تحتفل الجزائر اليوم الثلاثاء بعيد الاستقلال حيث ستقيم استعراضًا عسكريًا غير مسبوق في العاصمة، يخلّد الذكرى الستين لنهاية الاستعمار بعد 132 سنة من الوجود الفرنسي.
وينتظر أن يحضر الاحتفالات، وبخاصة الاستعراض العسكري، ضيوف أجانب، من بينهم رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس ورئيس النيجر محمد بازوم.
وفي دلالة على أهمية المناسبة، تم تصميم شعار خاص يظهر منذ أسابيع على جميع القنوات التلفزيونية، وهو عبارة عن دائرة مزيّنة بستين نجمة وفي وسطها عبارة "تاريخ مجيد وعهد جديد".
#عيد_استقلال مجيد لوطننا الحبيب #وتحيا_الجزائر حرة مستقلة 🇩🇿 المجد الخلود لشهدائنا الأبرار ❤️#تاريخ_مجيد_و_عهد_جديد 🇩🇿❤️ pic.twitter.com/03wEQPkib4
— Mohamed Sadoun (@ham_sadn) July 5, 2022
وبعد حرب استمرت ثماني سنوات بين الثوار الجزائريين والجيش الفرنسي، خلّفت مئات الآلاف من القتلى، توقف القتال بعد توقيع اتفاقيات إيفيان التاريخية في 18 مارس/ آذار 1962 التي مهّدت الطريق لإعلان استقلال الجزائر في الخامس من يوليو/ تموز من العام نفسه.
وبعد عقود على الاستقلال، لم تصل العلاقات بين باريس والجزائر بعد إلى طبيعتها، على الرغم من المبادرات الرمزية.
وسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ انتخابه، إلى تهدئة الذاكرة بسلسلة من المبادرات الرمزية التي لم تصل إلى حدّ تقديم "الاعتذار".
وردًا على هذه المبادرات، قال رئيس مجلس الأمة وأحد قادة حرب الاستقلال، صالح قوجيل: "لا يمكن أن ننسى أو نمحي، لأي إجراء كان، مسؤولية فرنسا الاستعمارية عن الإبادة الإنسانية (التي تعرّض لها الشعب الجزائري) والإبادة الثقافية وإبادة هويته".
وفي شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تراجعت العلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوى لها عندما صرّح ماكرون بأنّ الجزائر تأسّست بعد استقلالها على "ريع ذاكرة" يقف خلفه "النظام السياسي العسكري"، معتبرًا أن تاريخها بعد انتزاع حريتها من الاستعمار الفرنسي لا يستند إلى حقائق إنما على خطاب "يرتكز على كراهية فرنسا".
وأثارت هذه التصريحات غضب الجزائر، حيث استدعت سفيرها في باريس احتجاجًا، متهمة الدولة الفرنسية بالتدخل في شؤونها، كما قررت حظر عبور الطائرات الفرنسية في مجالها الجوي الذي تستخدمه باريس بشكل منتظم للوصول إلى قواتها التي تقاتل الجماعات المتشددة في منطقة الساحل الإفريقي.
لكن العلاقات تحسنّت تدريجيًا في الأشهر الأخيرة، وأعرب ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون في مكالمة هاتفية في 18 يونيو/ حزيران عن رغبتهما في "تعميقها".
"استغلال"
وأوضح المؤرخ عمّار محند عمر، لوكالة "فرانس برس" أن "العودة السريعة إلى وضع طبيعي في أعقاب الأزمة الخطيرة في الأشهر الأخيرة مرتبطة بالتوترات الإقليمية، لا سيّما في ليبيا، ولا ينبغي تجاهل ذلك أو التقليل من شأنه".
من جهته، أشار رئيس حزب التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض، عثمان معزوز، إلى أن "العلاقات بين نظام السلطة في الجزائر وفرنسا الرسمية تخلّلتها أزمات وهدوء زائف منذ استقلال البلاد".
وتابع: "في المرحلة الحالية، لا يمكن لأحد أن يراهن درهمًا واحدًا على الحديث عن إعادة بناء (هذه العلاقات). لأن استغلال العلاقة من هذا الجانب أو ذاك لا يخفى على أحد"، بحسب "فرانس برس".
وعلى الصعيد الداخلي، تسعى السلطات الجزائرية للإفادة من الذكرى التاريخية لتخفيف التوترات الداخلية، بعد ثلاث سنوات من انطلاق تظاهرات الحراك المؤيد للديمقراطية الذي أسقط الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة من دون أن ينجح في إزاحة النظام.
وفي مايو/ أيار الماضي، أطلق الرئيس الجزائري مبادرة لكسر الجمود السياسي من خلال استقبال عدد من قادة الأحزاب السياسية، من بينهم المعارضة ومسؤولين في النقابات العمالية ومنظمات أرباب العمل.