تنطلق مباريات المجموعة الخامسة في مونديال قطر 2022 يوم الأربعاء المقبل في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بلقاء سيجمع منتخبي ألمانيا واليابان على استاد خليفة الدولي، فيما يلتقي مساء اليوم نفسه منتخبا إسبانيا وكوستاريكا على أرض استاد الثمامة.
لكنّ هذه المجموعة التي توصَف بـ"النارية" ستحبس الأنفاس في كأس العالم قطر 2022 من الدور الأول، إذ ستشهد ما يصحّ وصفه بـ"النهائي المبكر"، من خلال اللقاء المنتظر بين "عملاقي" الكرة الأوروبية ألمانيا وإسبانيا، في مواجهة قد يُبنى الكثير عليها، لرسم "مسارات" المونديال بالمطلق.
وإذا كانت المجموعة الخامسة ستشهد على "قمّة" مباريات الدور الأول بين الماتادور الإسباني الذي يحمل في جعبته كأس عالم وحيدًا، والماكينات الألمانية المتوّجة على عرش العالم أربع مرّات، فإنّها تستقطب الاهتمام أيضًا لكونها تضمّ في صفوفها منتخبًا آسيويًا صاعدًا بقوة، وآخر من أميركا الشمالية حقق مفاجأة مدوية في مونديال 2014.
وللمزيد من القراءة حول السيناريوهات والمسارات المتبعة، تسلط هذه الحلقة من برنامج "أبطال الثمانية" الذي أطلقه "أنا العربي" مواكبة للمونديال، الضوء على المجموعة الخامسة من مونديال قطر 2022، والتي تتنافس فيها منتخبات ألمانيا وإسبانيا واليابان وكوستاريكا.
ألمانيا.. مدرب "لا يعرف الرحمة"
لا شكّ أنّ مباراة القمة ستكون بمثابة نهائي قبل الأوان بين مدرستين متقاربتين في فلسفتهما الكروية، حيث تواجه التيكي تاكا الإسبانية، الأسلوب المعتمد على الاستحواذ، والتمريرات القصيرة والحركة بدون كرة، المدرسة الألمانية صاحبة الضغط الشرس والقوة البدنية.
وتعود آخر مباراة جمعت المنتخبين إلى عام 2020، وقد فازت فيها إسبانيا بنتيجة (6-0)، في هزيمة تعدّ الأكبر في تاريخ الماكينات الألمانية، وقد شكّلت صاعقة ضربت الألمان، وكتبت نهاية رحلة المدير الفني يواكيم لوف، كما جاءت بعد الخروج المبكر من الدور الأول في مونديال 2018 للمرة الأولى للألمان منذ 60 عامًا.
يذكر أنّ لوف الذي حقق مونديال 2014 رحل رسميًا عقب نهاية يورو 2021، فتولى هانس فليك منصب المدير الفني خلفًا له بعد حصد دوري الأبطال مع بايرن ميونخ عام 2020، وهو رجل متجهم، لا يبتسم حتى في أسعد لحظاته.
ويقول البعض إنّ المدرب فليك "لا يعرف الرحمة"، علمًا أنه أبعد أسماء كبرى عن المنتخب وأعطى الفرصة لعناصر شابة وواعدة أمثال موسيالا، وهافيرتز، وغنابري، إضافة إلى عناصر الخبرة، على غرار نوير ومولر وكيميتش وساني.
يرى البعض أن فليك قادر على إعادة تشغيل الماكينات باعتماده على خطتي (4-2-3-1) و(4-3-3)، بحسب اختياره لغوندوغان كبديل أو الدفع به أساسيًا.
ولكن ثمة من يحذر من تكرار سيناريو 2018 في غياب مهاجم مخضرم يمكنه صناعة الفارق للألمان، وكذلك الضعف الواضح في الأظهرة وقلبيّ الدفاع.
الماتادور و"ثورة إنريكي"
في المقابل، ستدخل إسبانيا بذكريات المباراة الأخيرة التي جمعت المنتخبين والثورة التي يقودها مدربهم لويس إنريكي صاحب الخماسية التاريخية مع فريق برشلونة والابن المخلص لأسلوب التيكي تاكا والذي ظهر مردوده سريعًا على المنتخب الإسباني من حيث سرعة التحولات والارتدادات والجمل التكتيكية.
وقد ساعد إنريكي في ذلك اعتماده على عناصر شابة وواعدة مثل فاتي، وغافي، وبيدري، وتوريس، ونيكو ويليامز، وكذلك قراراته الثورية وأبرزها بالاعتماد على حارس أتليتكو بيلباو أوناي سيمون بديلًا لحارس اليونايتد دي خيا.
