لا تزال التحقيقات مستمرة من قبل الأمن العام اللبناني لمعرفة تفاصيل جريمة وحشية نفذها أب وأبناؤه الثلاثة في لبنان، راح ضحيتها الفتى السوري خالد الصالح ذو الـ 14 عامًا.
ويسكن الصالح مع أحد أشقائه في إحدى البلدات اللبنانية التابعة لقضاء صيدا جنوبي البلاد منذ نحو عامين، حيث يعمل معه في الزراعة بالإضافة إلى أعمال أخرى من أجل تأمين لقمة العيش لأفراد عائلته.
قتل بسبب دراجة هوائية
وفي تفاصيل الحادثة التي وقعت يوم 18 يوليو/ تموز الجاري، حصل خلاف بين خالد وبين فتى آخر لبناني بشأن دراجة هوائية ليتطور الشجار إلى حد تدخل والد الفتى اللبناني وشقيقيه وفق رواية عائلة الصالح.
فانهال هؤلاء على الفتى السوري بالضرب على رأسه وركلوه بأرجلهم، وأغمي عليه قبل نقله إلى أحد المستشفيات حيث تبيّنت إصابته بنزيف في الدماغ دخل على إثرها في غيبوبة قبل أن يفارق الحياة في اليوم التالي.
آثار الضرب والتعذيب موثقة
وفي تصريح لـ"العربي الجديد" يوم الخميس الفائت، أكّد شقيق خالد أن "آثار عصا وكرباج تبدو واضحة على جسمه، والصور والفيديوهات توثّق ذلك".
وبعد نحو يومين من الجريمة، تمكنت قوات الأمن من إيقاف المتورطين في الجريمة، فيما تتواصل التحقيقات بشأن ملابساتها.
أما جثمان خالد، فنقل إلى سوريا قبل مواراته الثرى في بلدته جديدة العاصي بمحافظة حمص، بعدما عجزت العائلة عن تأمين مدفنٍ له في لبنان.
في هذا الخصوص، يقول شقيق خالد في تصريحه: "اقترضنا المال لنتمكّن من تسديد بدل ليلة واحدة في المستشفى، والمبلغ كان خياليًا، وقارب 46 مليون ليرة، ولم يقبلوا بحسم أي نسبة منه".
ففي لبنان توازي الـ 46 مليون ليرة قرابة 30 ألف و500 دولار أميركي بحسب سعر الصرف الرسمي، ونحو 1600 دولار بحسب سعر الصرف في السوق الموازية.
معاناة فوق معاناة
وأثارت الحادثة تعاطفًا وغضبًا واسعين أبرزها صدر عن رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان وديع الأسمر الذي قال لصحيفة "العربي الجديد" إنه من المؤسف أن ثمة لبنانيين يعدّون الاعتداء على اللاجئين السوريين حقًا مباحًا لهم.
كما كشف الأسمر أنها ليست هذه المرة الأولى التي يُعتدى فيها على لاجئين سوريين، مؤكّدًا أنه "خلال الانتخابات الرئاسية السورية الأخيرة صدرت خطابات عنصرية من جهات سياسية عديدة في لبنان، فكان أن تعرّض على أثرها لاجئون لاعتداءات".
ويعيش نحو 900 ألف لاجئ سوري في لبنان، 600 ألف منهم يعيشون في الخيم في نحو 2800 تجمع لمخيمات عشوائية، وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وبحسب الأمم المتحدة، تعاني نصف العائلات السورية في لبنان من انعدام الأمن الغذائي، وعام 2020، عاش 89% من اللاجئين السوريين تحت خط الفقر المدقع.
وسط كل ذلك، يتعرض اللاجئون السوريون لخطابات عنصرية وتحريضية من قبل بعض المسؤولين اللبنانيين أو حتى الإعلاميين، مع تهديدهم المستمر لهم بإعادتهم إلى سوريا قسريًا.
وكانت الأمم المتحدة قد قالت: "محنة اللاجئين الفظيعة هي نتيجة مباشرة للتدابير الإدارية والقانونية التي تفرضها الدولة، والتي تواصل تهميشهم وإلقاء اللوم عليهم في فشلها بتوفير السلع والخدمات الأساسية للسكان، سواء أكان التعليم أم الوظائف اللائقة أم الشرب الآمن والماء أم الكهرباء".