يتحمل العمال المهاجرون في لبنان أعباء مضاعفة جراء الانهيار الاقتصادي ورفع تكاليف الاتصالات، بعد أن أعلنت الحكومة اللبنانية أن رسوم الاتصالات ستُحسب على أساس سعر صرف تحدده منصة صيرفة قد يصل إلى أربعة أضعاف التكلفة السابقة.
فعلى سبيل المثال، بالكاد استطاعت العاملة نويل موسانغا أن تنجو من الأزمات المتلاحقة التي ضربت الاقتصاد اللبناني، قبل أن تلوح أمامها اليوم أزمة أشد تهدد بقطع آخر شريان يربطها بأسرتها وعملها، بعد أن أعلنت الشركة المقدمة لخدمة الإنترنت مضاعفة الأسعار.
وتقول العاملة الكينية في هذا الخصوص إنه قبل جائحة كورونا، كانت أسعار الإنترنت في لبنان جيدة، لكن هذا العام بدأت في الارتفاع، فالشهر الماضي على سبيل المثال دفعت ما يقرب من 300 ألف ليرة لبنانية قبل أن يتصلوا بها هذا الشهر ويبلغوها أن عليها دفع مبلغ 500 ألف ليرة وإلا سيتم قطع الخدمة عنها.
وتشرح نويل موسانغ معاناتها، قائلةً: "من خلال الإنترنت تتواصل مع عائلتك، والعائلة هي الأهم لأنك بعيد عنها".
وتردف العاملة الكينية: "لذلك نحن لا نعرف بعد الآن ماذا سيكون مصير العمال المهاجرين هنا في لبنان".
أجور قليلة وتكاليف كبيرة
حال نويل كحال العديد من العمال الأجانب في لبنان فهم يكسبون القليل أصلًا في أعمالهم، وبسبب ارتفاع تكاليف الاتصالات سيتعين عليهم ترشيد الاتصالات مع أقاربهم في الخارج وأرباب عملهم المحتملين في الداخل.
فالعمال الأجانب في لبنان يدفعون من نفقتهم الخاصة أسعار المواد الغذائية وإيجار السكن، ومولد الكهرباء، في ظل ارتفاع كبير بأسعار جميع الخدمات والمواد الأساسية وتقلص سوق العمل نتيجة الأزمة الاقتصادية.
لذلك ترى نويل أنه في هذه الحالة "من الأفضل العودة إلى بلدك وإيجاد طريقة أخرى للعيش".
تهديد جديد بفقدان وظائفهم وانقطاعهم التام عن عائلاتهم.. ارتفاع أسعار الإنترنت في #لبنان يزيد من سوء أوضاع العمال الأجانب pic.twitter.com/AttVOdgL3Y
— أنا العربي - Ana Alaraby (@AnaAlarabytv) July 17, 2022
فاتورة يدفعها الأجانب
ومع تراجع الإيرادات لم تتمكن الدولة اللبنانية من استيراد الوقود الكافي، وواجهت صعوبة في استيراد ما يكفي من وقود لتشغيل محطات الإرسال، مما أدى لضعف التغطية وانقطاعها مرات عدة خلال 2021 ما نتج عنه قرار زيادة التعرفة.
وعليه، ستحتسب التعرفة الجديدة على أساس سعر صرف جديد وليس سعر الصرف الرسمي.
ويقول كريم نوفل، أخصائي الاتصالات في حركة مناهضة العنصرية، إنه مع ارتفاع حالات العنف داخل المنازل في مختلف أرجاء لبنان منذ عام 2019، ستكون أسر العمال في الوطن في حالة قلق دائم إذا لم يتواصلوا مع أبنائهم من حين لآخر.
ويتابع أن "دولرة الإنترنت أو بطاقات الشحن أو رسوم الإنترنت والفواتير ترتبط مباشرة بالسعر على منصة صيرفة وهو ليس سعرًا ثابتًا ويتغير باستمرار.. وإذا كان يتم دفع أجر عامل مهاجر بالليرة اللبنانية.. فستزداد الميزانية باستمرار بينما لا يتغير الراتب".
وحالة موسانغا ليست حالية فردية بل إنها تشمل كل العمال المهاجرين في لبنان الذين يعتمدون على الإنترنت أيضًا في البحث عن عمل جديد.
من جهتها، تقول تسيغريدا بيرهانو وهي مهاجرة إثيوبية مدافعة عن العمال المهاجرين في لبنان وتبلغ من العمر 27 عامًا إن العمال المقيمين كانوا يعتمدون على هواتفهم وخدمات الإنترنت المنزلي للبقاء على تواصل مع بعضهم البعض ومع عائلاتهم، ولا سيما خلال جائحة فيروس كورونا.
وتضيف: "هذا بمثابة علاج لهم. لذلك، إذا لم يكن لديك اتصالات وإذا لم يكن لديك إنترنت، فسوف تفقد كل شيء".
ووفقًا لبيانات الأمم المتحدة، يقيم في لبنان 250 ألف عامل مهاجر معظمهم من النساء اللواتي يتعرضن لسوء المعاملة في ظل ما يعرف بـ"نظام الكفالة" الذي تنتقده منظمات حقوقية وتطالب بإلغائه.