يُواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موجة انتقادات واسعة النطاق حتى داخل صفوف حزبه، بعد أن حضر حفلًا يهوديًا في قصر الإليزيه الخميس الماضي.
واعتبر منتقدوه أنّ الرئيس انتهك تاريخ العلمانية الطويل الأمد في فرنسا، لكنّ ماكرون دافع عن خياره قائلًا: إنّ "تقديمه لفتة دينية أو المشاركة في احتفال لا يعني عدم احترام العلمانية".
وشهدت قاعة الاستقبال في قصر الإليزيه الخميس الماضي إضاءة شمعة عيد الأنوار اليهودي (الحانوكا بالعبرية) "تخليدًا لذكرى الإسرائيليين" الذين قُتلوا خلال عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وتسلّم الرئيس الفرنسي جائزة اللورد جاكوبوفيتس السنوية من مؤتمر الحاخامات الأوروبيين (CER)، وهي جائزة لمكافحة معاداة السامية وحماية الحريات الدينية.
وخلال هذا الحدث، أضاء كبير حاخامات فرنسا حاييم كورسيا الشمعة الأولى في شمعدان عيد الأنوار اليهودي الذي يستمر 8 أيام، بينما غنى الجمهور أغاني الحانوكا التقليدية باللغة العبرية.
"خطأ سياسي لا يُغتفر"
وبسبب المبدأ المقدس للدولة الفرنسية المتمثّل في العلمانية، أثار وجود ماكرون في طقوس دينية في مبنى رسمي انتقادات من جميع الجهات، بما في ذلك من بعض الجماعات اليهودية.
وقال يوناثان عرفي رئيس الاتحاد اليهودي الفرنسي (CRIF) الذي حضر الحدث أيضًا: إنّ إضاءة الشمعة "خطأ وما كان ينبغي أن تحدث".
وأضاف عرفي أن "الإليزيه ليس المكان المناسب لإضاءة شمعة الحانوكا، لأنّ الجمهور يصرّ على الابتعاد عن أي مظاهر دينية".
بدوره، أدان بيير هنرييت عضو البرلمان عن "حزب النهضة" الذي يتزعّمه ماكرون، بشدة ما أسماها "التفضيلات الدينية"، مضيفًا: "بهذا الفعل، يكسر إيمانويل ماكرون دوره كضامن لحياد الدولة".
وقال مانويل بومبارد النائب عن حزب "فرنسا الأبية" المعارض اليساري، إنّ ماكرون ارتكب "خطأ سياسيًا لا يُغتفر".
"رئيس لن يفهم فرنسا أبدًا"
من جهتها، شبّهت المشرّعة الاشتراكية ونائبة رئيس مجلس الشيوخ لورانس روسينول الرئيس الفرنسي بـ"طفل في العاشرة من عمره يلعب بمجموعة صغيرة من أدوات كيميائية، ولكن بكبريت وأعواد ثقاب حقيقية".
وفي الوقت نفسه، اعتبر حزب التجمّع الوطني اليميني المتطرف أنّ حضور ماكرون الحدث كان يهدف إلى تعويض غيابه عن مسيرة ضد معاداة السامية في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، الأمر الذي أثار انتقادات للرئيس الفرنسي.
بينما قال المتحدث باسم التجمع الوطني جوليان أودول: "من خلال إضاءة شمعة بمناسبة عيد الحانوكا الديني في الإليزيه، احتقر ماكرون مواطنينا اليهود وفي الوقت نفسه علمانيتنا"، مضيفًا: "هذا الرئيس لن يفهم فرنسا أبدًا".
وتُعد المظاهر الدينية في الأماكن العامة ومن قبل مسؤولي الدولة قضية حسّاسة بشكل خاص في فرنسا، حيث يفصل القانون بشكل صارم بين الدين والدولة منذ عام 1905.
ولا تُعتبر هذه المرة الأولى التي تُنتقد فيها خيارات ماكرون، ففي سبتمبر/ أيلول الماضي، تعرض الرئيس الفرنسي لانتقادات بسبب حضوره قداسًا أقامه البابا فرانسيس في ملعب لكرة القدم في مرسيليا.