الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

بعد 6 أشهر من العدوان على غزة.. أي مكاسب حققتها إسرائيل من الحرب؟

بعد 6 أشهر من العدوان على غزة.. أي مكاسب حققتها إسرائيل من الحرب؟

شارك القصة

أسفر العدوان الإسرائيلي على غزة عن دمار كبير في المباني السكنية والبنية التحتية
أسفر العدوان الإسرائيلي على غزة عن دمار كبير في المباني السكنية والبنية التحتية - غيتي
أمعن الاحتلال في سياسة تجويع السكان، ولا سيما في شمالي قطاع غزة بوسائل متعددة، وذلك بهدف منع أي مقومات للحياة فيها.

أكمل العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة شهره السادس، مخلفًا عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والنازحين، وتدميرًا هائلًا للمباني والبنى التحتية، لدرجة أن غزة تغير شكلها تمامًا كما تظهر صور الأقمار الصناعية.

وفي خضم العدوان، أمعن الاحتلال في سياسة تجويع السكان، ولا سيما في شمالي القطاع بوسائل متعددة، وذلك بهدف منع أي مقومات للحياة فيها.

كما دمرت المستشفيات والمرافق الصحية، وانتشرت الأمراض المعدية، ولا سيما فيروس الكبد الوبائي، وفق ما أكدته تقارير أممية.

في المقابل، واصلت المقاومة تصديها لقوات الاحتلال في مختلف مناطق القطاع، بينما لجأ الاحتلال إلى تنفيذ عمليات لإعادة انتشار تكتيكي بين الفينة والأخرى، توطئة لتنفيذ اقتحامات بناء على معلومات استخباراتية مزعومة في أي وقت.

وهو ما حصل بإعلان الاحتلال سحب الفرقة 98 من خانيونس، بعد أربعة أشهر على اجتياحها بحجة الاستعداد لعمليات مستقبلية، ومنها عملية رفح المحتملة.

وعلى الرغم من المأساة الإنسانية الهائلة التي أحدثتها الحرب الأصعب على غزة، لم تنجح الجهود الدولية في وقفها إلا مرة واحدة، وذلك عبر هدنة هشة لم تدم سوى أيام قليلة، حتى عادت إسرائيل بعدها لتشدد وتيرة حربها أكثر على القطاع.

لكن المفاوضات برعاية إقليمية ودولية لم تتوقف، ويكثف الوسطاء جهودهم وضغوطهم من أجل التوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار من بوابة تبادل الأسرى، ولو على مراحل.

يشن الاحتلال الإسرائيلي عدوانًا على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي
يشن الاحتلال الإسرائيلي عدوانًا على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي - غيتي

بموازاة ذلك، تصاعد التوتر الإقليمي أيضًا ككرة ثلج متدحرجة، فالمواجهة بين حزب الله وإسرائيل في جبهة لبنان مستمرة، كما أن تل أبيب صعدت وتيرة استهدافاتها لعناصر حزب الله وإيران وقياداتهما في سوريا ولبنان.

كما برز الحوثيون في المواجهة عبر إطلاق مسيرات وصواريخ مجنحة باتجاه إيلات، واستهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، وهو تطور دفع الولايات المتحدة وبريطانيا إلى توجيه ضربات للحوثيين.

وفي غمرة التوتر في المنطقة، تتأهب إسرائيل لرد محتمل من إيران على استهداف قنصليتها في دمشق، وسط مخاوف من اتساع رقعة المواجهة.

هل حقق الاحتلال أي مكاسب في حربه على غزة؟

وفي هذا الإطار، يرى الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي أن إسرائيل فشلت بعد 6 أشهر من الحرب في تحقيق جميع أهدافها، لا سيما في اقتلاع المقاومة، وفرض السيطرة على قطاع غزة، كما أنها لم تنجح في استرداد أسراها بالقوة كما وعدت، ناهيك عن فشلها في هدفها الرئيسي وهو التطهير العرقي لسكان قطاع غزة.

لكنه أشار إلى أن الثمن الذي دفعه الشعب الفلسطيني باهظ للغاية، من خلال استهداف الاحتلال المدنيين، وقتل عدد كبير منهم في المجازر التي ارتكبها.

