وصل وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن، صباح اليوم الأحد إلى بكين، في زيارة هي الأرفع لدبلوماسي أميركي منذ 2018، وتهدف إلى محاولة تخفيف التوتّرات الثنائيّة.
وفي وقت لا يُتوقّع تحقيق تقدّم كبير نظرًا إلى وجود نقاط خلافيّة كثيرة، يبقى الهدف متمثلًا في العمل على بدء إذابة الجليد الدبلوماسي والحفاظ على حوار "لإدارة العلاقات الصينية الأميركية بمسؤولية"، وفقًا لوزارة الخارجية الأميركية.
وقد بدأ الوقت ينفد لأن العام المقبل، هو الموعد النهائي لإجراء انتخابات في كل من الولايات المتحدة وتايوان، التي تعتبرها الصين إحدى مقاطعاتها، وتهدد بإعادة ضمها بالقوة إذا لزم الأمر.
بايدن: المنطاد كان محرجًا للصين
ويقضي بلينكن يومين في العاصمة الصينيّة في هذه الزيارة، التي كانت مقرّرة أصلا في فبراير/ شباط، لكنّها أُلغِيت فجأة وقتذاك بعد تحليق منطاد صيني فوق الأراضي الأميركيّة اعتبرت واشنطن أنّه لأغراض "التجسّس"، بينما أكدت بكين أنه مركبة أرصاد جوية انحرفت عن مسارها.
وبينما كان بلينكن متوجهًا إلى الصين، قلل الرئيس الأميركي جو بايدن من شأن واقعة المنطاد، قائلًا: "لا أعتقد أن القادة (الصينيين) كانوا يعرفون مكانه أو ما كان في داخله أو ما كان يجري". وأضاف أمام صحافيين السبت: "أعتقد أن الأمر كان محرجًا" لبكين "أكثر منه متعمدًا".
وأمل بايدن في أن يجتمع مجددًا مع الرئيس شي جينبينغ "في الأشهر المقبلة" بهدف "الحديث حول اختلافاتنا المشروعة لكن أيضًا حول المجالات التي يمكننا الاتفاق عليها". وكان الرئيسان قد عقدا اجتماعًا طويلًا ووديًا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 على هامش قمة مجموعة العشرين في بالي.
ومن المرجح أن يحضر الزعيمان قمة مجموعة العشرين المقبلة في سبتمبر/ أيلول في نيودلهي. وشي هو مدعو إلى سان فرانسيسكو في نوفمبر/ تشرين الثاني عندما تستضيف الولايات المتحدة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ.
وسط استياء #بكين.. #الولايات_المتحدة تعلن إسقاط المنطاد الصيني والبدء بفحص حطامه #الصين تقرير: محمد الشياظمي pic.twitter.com/pdHwbUzjJx
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) February 5, 2023
تفاؤل بلينكن وملف تايوان الشائك
وأراد بلينكن أن يكون متفائلًا قبل الإقلاع من واشنطن، فقال من هناك إن هذه الزيارة التي تستغرق يومين يجب أن "تفتح خطوط اتصال مباشرة حتى يتمكن بلدانا من إدارة علاقتنا بمسؤولية، بما في ذلك من خلال معالجة بعض التحديات والتصورات السيئة ومن أجل تجنب الحسابات الخاطئة".
وتمثل تايوان أكثر ملف شائك بين القوتين. ونفذت بكين مناورات عسكرية تاريخية حول الجزيرة في أغسطس/ آب ردًا على زيارة لتايوان أجرتها رئيسة مجلس النواب الأميركية آنذاك نانسي بيلوسي في إطار جولة آسيوية.
وقبل زيارة بلينكن، قال المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ ون بين إن الولايات المتحدة يجب أن "تحترم المخاوف الجوهرية لدى الصين" وأن تتعاون مع بكين. وأضاف: "يجب على الولايات المتحدة التخلي عن وهم التعامل مع الصين من موقع قوّة. يجب على الصين والولايات المتحدة تطوير علاقات على أساس الاحترام المتبادل والمساواة، واحترام خلافاتهما".
بؤرة توتر تحبس أنفاس العالم.. #تايوان تدفع بمقاتلات إلى خط المواجهة مع #الصين بعد رصد أنشطة عسكرية تجاوزت الخط الأوسط للمضيق تقرير: صابر أيوب pic.twitter.com/O0phYk0XVc
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) June 11, 2023
"مصالح متبادلة" بين واشنطن وبكين
يذكر أنّ زيارة بلينكن هي الأولى لوزير خارجية أميركي إلى الصين منذ زيارة في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، أجراها سلفه مايك بومبيو الذي انتهج لاحقًا استراتيجية مواجهة مع بكين في السنوات الأخيرة من رئاسة دونالد ترمب.
ومذاك حافظت إدارة بايدن على هذا الخط المتشدد، وذهبت أبعد من ذلك في بعض المجالات، بما في ذلك من خلال فرض ضوابط على الصادرات بهدف الحد من شراء بكين، وتصنيعها رقائق متطورة "مستخدمة في تطبيقات عسكرية".
لكن الإدارة الأميركية تريد التعاون مع الصين في قضايا رئيسية مثل المناخ. وتأتي زيارة بلينكن أيضًا في وقت يشهد جزء من الصين موجة حارة مع تسجيل درجة حرارة قياسية جديدة في منتصف يونيو/ حزيران.
وبالنسبة إلى داني راسل، المسؤول الكبير السابق في وزارة الخارجية الأميركية، فإن لكل طرف مصلحة في هذه الزيارة: فالصين تأمل في تجنب قيود أميركية جديدة على التكنولوجيا وأي دعم جديد لتايوان. أما الولايات المتحدة فترغب من جهتها في منع أي حادث يحتمل أن يؤدي إلى مواجهة عسكرية.
إلا أنّه أشار إلى أنّ زيارة بلينكن يمكن أيضًا "أن تعيد إحياء الحوار المباشر الذي تشتد الحاجة إليه وتبعث إشارة إلى أن البلدين ينتقلان من خطاب الغضب أمام وسائل الإعلام إلى محادثات أكثر رصانة خلف أبواب مغلقة".
وفي الضفة الآسيوية، تنتظر عدد من الدول المنخرطة في التوتر الصيني الأميركي، تلك الزيارة، فيما وصف وزير خارجية سنغافورة العلاقات بين الطرفين بأنها "تحدي القرن". وقال متوجهًا لبلينكن: "بقية العالم ستراقبكم. نأمل، وأعتقد، أنكم ستكونون قادرين على إدارة خلافاتكم".
بدورها، ذكرت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية، أمس السبت، أن بلينكن قال إنه يدعم جهود كوريا الجنوبية لتطوير علاقة تعاونية "صحية وناضجة" مع الصين، بعد أن ناقش الوزير الأميركي في اتصال هاتفي مع وزير خارجية كوريا الجنوبية بارك جين العلاقات الثنائية، قبل توجهه إلى بكين.