الانقلابات الإفريقية بين النيجر والغابون.. هل فقدت فرنسا نفوذها؟
من دولة إلى أخرى، يتنقل طيف الانقلابات العسكرية في القارة السمراء، في مشهد يتكرر كثيرًا في إفريقيا ويتجدد اليوم في الغابون.
ففي 30 أغسطس/ آب الماضي، أعلن عسكريون استيلاءهم على السلطة وحل مؤسسات الدولة وإغلاق حدود البلاد حتى إشعار آخر، بينما ظهر الرئيس علي بونغو من مقر إقامته الجبرية مناشدًا العالم التحرك بوجه الانقلابيين الذين اعتقلوا نجله أيضًا.
اختلافات بين النيجر والغابون؟
تلك الأحداث جاءت بعد ساعات قليلة من إعلان فوز بونغو بولايته الثالثة في الانتخابات التي جرت في 26 أغسطس، والتي حصل بحسب نتائجها المعلنة على أكثر من 64% من أصوات الناخبين، في ظل اتهامات من قبل المعارضة بالتلاعب بنتائجها.
لم يمتلك الرئيس المعزول وقتًا للاحتفال بتمديد حكم عائلته المستمر منذ 56 عامًا، إذ اصطدم خلال ساعات بانقلاب أنهى حكمه الوراثي، وحمله مسؤولية الفوضى وتردي الأوضاع الاقتصادية والفقر في بلد غني بالنفط والكاكاو.
ودفع هذا الواقع مئات المواطنين للاحتفال في شوارع عاصمة الغابون تأييدًا للانقلاب العسكري، مع انتشار العديد من اللقطات التي تظهر جنودًا يحتفلون بقائد الحرس الرئاسي الذي بات رئيسًا للمرحلة الانقلابية.
دوليًا، نددت بريطانيا وأميركا وألمانيا والأمم المتحدة بالانقلاب، وعبّرت روسيا عن قلقها من الأحداث، فيما توعد الاتحاد الأوروبي بتدابير معينة وسط دعوات إيطالية لحل دبلوماسي.
أما فرنسا التي تتناثر مصالحها في القارة الإفريقية، فيسود الغموض موقفها مما يجري في الغابون.
فبعد أن توجهت الأنظار إليها باعتبارها الخاسر الأكبر، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن ما يحصل في الغابون مختلف تمامًا عما حصل في النيجر، ليفتح بذلك باب الاحتمالات على مصراعيه، بانتظار ما ستؤول إليه الأحداث المقبلة.
التحالفات في الغابون
في هذا السياق، ترى مديرة البرنامج الإفريقي في مركز الأهرام للدراسات السياسية أماني الطويل أن "ظاهرة الانتقال السياسي في الساحل الإفريقي تشهد أزمة على أكثر من صعيد".
وتشير الطويل، في حديث إلى "العربي" من القاهرة، إلى أن "هناك فروقًا كبيرة بين النيجر والغابون، لكن في النهاية هناك سقوط لسلطات متحالفة مع فرنسا".
وتقول: "قد يكون انقلاب الغابون قد جاء بضوء أخضر فرنسي، بعد أن أصبح علي بونغو مريضًا وسط احتجاجات شعبية ضده".
وتضيف: "الغابون لم يرفع فيها علم روسيا كما حصل في النيجر، ما يعطي مؤشرًا أن التحالفات في الدولة العميقة للغابون لم تتغير".
موجة انقلابات
من جهته، يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس خطار أبو دياب أن "ما يحصل في الغابون مختلف عما جرى في النيجر".
ويوضح أبو دياب، في حديث إلى "العربي" من بيروت، أن "هذا الاختلاف يعني أن إفريقيا مقبلة على موجة انقلابات كما حصل في السبعينيات والثمانينيات".
ويقول: "المصالح الفرنسية في الغابون كبيرة، وسط استفادة باريس من النفط والموارد المعدنية الأخرى هناك".
ويضيف: "لا أعتقد أن فرنسا أعطت الضوء الأخضر للانقلابيين، لكن لا أظن أنها في أزمة معهم كما في النيجر".
دور فرنسي في انقلاب الغابون؟
بدوره، يرى مدير المركز الإقليمي للأبحاث والاستشارات سيد أعمر ولد شيخنا أن "هناك قاسمًا مشتركًا لما يجري في غرب إفريقيا وهو ضعف الدولة وهشاشة السلطة".
ويشير ولد شيخنا، في حديث إلى "العربي" من نواكشوط، إلى أن "الديمقراطية في تلك البلدان هجينة وسط ارتفاع في الوعي الجماهيري والتذمر من الواقع الحالي".
ويلفت إلى أن "هناك طموحات من قبل بعض الضباط في تلك البلاد، في ظل تحفيز من القوى الدولية".
ويقول: "في الغابون هناك دور فرنسي، حيث اتخذت باريس قرارًا بإجراء تحسين وتحصين لنفوذها في القارة الإفريقية كي لا تسقط كل الدول".