انقلاب النيجر يتفاعل.. هل يؤدي إلى صراع إقليمي برعاية دولية؟
في أعقاب اتهامات وجّهها الانقلابيون العسكريون في النيجر لفرنسا بالتحضير لتدخّل عسكري في البلاد، هدّدت السلطات العسكرية الانتقالية في كل من مالي وبوركينا فاسو وغينيا من أي عمل عسكري.
وقالت في بيان موحّد إنّ أي تدخل عسكري في النيجر سيكون بمثابة إعلان حرب على هذه الدول، واصفة العقوبات التي فرضتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" بغير الشرعية، وأنّها موجّهة ضد شعب النيجر.
وتحت اسم حماية الديمقراطية والنظام، توعّدت مجموعة "إيكواس" باستخدام القوة في حال عدم تلبية مطالبها من قبل الانقلابيين بالإفراج الفوري عن الرئيس المعزول محمد بازوم، والعودة الكاملة إلى النظام الدستوري في جمهورية النيجر.
هي مطالب توافقت مع نيجيريا التي أعلنت على لسان قائد جيشها التزامه بالتدخّل العسكري في النيجر بهدف إعادة بازوم إلى منصبه، إذا قرّرت مجموعة "إيكواس" ذلك.
أما فرنسا التي باشرت بإجلاء رعاياها من النيجر، فأكدت ثقتها بعودة الرئيس المُنتخب، لكن دون الكشف عن آليات ذلك.
بدوره، أعلن الاتحاد الأوروبي أنّ "لا أخطار فورية على الطاقة النووية إذا قطعت النيجر إمدادات اليورانيوم".
وأثارت المواقف الغربية التساؤلات بشأن ما إذا كانت تطورات النيجر تُشكّل مظهرًا من مظاهر الصراع الدولي على الثروات في القارة السمراء، بالنظر إلى أنّ أطرافًا أخرى، مثل روسيا والصين، لا تخفي وجودها هناك وإن كانت لم تُظهر موقفًا واضحًا تجاه الانقلابات العسكرية المتتالية.
"آخر معقل للتواجد الفرنسي في إفريقيا"
وفي هذا الإطار، أوضح السفير محمد سالم الصوفي، المدير العام للمعهد الثقافي العربي الإفريقي، أنّ الاهتمام الدولي بانقلاب النيجر ناتج عن كون هذا البلد هو آخر معقل حقيقي للتواجد الفرنسي الكبير في منطقة دول الساحل الإفريقي.
وقال في حديث إلى "العربي"، من نواكشوط، إنّ النيجر تحتضن مناجم مهمة من اليورانيوم، ناهيك عن أن تتابع الانقلابات في القارة السمراء والتغييرات غير الدستورية تجعل السكوت عن هذا الانقلاب بمثابة مباركة له.
كما أشار إلى أنّ النيجر على تماس مباشر مع ظاهرة التطرّف بكل أبعادها، من ناحية الحدود مع تنظيمات "بوكو حرام"، و"تنظيم الدولة"، و"القاعدة".
"حرب دولية"
بدوره، أكد إدريس آيت، الأكاديمي النيجري، أنّ لا أمل في الأفق بانتهاء المحنة في القريب، بدليل النزوح الكبير من المدن إلى الأرياف، وإجلاء الرعايا الأجانب من البلاد.
وقال آيت، في حديث إلى "العربي"، من الكويت، إنّ المخاوف في النيجر تكمن في أنّها حرب دولية لا داخلية، خاصة وأنّه في حال تدويل الأزمة لا أحد يعرف كيف ستنتهي.
وأضاف أنّ هناك مخاوف من أن بيان الأنظمة العسكرية في مالي وبوركينا فاسو وغينيا كوناكري ربّما يُهدد بانهيار "إيكواس".
وشرح أنّ التهديدات بالتدخّل الفرنسي أعادت المظاهر الاستعمارية إلى الذاكرة، وهو ما أدى إلى حالة من الوطنية الزاحفة في النيجر للتصّدي لأي تدخل عسكري غربي.
"فرنسا لا تملك التفويض للتدخّل في النيجر"
من جهته، أكد إيمانويل دوبوي، رئيس معهد الاستشراف والأمن في أوروبا، أنّ فرنسا لم تعلن أنّها ستتدخل في النيجر، ولا تملك التفويض لذلك، والأمر ينسحب على "إيكواس".
وقال دوبوي، في حديث إلى "العربي"، من باريس، إنّ "إيكواس" وضعت الأولويات على الطاولة، والتي تتمحور في ضمان حياة وأمن بازوم، وعودة النظام الدستوري، وأمن وسلامة الشعب النيجري.
وأضاف أنّ انقلاب النيجر ليس مفاجئًا، بل هو تأثير أحجار الدومينو بعد خمسة انقلابات عسكرية في القارة السمراء خلال العامين الماضيين.