الأربعاء 4 Sep / September 2024

الموت حرقًا أو غرقًا.. شهادات ناجين من لهيب نيران هاواي المرعبة

الموت حرقًا أو غرقًا.. شهادات ناجين من لهيب نيران هاواي المرعبة

شارك القصة

مشاهد تُظهر شكل جزيرة ماوي في هاواي قبل وبعد الحرائق المدمرة (الصورة: اسوشييتد برس)
في لحظة، بدا أنّ الجزيرة تحوّلت إلى منطقة حرب، وبدأ الناس بالصراخ والقفز مع أطفالهم إلى سياراتهم في محاولة للهرب.

كانت الساعة الثالثة والنصف من مساء الثلاثاء الماضي، عندما بدأ سكّان بلدة لاهاينا في جزيرة ماوي معركة يائسة من أجل إنقاذ حياتهم. لم يكن لديهم سوى لحظات لاتخاذ قرار بين الموت أو الحياة في سباق مع النيران، في واحدة من أكثر الكوارث الطبيعية المروّعة والفتّاكة التي شهدتها الولايات المتحدة منذ سنوات.

لم تكن هناك صافرات إنذار ولا مكبّرات صوت، ولا أحد يُخبر الآخرين بما يجب فعله. لقد كانوا بمفردهم مع عائلاتهم وجيرانهم، حيث أعماهم الدخان الكثيف بينما حاصرتهم ألسنة اللهب من كل اتجاه وانفجرت السيارات وسقطت خطوط الكهرباء واقتُلعت الأشجار.

وفي لحظة، بدا أنّ الجزيرة تحوّلت إلى منطقة حرب، وبدأ الناس بالصراخ والقفز مع أطفالهم إلى سياراتهم في محاولة للهرب.

وأكدت السلطات أنّ حوالي 100 شخص لقوا حتفهم، مما يجعلها أكثر حرائق الغابات دموية في الولايات المتحدة منذ أكثر من قرن، مع ترجيحات بارتفاع عدد الضحايا.

وقبل 10 دقائق فقط من ابتعاد مايك سيشينو عن شارعه، أصدر مسؤولو الإطفاء في ماوي تحذيرًا يُنذر بالأسوأ، يُفيد بأنّ الرياح غير المنتظمة، والتضاريس الصعبة، والجمر المتطاير، جعلت من الصعب التنبؤ بمسار الحريق وسرعته.

وقُطع الطريق السريع الرئيسي الوحيد المؤدي إلى المدينة، بسبب المتاريس التي أقامتها السلطات.

على بعد بضعة شوارع، قالت كيهاو كاواي لوكالة أسوشييتد برس: إنّ الرياح كانت شديدة لدرجة أنها مزّقت سقف المنزل. وأضافت أنّ "الرياح بدت كالإعصار. وفي غضون لحظات، اجتاحنا الدخان وبدا النهار وكأنه يتحوّل إلى ليل".

عندها، لم يعد بإمكان كاواي رؤية المباني. وكان كل شيء ينفجر كما لو أنّها ألعاب نارية. ولم تكن تتخيّل أبدًا أنّها لن ترى منزلها أو أي شيء فيه مرة أخرى.

حوالي الساعة الرابعة مساءً، امتلأت الشوارع بالسيارات، كان المارّة يسحبون الأشجار المحترقة من الطريق بأيديهم العارية، بينما كان الحُطام يطير في الهواء بسبب الرياح.

كان السكان يعيشون حالة من الذعر والبكاء والصراخ، بينما تعالت أبواق السيارات.

قاد بيل ويلاند دراجته النارية على أرصفة الشوارع المزدحمة، حيث كان يشعر بالحرارة تحرق ظهره. وقال لوكالة أسوشييتد برس: "شعرت أن الشعر يحترق من مؤخرة رقبتي".

"فخ الموت"

كان السكان يتركون السيارات ويهربون سيرًا على الأقدام، وكان الدخان كثيفًا جدًا وسامًا للغاية لدرجة أنّ عددًا من السكان بدأوا بالتقيؤ.

قرر مايك سينشو وزوجته مغادرة السيارة مع كلابهما والهرب من أجل الحفاظ على حياتهم لكنّهما لم يعرفا في أي اتجاه يذهبان.

