خامنئي نجل مرشد الثورة الذي يرتبط بعلاقات قوية مع إبراهيم رئيسي.
أما على المستوى الخارجي، فيلفت إلى أهمية هذه الانتخابات فيما يتعلق بترتيب علاقات إيران الخارجية على الصعيد الإقليمي والدولي، معتبرًا أنّ وصول شخصية متشددة مثل إبراهيم رئيسي سيوجد ما يسمّى بسعي إيران لإزالة التوتر. ويخلص إلى "أننا سنشهد مزيدًا من التشنج في علاقات إيران الإقليمية".