كشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في أحدث تقرير لها أن النظام السوري قتل منذ مطلع العام الجاري مئات السوريين من النساء والرجال والأطفال، بعد أن أخفاهم قسريًا في سجونه.
واللافت في الموضوع، أن الدوائر الرسمية التابعة للنظام حسب التقرير لم تخبر ذوي المختفين عن مصيرهم المؤلم.
أحكام بالإعدام
وكانت قوات النظام قد اعتقلت الكثير من المختفين قسريًا بين عامي 2012 و2014، وهي الفترة الأبرز والتي شهدت أكبر موجة اختفاء في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام.
وأشارت الشبكة الحقوقية إلى أنها حصلت على وثائق تثبت وفاة 15 طفلة و19 امرأة هذا العام فقط.
"أنتوا قتلتونا وضحكتوا علينا باسم القضية الفلسطينية".. شقيق #وسيم_صيام، أحد ضحايا #مجزرة_التضامن من الفلسطينيين، يوجه كلمة للنظام السوري عبر شاشة التلفزيون العربي #وثائقيات_العربي #حفرة_الموت #سوريا pic.twitter.com/IiQbeGsV5g
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) June 14, 2022
من جهتها، أعلنت وكالة رويترز أنها اطلعت على 80 وثيقة أظهر بعضها وفاة طفلتين، إحداهما في الثالثة من العمر والأخرى في السادسة.
كما أن معظم بيانات الوفاة أظهرت أنها حصلت في مستشفى تشرين العسكري أو محكمة الميدان العسكرية في دمشق، ما يشير إلى أن الشخص حكم عليه بالإعدام، وفق الشبكة.
الذاكرة السورية الحية
وفي سوريا، تبدو علاقة الاختفاء القسري منسجمة مع الاعتقال السياسي، الذي يرتقي ليكون قطعة من الذاكرة السورية الحية منذ عقود طويلة.
فمنذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا أخفى النظام السوري الآلاف.
وعندما يحرك العالم ذاكرته قليلًا ويحاول تسليط الضوء على ضحايا الاختفاء القسري، لا يملك أحد، بمن فيهم أولئك الذين يحفرون في السجلات والدفاتر القديمة بحثًا عن أمل في الوصول إلى نفس واحد، سوى الاكتفاء بمطالبة مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بإصدار قرار يدين قتل النظام السوري للمختفين لديه، ويحمله مسؤولية الكشف عن مصيرهم فقط.
أهمية التقرير الجديد
في هذا السياق، يوضح مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني أن "النظام بدأ بالكشف عن مصير بعض المختفين عام 2018، عبر دوائر السجل المدني".
ويلفت عبد الغني في حديث إلى "العربي" من لوسيل، إلى أنه منذ تلك الفترة، "تأكدنا من مقتل 1060 شخص في السجون".
ويشير عبد الغني إلى أن "لدى النظام السوري 96 ألف مختفٍ قسريًا، وأهمية التقرير الجديد تكمن في كشف 567 شهادة وفاة جديدة، حيث لم يكن يعلم أحد أن هؤلاء الأشخاص قد قتلوا".
ويقول: "الأمر الأساسي أن هذه الوثائق، والمرتبطة بأشخاص فاعلين في الثورة، ساعدتنا على اكتشاف حالات لم يكن أحد يعرف عنها شيئًا".
تدويل القضية
من جهته، يشير أحد مؤسسي رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا دياب سرية إلى أن "هذه التقارير تؤكد صحة الاستنتاجات بأن النظام لديه آلة حرب وهي الإخفاء القسري، والهدف منها تطويع الشعب وقمع الثورة وأي نشاط سياسي معارض".
ويعتبر سرية في حديث إلى "العربي" من خرونكين في هولندا، أن "التقارير الصادرة تشمل مطالب من العائلات بتدويل قضية الاختفاء القسري ليتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته".
ويقول: "يعمل النظام على قمع محاولات كشف مصير المختفين، والمجتمع الدولي لا يقوم بما يكفي في ملف هؤلاء".
ويضيف: "التقرير الجديد يأتي ليضع الدول عند مسؤولياتها ويناصر قضايا المختفين قسريًا، ونأمل أن تساعد التقارير الأهالي بتدويل القضية".
سياسة تعسفية
بدورها، توضح مديرة منظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي" سارة لي ويتسن أن "النظام السوري يعتمد سياسة تعسفية تجاه شعبه، وهذا يظهر في رفضه إعطاء معلومات عن المفقودين في السجون".
وتشير لي ويتسن، في حديث إلى "العربي" من نيويورك، إلى أن "الغرض من إخفاء المواطنين هو ممارسة أكبر ضغط ممكن على الشعب السوري".
وتقول: "ما يحصل أمر صادم وسيئ والحكومة السورية احتفظت بمعلومات بشكل سري لأكثر من 10 سنوات في بعض الحالات".
وتضيف: "الأدلة ماثلة أمام أعيننا والنظام جلب الخراب والدمار والموت للشعب السوري".