الأحد 17 نوفمبر / November 2024

"التدوير".. أداة السلطات المصرية في وجه سجناء إلى "ما لا نهاية"

"التدوير".. أداة السلطات المصرية في وجه سجناء إلى "ما لا نهاية"

شارك القصة

مصر
قرابة 60 ألف سجين سياسي موجودون في السجون المصرية بينهم إسلاميون وعلمانيون وأكاديميون وصحافيون ومحامون وفنانون (غيتي)
ينتقل السجناء في مصر كمتهمين من قضية إلى أخرى، ما قد يؤدي إلى بقائهم في الحبس سنوات طويلة حتى لو صدر قرار بإخلاء سبيلهم في القضية الأساسية التي احتجزوا بسببها.

يواجه السجناء السياسيون المصريون خطر البقاء لسنوات طويلة في السجون المصرية المكتظة، بسبب اتهامات جديدة قد توجهها لهم السلطات الأمنية قبل إخلاء سبيلهم، ما يعني تمديد حبسهم تلقائيا إلى مدة غير معروفة.

وبات الناشطون الحقوقيون والمحامون يطلقون على هذه الظاهرة اسم "التدوير"، في إشارة إلى إعادة توجيه الاتهامات نفسها تقريبًا ولكن في قضايا جديدة، بهدف واضح هو عدم خروج المعتقلين من السجن. وبذلك ينتقل السجناء متهمين من قضية إلى أخرى، ما قد يؤدي إلى مكوثهم في الحبس سنوات طويلة حتى لو صدر قرار بإخلاء سبيلهم في القضية الأساسية التي احتجزوا بسببها.

متى ينتهي "الكابوس"؟

تم توقيف الصحافية سولافة مجدي (33 عامًا) في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019، وزوجها المصور الصحافي حسام السيد، وصديق لهما في مقهى في ضاحية راقية بالقاهرة. وتم توجيه اتهامات للثلاثة بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة.

وفي أغسطس/آب 2020، وجهت إلى مجدي اتهامات في قضية جديدة بإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أثناء وجودها في الحبس في حين لم يكن مسموحًا لها باستخدام أي هاتف داخل السجن. وتقول تغريد زهران، والدة سولافة مجدي التي ترعى ابن الزوجين المحبوسين خالد، "ابنتي (متهمة) في قضيتين الآن وهذا في حد ذاته مصيبة".

وتضيف: "أريد أن ينتهي هذا الكابوس.. نريد أن نفيق منه وأن نعيش حياتنا الطبيعية.. ما نمرّ به غير طبيعي".

وفي مطلع فبراير/شباط، قالت منظمة العفو الدولية إن مجدي أجبرت على إجراء فحص مهبلي ما أدى إلى إصابتها بنزيف حاد وإنه تم تجريدها من ملابسها لتفتيشها وتعرضت لضرب عنيف من حراس السجن.

وتتساءل والدتها: "كيف يمكن أن توضع أمّ في السجن وابنها عمره سبع سنوات؟ إذا استمر الحال هكذا، ستجده مراهقًا عندما تخرج.. قلبي يتمزق عليها طوال الوقت".

لا أفق 

وتقول المنظمات الحقوقية إن قرابة 60 ألف سجين سياسي موجودون في السجون المصرية بينهم إسلاميون، وعلمانيون، وأكاديميون، وصحافيون، ومحامون وفنانون، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة "فرانس برس".

وتخشى مديرة الإدارة القانونية في مركز التحرير لسياسات الشرق الأوسط في واشنطن مي السعدن أن يكون تمديد الحبس الاحتياطي "إجراء عقابيًا" تلجأ إليه السلطات لإسكات المعارضين منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في العام 2014. وبحسب القانون المصري، يمكن أن يستمر الحبس الاحتياطي لمدة عامين.

وتقول السعدني: "يمكن لسجين يتوقع أن يتمّ الإفراج عنه بعد انتهاء فترة حبسه الاحتياطي أو على الأقل إحالته إلى القضاء وبدء محاكمته، أن يتعرض في الواقع لإعادة تدوير الاتهامات الموجهة إليه في قضايا جديدة بدون حدود"، مضيفة: "لا نهاية في الأفق". وتشعر السعدني بالقلق على السجناء المحبوسين وفقًا لهذا النظام الذي لا توجد آلية قانونية للاعتراض عليه.

وتقول السعدني: "أصبح طبيعيًا أن يتم حبس المتهمين احتياطيًا بعد توقيفهم بدلًا من إخلاء سبيلهم إلى حين محاكمتهم، كذلك أن يُمنع المحامون من الاطلاع على ملفات القضايا والأدلة والتحقيقات، ويتم تمديد الحبس الاحتياطي".

سنوات ضائعة

وأنهى عبد الرحمن طارق (26 عامًا) في بداية الشهر الجاري، إضرابًا عن الطعام في السجن استمر 53 يومًا بعد تدهور صحته. وكان يحتج على إعادة توجيه اتهامات إليه في قضايا جديدة بعد إخلاء سبيله. وقال أحد أفراد أسرته لوكالة فرانس برس: "عندما رأيته في السجن، كانت حالته متدهورة جدًا، لكنه كان مصرًا على أن يكمل لأن ما يحصل له ظلم وهو غير قادر على أن يعيش هكذا".

وكان يفترض أن تنتهي فترة احتجاز طارق أو "موكا"، كما يسمّيه عارفوه، في أكتوبر/تشرين الأول. ولكن بدلًا من أن ينعم بالحرية، تم توجيه اتهامات جديدة إليه بنشر أخبار كاذبة عن فيروس كورونا والانضمام إلى جماعة إرهابية. وقبل ذلك، صدر قرار في مارس/آذار 2020 بإخلاء سبيله، ولكن القرار لم ينفذ.

وقال عضو أسرة موكا إن الأخير روى أنه تعرّض للتعذيب على أيدي حراس السجن وشملت تعليقه من سقف الزنزانة وصعقه بالكهرباء في أعضائه التناسلية وحبسه انفراديًا. وأمضى موكا في الإجمالي ست سنوات في السجن في قضايا مختلفة.

ويقول قريبه: "موكا قوي منذ أن كان صغيرًا، ماذا يمكن أن يفعل الإنسان إذا وضع في مثل ظروفه إلا أن يقاوم، سنوات شبابه ضائعة في السجن".

تابع القراءة
المصادر:
أ ف ب
Close