وفي حديث لـ"العربي" من رام الله، أضاف البرغوثي، أن الشعب الفلسطيني حقق مكاسب كثيرة في هذه الحرب منها، إلغاء تهميش القضية الفلسطينية، وإيقاف مسيرة التطبيع، فضلًا عن أن العالم يشهد اليوم ثورة عالمية في التضامن مع الشعب الفلسطيني.

وأرجع ضغط واشنطن الأخير على إسرائيل إلى سببين، الأول أنها غاضبة على تل أبيب على منحها 180 يومًا وفشلت في تحقيق أهدافها، والسبب الثاني أن الولايات المتحدة أصبحت سمعتها في الحضيض، والرئيس الأميركي جو بايدن أصبح على دراية من أنه على شفا أن يفقد الانتخابات القادمة، بسبب موقفه وتورطه في جرائم الاحتلال.

وتابع أن الشعوب العربية أثبتت أنها مع الشعب الفلسطيني، ولكن كان هناك خيبتا أمل كبيرتان، الأولى أنه كان متوقعًا من الحكومات العربية والإسلامية أن تقوم بدور أكبر بكثير مما جرى، حيث كان ممكن تقليص الحرب لو بادرت هذه الدول وقالت للولايات المتحدة إننا سنشكل قافلة إنسانية تقتحم معبر رفح وتوصل المساعدات، وقالت أيضًا إن المصالح الأميركية في المنطقة ستصبح مهددة إن استمر هذا الدعم المطلق لإسرائيل، لكن للأسف هذا لم يحدث.

والخيبة الثانية، حسب البرغوثي، هي على الصعيد الفلسطيني الداخلي بأن السلطة الفلسطينية كانت سلبية للغاية في أول ثلاثة شهور من الحرب، وكل الدعوات لتشكيل قيادة وطنية موحدة والإسراع في تشكيل حكومة وفاق وطني تحظى بموافقة الجميع لقيت للأسف صدًا ولم تقبل.

مظاهرة تضامنية مع غزة في تورونتو
مظاهرة تضامنية مع غزة في تورونتو - الأناضول

وأردف أن الاستفادة من هذا التحول العالمي الكبير الآن يتطلب جبهة وطنية فلسطينية موحدة وكثير من العمل التنظيمي، لترجمة التضامن العالمي الآن إلى قوة فاعلة تؤثر في المسار القادم أثناء العدوان وحتى انتهائه وما بعد انتهائه.

وشدد البرغوثي على وجوب تحويل التضامن العالمي اليوم إلى حركة مقاطعة وفرض عقوبات على إسرائيل، وإن لم تشكل قيادة وطنية موحدة فلسطينية، سيكون من مسؤولية القوى الفلسطينية المقتنعة بهذا الطرح أن تأخذ زمام الأمر بيدها ولا تنتظر.

ولفت إلى أن هناك ضغوطا أميركية وأوروبية ومن أطراف خارجية عديدة على السلطة الفلسطينية لطرح تصور لما يسمونه سلطة مجددة أو سلطة إصلاح، موضحًا أن الإصلاح من وجهة النظر الأميركية هو جعل السلطة منظومة أمنية أكثر ترضي إسرائيل.

3 تصورات لليوم الثاني للحرب

البرغوثي أشار إلى أن هناك تصورًا فلسطينيًا لليوم التالي للحرب، لكنه غير مجمع عليه، وقال إن هناك 3 تصورات لهذا اليوم: تصور الاحتلال هو أن يبقى الجيش الإسرائيلي في غزة، وأن يجد حفنة عملاء يعملون لصالحه.

والتصور الثاني، حسب البرغوثي هو سلطة متجددة، تأتي لتدير أمور غزة مع تركيز على الجانب الأمني بمعزل عن كل القوى الفلسطينية المناضلة في غزة، معتبرًا أن هذا التصور لن ينجح، لأن المقاومة لن تزول.

وأردف أن التصور الثالث هو التخلي عن نهج التفرد والعمل على تشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة توحد الضفة الغربية وغزة، وتفشل المخطط الإسرائيلي، وتعد لإجراء انتخابات حرة وديمقراطية حتى يختار الشعب الفلسطيني قياداته بشكل ديمقراطي.

