بعد جدل استمر أسبوعًا وشكوك عبّر عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تخلت الخبيرة الاقتصادية الأميركية فيونا سكوت مورتون عن منصب مهم في الاتحاد الأوروبي لتنظيم أنشطة مجموعات التكنولوجيا العملاقة.
وكتبت المفوضة الأوروبية مارغريت فيستاغر في تغريدة على تويتر اليوم الأربعاء: "أبلغتني فيونا سكوت مورتون بقرارها عدم قبول منصب كبير الاقتصاديين لشؤون المنافسة. أقبل ذلك بأسف".
استياء فرنسا
وقد أثار تعيين سكوت مورتون في المنصب استياء فرنسا خصوصًا وعدد كبير من النواب الأوروبيين، وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الثلاثاء، إن تعيين سكوت مورتون "يثير تساؤلات".
وكتبت فيونا سكوت مورتون في رسالتها إلى فيستاغر: "نظرًا للجدل السياسي الناجم عن اختيار شخص غير أوروبي لشغل هذا المنصب، وأهمية حصول الإدارة العامة (للمنافسة) على الدعم الكامل من الاتحاد الأوروبي ... رأيت أن من الأفضل بالنسبة لي الانسحاب".
والإدارة العامة للمنافسة مكلفة التأكد من حسن سير المنافسة في الاتحاد الأوروبي والتحقيق خصوصًا في انتهاكات الموقع المهيمن لمجموعات التكنولوجيا الكبرى التي أفضت إلى فرض غرامات كبيرة على هذه الشركات في السنوات الأخيرة.
Grâce à la mobilisation transpartisane, nous avons gagné ! L’américaine Fiona Scott Morton ne travaillera pas à la Commission européenne. Une bonne nouvelle pour l’autonomie stratégique de l’Europe. Il faut désormais comprendre qui a soutenu cette candidature à la Commission.… pic.twitter.com/SrMYzvso6H
— Marion Maréchal (@MarionMarechal) July 19, 2023
وأدلى الرئيس الفرنسي الثلاثاء بتصريحه قبل جلسة للبرلمان الأوروبي للاستماع إلى فيستاغر التي دافعت عن هذا التعيين.
وقالت فيستاغر: "حاولت توظيف أفضل شخص ممكن لهذه الوظيفة"، مشددة على أن المنصب استشاري ولا يسمح باتخاذ قرارات.
وصرح إيمانويل ماكرون بالقول: "إذا لم يكن لدينا باحث (أوروبي) من هذا المستوى ليتم توظيفه من قبل المفوضية فهذا يعني أن لدينا مشكلة كبيرة جدًا مع جميع الأنظمة الأكاديمية الأوروبية".
غياب "المعاملة بالمثل"
وأشار الرئيس الفرنسي إلى غياب "المعاملة بالمثل" من جانب الولايات المتحدة والصين في تعيين أوروبيين في مناصب "في صلب قراراتهم".
وبيّن الرئيس الفرنسي أنه يكن "احترامًا كبيرًا" للخبيرة الأميركية.
وأضاف: "عملت لدى عدد كبير من الشركات ويجب أن تكون في منأى عن هذه المواقف وهذا ما يجعل مبرر توظيفها غير مجد".
وشدد ماكرون على أهمية تحقيق "استقلالية إستراتيجية" لأوروبا معتبرًا أن تعيين سكوت مورتون "ليس بالضرورة القرار المناسب في هذا الصدد".
وأثار تعيين سكوت مورتون استياء بعض أعضاء البرلمان الأوروبي، لكن المفوضية الأوروبية تجاهلت موقفهم وكذلك طلب الحكومة الفرنسية إلغاء تعيين أستاذة الاقتصاد في جامعة ييل المرموقة، غير أن المفوضية الأوروبية كانت منقسمة بشأن المسألة.
وذكر مسؤول كبير في مقر الاتحاد أن 5 مفوضين هم الإسباني جوزيب بوريل والفرنسي تياري بريتون والبرتغالية إليسا فيريرا والإيطالي باولو جينتيلوني واللوكسمبورغي نيكولاس شميت، وجهوا رسالة إلى فون دير لايين، مطالبين بإعادة النظر في هذا التعيين.
تضارب في المصالح
وعبّر المسؤول عن أسفه لغياب النقاش والشفافية، وقال: "عند الاختيار لم يكن واضحًا أن المرشحة للمنصب أميركية ويحتمل أن يحصل تضارب في المصالح".
وأشار نواب إلى مناصب سكوت مورتون السابقة من رئيسة للتحليل الاقتصادي في قسم مكافحة الاحتكار في وزارة العدل الأميركية بين 2011 و2012 إلى مستشارة لمجموعات كبرى للتكنولوجيا مثل أمازون وآبل ومايكروسوفت، متحدثين عن إمكانية حدوث تضارب في المصالح وخطر تدخل من واشنطن في قرارات الاتحاد الأوروبي.
وفي جلسة البرلمان الأوروبي، أشارت فيستاغر ردًا على النواب إلى أن القول بأن عملها لدى مجموعات كبرى للتكنولوجيا يجعلها غير مؤهلة للعمل في قطاع التكنولوجيا لدى الاتحاد غير سليم، مشيرة إلى أن عملها كان "استشاريًا" و"لم يكن يومًا ترويجيًا".
لكنها اعترفت بأن هناك بعض الملفات التي لا يمكن أن تشارك سكوت مورتون فيها لتجنب تضارب مصالح، مؤكدة في الوقت نفسه أنها "حالات قليلة جدًا.. بضعة ملفات على الأكثر".
ورفضت كشف هذه الملفات بسبب "طابعها السري" على الرغم من الطلبات الملحة لعدد كبير من أعضاء البرلمان الأوروبي.
وأوضحت أن الإعلان عن فتح المنصب لمرشحين غير أوروبيين نُشر في بلاغات الوظائف الشاغرة في مارس/ آذار الماضي، مبررة ذلك بندرة المهارات المطلوبة.
وأكدت مفوضة المنافسة أن المفوضية لم تتلق سوى 11 ترشيحًا تستوفي أربعة منها المعايير المطلوبة للوظيفة.