وقال: "كنّا نسير في فخ الموت. كانت النيران تُحيط بنا من كل اتجاه. اعتقدت أنّها النهاية، فاتصلت بوالدتي وأخي وابنتي لأُخبرهم أنني أُحبّهم".

حرائق هاواي

فجأة انفجرت صهاريج الغاز من عربة تموين. كان المشهد أشبه بالحرب، وبدت السيارات وكأنّها قنابل تنفجر. كانت الساعة الرابعة بعد الظهر، لكنّها كانت تبدو وكأنّها منتصف الليل.

يفصل جدار بحري المدينة عن المحيط. وأدرك روكس أنّه وجيرانه يواجهون قرارًا مروعًا: البقاء على الأرض المشتعلة أو الهرب إلى المياه.

وكان البحر غاضبًا وغادرًا حتى بالنسبة للسباحين الأقوياء، حيث كانت الأمواج عاتية بسبب الرياح.

وقال روكس: "كنت أمام خياري الاحتراق أو القفز والغرق. فقفزت إلى المحيط".

وكذلك فعل العشرات من بينهم سيشينو وزوجته. وأدرك الآخرون أنّهم بحاجة إلى الفرار، لكن ليس لأنّ المسؤولين أخبروهم بذلك.

وقالت لين روبنسون: "لم يكن هناك أحد لتحذيرنا. لم نر شاحنة إطفاء أو أي شخص".

من جهتها، قالت آن لاندون إنّ حرارة الهواء الساخن الذي شعرت به تجاوزت الـ100 درجة، ولم تكن تعرف إلى أين تذهب، حتى أنّها سألت عنصر شرطة إلى أين تتوجّه، إلا أنّه لم يكن يعرف ماذا يقول، متمنيًا لها التوفيق.

وأضافت لاندون أنّ "السماء كانت سوداء، والجمر يتطاير فوقنا. لم نكن نعرف ما إذا كان علينا القفز في الماء".

وفجأة، صاح رجال الشرطة ليرشدونا إلى الطريق. وبينما هرب بعضهم، ظلّ كثيرون آخرون محاصرين على الشاطئ.

حرائق هاواي

خلع سيشينو وزوجته قمصانهما وبللاها بالماء وحاولا تغطية وجوههما. وركضا على الجدار البحري، حيث رأى الجثث ملقاة بجانب الحائط. بينما كان الناس يطلبون النجدة.

وقال: "لم يستطع كبار السن والمعوقون تجاوز الجدار بمفردهم. أُصيب البعض بحروق شديدة، ورفعت أكبر عدد ممكن منه، وركضت حتى تقيأت من الدخان، وتورّمت عيناي".

خلال الساعات الخمس أو الست التالية، تحرّك السكان ذهابًا وإيابًا بين البحر والشاطئ. جلسوا خلف الجدار. وعندما سقطت ألسنة اللهب من السماء، غمروا أنفسهم بالماء.

كوابيس تُراود الناجين

أصدر خفر السواحل الأميركي أول إنذار بشأن الحرائق، عندما تلقّى مركز قيادة البحث والإنقاذ في هونولولو تقارير عن وجود أشخاص في المياه بالقرب من لاهاينا في الساعة 5:45 مساءً.

كان من الصعب رؤية القوارب بسبب الدخان، لكن سيشينو وآخرين استخدموا الهواتف المحمولة لتوجيه الأضواء إلى السفن، وتوجيههم لإنقاذ البعض، ومعظمهم من الأطفال. وفي النهاية، وصلت سيارات الإطفاء وأخرجتهم عبر النيران.

ويطارد هذا الكابوس الناجين. يستيقظ سيشينو ليلًا، نتيجة كوابيس تراوده حول الموتى والكلاب الميتة، ولا يزال اثنان من كلابه في عداد المفقودين، ويتألم بسبب القرارات التي اتخذها: هل كان بإمكانه إنقاذ المزيد من الناس؟ هل كان بإمكانه إنقاذ كلابه؟

تابع القراءة
المصادر:
أسوشييتد برس
تغطية خاصة
Close