لكن أسئلة وثغرات عديدة ربما تُرهق ذهن إنريكي بينها المفاضلة بين لاعبي الوسط بوسكيتس ورودري، فالأول يفهم فلسفته جيدًا ولعب معه لسنوات في برشلونة لكنه يعاني من تقدم العمر وتراجع المستوى مؤخرًا، فيما يعيش الثاني أزهى عصوره في مانشيستر سيتي تحت قيادة بيب غوارديولا.
إضافة إلى ذلك، يتقدم السؤال الأبرز حول اعتماد إنريكي على الظهير الأيسر جوردي ألبا الذي تراجع مستواه بشدة وخسر مكانه الأساسي في برشلونة وكذلك افتقاده لمهاجم مخضرم مثل ديفيد فيا، وكلها أسئلة ستحدد مدى قدرة المنتخب الإسباني في استعادة مجده.
اليابان.. حسابات خارج الكومبيوتر
إلى الفريق الثالث في هذه المجموعة وهو المنتخب الياباني، الذي يشتهر في عالمنا العربي بلاعبيه ناكاتا وهوندا صاحبَيْ الصولات والجولات في الدوري الإيطالي، وكذلك الهداف التاريخي لليابان كونشيجي كاماماتو بـ80 هدفًا.
وبات الكمبيوتر الياباني رقمًا صعبًا في الكرة الآسيوية بعدما أصبح ضيفًا دائم الحضور في المونديال منذ عام 1998.
ورغم أن كرة القدم لم تنتشر على نطاق واسع في اليابان سوى مع نهاية ثمانينيات القرن الماضي، إلا أنها شهدت تطورًا سريعًا سواء على المستوى المحلي أو الدولي.
وتبدو حظوظ المنتخب الياباني ضئيلة في تكرار إنجاز الصعود للدور الثاني الأمر الذي حققه سابقًا 3 مرات، لكن حنكة المدرب هاجيمي مورياسو قد تعطي لهم بعض الأمل خاصة وأنه يعرف قدرات لاعبيه جيدًا.
فقد تولى مورياسو مهمة تدريبهم منذ 4 سنوات، واعتمد على محترفين في أبرز البطولات الأوروبية بينهم الحارس كوشيما، ومدافع أرسنال تومياس، ومتوسط ميدان شتوتغارت إيندو، والموهبة الصاعدة كوبو.
هل تكرّر كوستاريكا مفاجأة 2014؟
أما المنتخب الكوستاريكي فيُعتبَر بلا شكّ أضعف حلقات المجموعة الخامسة، علمًا أنّه وصل إلى المونديال للمرة السادسة بعد مشوار صعب ومباراة فاصلة أمام نيوزيلندا ليكون آخر الواصلين إلى قطر 2022.
إلا أنّ فرحة التأهل لم تدم طويلًا بعد وقوعه في تلك المجموعة النارية، لكنه يحلم بتكرار مفاجأة مونديال 2014 حين بلغ الدور ربع النهائي بعد الفوز التاريخي على إيطاليا في مشاركة وُصفت بـ"الملحمية"، وتمكنه من تجاوز مجموعة ضمت إيطاليا والأوروغواي وإنكلترا، لتصنع كوستاريكا المفاجأة وتتصدر تلك المجموعة.
لكن فرصتها في تكرار هذا الإنجاز قد تكون شبه مستحيلة في ظل اعتماد مدربها المخضرم لويس غوزمان على تشكيلة من اللاعبين المحليين بجانب بعض المحترفين أبرزهم حارس باريس سان جيرمان كيلور نافاس، ولاعب فريق كونيا التركي، فرانشسكو كالفو، والمهاجم السابق لنادي أرسنال جويل كامبل، إضافة إلى أوسكار دوارتي لاعب فريق الوحدة السعودي.
على الورق يبدو التأهل محسومًا في المجموعة الخامسة "النارية" لعملاقي أوروبا إسبانيا وألمانيا، بينما سيكون الصراع على حجز المركز الأول لتجنب مواجهة المنتخب البلجيكي في الدور الثاني.
لكنّ المفاجأة قد تأتي من اليابانيين الذين يتربصون بمنافسيهم، كما ستحاول كوستاريكا حفظ ماء الوجه وضمان خروج مشرّف على الأقل.
وحتى تقول الملاعب كلمتها النهائية بعد صافرة انطلاق المنافسات، يمكن الاطّلاع على كل ما تحتاجون معرفته عن المجموعة الخامس، في الفيديو المرفق من برنامج "أبطال الثمانية".