ضبطت قوات أمن طبرق شرقي ليبيا 287 مهاجرًا مصريًا بطريقة غير نظامية، بينهم 90 طفلًا في وضع إنساني صعب داخل أحد المخازن،
واشتكى المهاجرون وعلى نحو خاص الأطفال، من المعاملة غير الإنسانية التي كانوا يخضعون لها، علاوة على حرمانهم من التواصل مع العالم الخارجي من خلال مصادرة هواتفهم، بجانب أموالهم ومتعلقاتهم الشخصية.
ويكاد خط الهجرة غير النظامية يكون الوجه الثاني لعمالة الأطفال والقصّر، فهؤلاء بدل أن يكونوا سندًا لأسَرهم داخل مصر، تدفعهم ظروفهم الصعبة إلى خارجها، ويشدّهم الحلم إلى مستقبل أفضل وأجمل بغضّ النظر عن المخاطر.
وتفاعلت القضية بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بمحاربة شبكات التهريب والإتجار بالبشر، ونشر الوعي المجتمعي بشأن عمليات الاستغلال التي يتعرض لها المهاجرون.
ويعتبر المرصد أن المسؤولية مشتركة، ما بين الحكومة المصرية لناحية تشديد رقابتها على هذه الشبكات وإحباط عملها، والأسرة التي يفترض ألا تسمح لأطفالها باختيار طريق الموت.
ظاهرة الهجرة غير النظامية من مصر تتوسّع
ويؤكد المحامي والباحث المتخصص في شؤون الهجرة وحقوق اللاجئين محمد الكاشف أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها ضبط مهاجرين مصريين غير نظاميين يعبرون الحدود البحرية من ليبيا خلال العامين الماضيين، موضحًا أنّ هذه الظاهرة ازدادت بشكل كبير بعد أزمة تفشي وباء فيروس كورونا عام 2019.
ويقول الكاشف، في حديث إلى "العربي" من العاصمة الألمانية برلين: إن مصر هي ثاني أكثر الدول التي يصل منها لاجئون غير نظاميين إلى إيطاليا التي تعد وجهة للمهاجرين بتلك الطريقة، فيما تعد تونس الأولى، كما أن المهاجرين المصريين غير النظاميين يشكلون نسبة 12% من إجمالي الوافدين بالطريقة ذاتها إلى أوروبا.
وطبقًا للإحصائيات الحكومية الإيطالية، يكشف الكاشف أنه خلال العام الجاري وحتى 31 أغسطس/ آب المنصرم، وصل 9982 مصريًا السواحل الإيطالية، فيما وصل 11742 تونسيًا.
ما الأسباب؟
من جانبه، يرى الباحث في الأمن الدولي محمد سعد، أنه في ظل الأزمات الاقتصادية وانعدام العدالة في توزيع الثروات، فإن فكرة الهجرة ستبقى محفزًا للكثير من المواطنين معدومي الدخل، أو من الفئات المهمشة اجتماعيًا.
وبعيدًا عن دور الحكومات، أشار سعد خلال حديثه إلى "العربي" من براغ، إلى دور كبير يقع على عاتق الأسر، في استخدام الأطفال باعتبارهم شكلًا من أشكال الاستثمار المستقبلي.
ويلفت إلى أن أغلب المهاجرين في الآونة الأخيرة هم من المحافظات الأكثر فقرًا بمصر، كأسيوط، والصعيد وغيرها، حيث يبلغ عدد السكان الرازحين تحت خط الفقر حوالي 66% وفقًا للأرقام الرسمية المصرية، كما أوضح سعد.
المجتمع المدني في مصر
أما مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية، محمد حامد، فيشير إلى أن مصر استفادت عبر الشراكة مع أوروبا في قضايا الهجرة غير الشرعية، في بعض البرامج الخاصة لمكافحة تللك الظاهرة، والتي تقدمها وزارة الشباب، وبعض المنظمات الحكومية.
ويرى حامد في حديث إلى "العربي"، من القاهرة، أنّ مصر قامت بما عليها على المستوى "الشكلي"، في تطبيق الاتفاقات الدولية، لكن على المستوى العملي فثمة عراقيل كبيرة.
ومن أبرز هذه العراقيل، بحسب حامد، انحسار دور المجتمع المدني، في ظل إقرار تشريعات لمكافحة تلك الظاهرة، دون القدرة على التطبيق إلا من خلال الحل الأمني سواء عبر إغلاق الحدود، أو تشديد العقوبات.