ما هو مصير نتنياهو؟

وأشار البرغوثي إلى أن نتنياهو لكي يبقى في الحكم فهو يعرف أنه يجب أن تستمر هذه الحرب، وإن توقفها يعني نهايته السياسية، معبرًا عن اعتقاده بأن الوضع على خطوة واحدة ليس من النصر المطلق لنتنياهو، بل على بعد خطوة واحدة من نهايته السياسية.

ولفت إلى أنه بمجرد توقف الحرب، سيحاسب نتنياهو على فشله في 7 أكتوبر، وعلى فشله في هذه الحرب وفي إدارتها، وسيحاسب على الوضع الذي وضع فيه إسرائيل منبوذة في كل العالم، وسيحاكم على أربع قضايا فساد كل واحدة ستذهب به إلى السجن.

ولا يستبعد البرغوثي أن يخطط نتنياهو وبعض القيادات العسكرية التي قد يطاح بها بعد الحرب لتصعيد الحرب في الشمال مع حزب الله ومع إيران.

ويرى أن إيران أذكى من أن تفتح هذه الجبهة، فهي تعرف اليوم أن إسرائيل عليها ضغط هائل من الولايات المتحدة ودول عديدة في العالم، والأفضل أن تترك المجال حتى تحشر إسرائيل في النهاية ولا تتخلى عن الرد.

كما يرى البرغوثي أنه يجب إخضاع نتنياهو للضغط لإجباره على التنازل في المفاوضات الجارية، والقبول بوقف لإطلاق النار والبدء في عملية تبادل الأسرى، وعندها ستكون فعلًا الخطوة الأخيرة نحو نهايته السياسية.

هل وصلت علاقة بايدن مع نتنياهو إلى طريق مسدود؟

من جهته، أوضح مدير مركز العربي للأبحاث في واشنطن خليل جهشان أن حرب غزة أثبتت أنها أكبر بكثير في الواقع مما توقعت حتى الأطراف المشاركة فيها، بالرغم من أنها لم تحسم بعد إلا أنها أخطر حرب منذ عام 1948، وأكثرها تكلفة.

وفي حديث لـ"العربي" من واشنطن، قال جهشان: "لم نشاهد أبدًا رئيسًا أميركيًا دعم بهذا السخاء إسرائيل دون أي شروط أو حدود"، مشيرًا إلى أن الدعم الأميركي منذ وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الحكم غير معهود.

وتابع أن هناك أغلبية داخل الحزب الديمقراطي لا تؤيد ولا تدعم سياسة الرئيس الأميركي، مشيرًا إلى أنه من الممكن لهذه الأزمة أن تصبح هي بالفعل العامل الحاسم في الانتخابات الأميركية/ وتقود إلى خسارة الحزب الديمقراطي، نتيجة الدعم غير المعهود لإسرائيل.

وأردف جهشان أن الدعم الأميركي لإسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول هو انحياز كامل لتل أبيب، وتبني الحجج الإسرائيلية لهذه الحرب، وتبني الأرقام والتصريحات الكاذبة.

وأعرب عن اعتقاده بأن علاقة الإدارة الأميركية مع نتنياهو وصلت إلى طريق مسدود، وأصبحت سلبية تضر بمصالح الولايات المتحدة على الصعيد الإستراتيجي الدولي، وعلى الصعيد السياسي الداخلي.

من ناحيته، أفاد الباحث في مركز "مدى الكرمل" إمطانس شحادة، أن نتنياهو بدأ يستعمل منذ عدة أشهر مصطلح النصر المطلق، مشيرًا إلى أن الإعلام الإسرائيلي اليوم يهزأ من مقولة رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه، ويستغرب من استعمال هذا المصطلح لأنه لغاية الآن والإعلام يعود ويقول إنه ليس هناك سوى الدمار والقتل وحرب الإبادة على غزة، فإن دولة الاحتلال لم تحقق أيا من النتائج الإستراتيجية المركزية التي وضعتها مع بداية هذه الحرب.

وأضاف في حديث لـ"العربي" من حيفا إسرائيل لا تعرف أي إستراتيجية تنتهج بعد هذه الفترة، ولا تعرف إلى أين تتجه الآن، ولم تحقق أيا من أهدافها، لذلك إسرائيل في أزمة إستراتيجية لا تستطيع حسم المعركة، ولا تستطيع حسم المفاوضات ولا تستطيع لغاية الآن ردع جبهات أخرى مثل ردع جبهة الشمال.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close