"نريد فرنسا!" بتلك العبارة علق مؤيد لليمين المتطرف على تصدر التجمع الوطني نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، غير أن أصداء هذا الانتصار عكست انقسامًا في البلد، ما بين "قلق" في مرسيليا جنوبًا من وصوله إلى السلطة و"فرح" في معقل زعيمته مارين لوبن في أقصى الشمال.
وبعد صدور أولى التقديرات في الساعة السادسة مساء، والتي أظهرت تصدر التجمع الوطني بفارق كبير في فرنسا، عمت البهجة في هينان بومونت، معقل اليمين المتطرف وزعيمته مارين لوبن التي أعيد انتخابها الأحد من الدورة الأولى.
معقل اليمين المتطرف الفرنسي
ومع بدء صدور هذه النتائج، هتف مناصروها بصوت واحد "مارين، مارين، مارين" في إحدى صالات هذه المدينة، المعقل السابق لليسار، والتي يقودها اليمين المتطرف منذ عام 2014، تحت راية حزب الجبهة الوطنية ومن ثم حزب التجمع الوطني.
وجعلت المرشحة الرئاسية السابقة التي خسرت في الدورة الثانية عامي 2017 و2022 أمام إيمانويل ماكرون، من هذه البلدة مختبرًا لهذا الحزب اليميني المتطرف الباحث عن التطبيع، والذي تصدر الأحد الانتخابات التشريعية بعد أن فاز بالفعل في الانتخابات الأوروبية في يونيو/ حزيران.
وقالت زعيمة اليمين المتطرّف مارين لوبن: "نحن بحاجة إلى غالبية مطلقة" أمام أنصارها المتطلعين لرؤية الرئيس الشاب للتجمع الوطني جوردان بارديلا (28 عامًا) يتولى تشكيل الحكومة بعد الجولة الثانية الأحد المقبل.
وما أن انتهت من إلقاء كلمتها، حتى تحرك الحشد واقتربت منها فتاة صغيرة تحملها أختها على كتفيها، وهي تناديها بخجل "مارين" ولكنها لم تسمعها.
وقالت لها أختها: "ارفعي صوتك" قبل أن تطلب من صديقتها "خذي هاتفي والتقطي الصور!".
قلق في مرسيليا
وتختلف الأجواء بشكل جذري على بعد حوالي ألف كيلومتر. ففي الأحياء الفقيرة في مرسيليا، ثاني أكبر مدينة في البلاد وموطن الهجرة، يخشى عدد كبير من السكان من وصول اليمين المتطرف إلى السلطة.
وقالت كوتارا التي صوتت لأول مرة بعد أن بلغت للتو 18 عامًا وترتدي عباءة ووشاحًا أزرق: "لم آخذ الأمر على محمل الجد، ولكن الآن، كلما أشاهد الأخبار أجد أن الأمر خطير".
ويشاركها هذا القلق جان فرانسوا بيبين (49 عامًا)، وهو مدرب متخصص جاء للتصويت مع عائلته.
وقال: إن "احتمال فوز اليمين المتطرف يثير قلقي لأننا في مدينة شعبية ومتنوعة وقد يهدد ذلك الرفاه الذي نتمتع به هنا، نحن مهددون بانتشار الخطاب العنصري في المؤسسات العامة".
وكان أكبر نادي لمشجعي نادي أولمبيك في مرسيليا، والذي يستقطب عددًا كبيرًا من سكان المدينة، قد حذر ما يقرب من 80 ألف شخص مرسيليا الذين صوتوا لصالح جوردان بارديلا في الانتخابات الأوروبية من أن "هذا الوقت خطير".
وذّكر بأن "موجات الهجرة المتتالية أسست لشعب مرسيليا وهويته المتنوعة".
وفي منطقة الألزاس الحدودية مع ألمانيا، تعتبر بلدة فيسمبورغ الصغيرة أكثر محافظة، لا يخفي بعض الناخبين نوايا تصويتهم.
واعتبر نجار يبلغ 58 عامًا، فضل عدم الكشف عن هويته، يجلس في حانة "ميونخ" أن "الأمر غير قابل للنقاش، سيكون للتجمع الوطني".
وإذ أكد أن تصويته "ليس من باب العنصرية"، لكنه يريد ألا يتم السماح "لعدد ضخم من الناس" بدخول فرنسا.
وتابع الرجل الذي بدأ العمل "في السابعة عشرة من عمره" ويريد "التقاعد عند سن الستين": "يتعين إحداث تغيير جذري (...). لا أعرف ما إذا كان الأمر سيكون أفضل بعد ذلك (...). لكن يجب المحاولة الآن".
وفي مركز الاقتراع الموجود في مكتب الخدمات السياحية، تستعد كونستانس (22 عامًا) للإدلاء بصوتها لصالح تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري.
وتتحدث هذه الطالبة في كلية الهندسة المعمارية عن "تصويت اضطراري" لكنها ترفض انتقاد ناخبي الجبهة الوطنية.
وقالت: "يجب ألا نلوم الناس: إنه نتيجة للسياسات التي تم انتهاجها لسنوات".