أعلنت مجموعة "غازبروم" الروسية العملاقة اليوم الثلاثاء خفض شحناتها من الغاز إلى ألمانيا عبر خط أنابيب "نورد ستريم" بأكثر من 40% يوميًا، نظرًا لعدم تسلّمها المعدات الضرورية من شركة "سيمنز" الألمانية.
وأوضحت المجموعة الروسية في بيان نشرته على "تلغرام" أنه "لا يمكن ضمان شحنات الغاز بواسطة خط أنابيب نورد ستريم إلا بما تصل كميته إلى 100 مليون متر مكعّب من الغاز يوميًا بدلًا من 167 مليون متر مكعّب يوميا كما كان مخططًا".
جملة أسباب
ومن بين الأسباب، عدم توافر ضواغط من شركة سيمنز إذ "لا يمكن في الوقت الحالي استخدام سوى ثلاث وحدات لضغط الغاز" في محطة الضغط "بورتوفايا" بالقرب من فيبورغ شمال غرب روسيا، حيث يجري تزويد خط "نورد ستريم".
ورغم تراجع هذا التسليم، أكدت الحكومة الألمانية، اليوم الثلاثاء أن "أمن الإمدادات لا يزال مضمونًا" للبلاد بحسب ناطق باسم وزارة الاقتصاد.
ولا تزال ألمانيا تستورد حوالى 35% من الغاز من روسيا، رغم أن هذه النسبة كانت 55% قبل بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا فجر 24 فبراير/شباط الماضي، الذي أضر بإمدادات الغاز نتيجة تضارب المصالح واصطفاف الكثير من الدول مع كييف ضد موسكو.
عقب ذلك، بدأت تتراجع صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا بشكل مستمر منذ بدء العقوبات ضد موسكو بسبب تدخلها العسكري في أوكرانيا.
وسرعان ما أصبح على مدى ثلاثة أشهر خلت الغاز ورقة للتبارز الروسي الأوروبي على هامش حرب أوكرانيا. فروسيا تشترط الدفع بالروبل مقابل الغاز، ويرد الغرب ممتعضًا، بأن ذلك "ابتزاز" من موسكو.
إذ أوقفت شركة غازبروم تسليم الغاز للعديد من العملاء الأوروبيين الذين رفضوا الدفع بالروبل.
لكن موسكو طالبت العملاء من "الدول غير الصديقة"- وبينها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي - بدفع ثمن الغاز بالروبل تحت طائلة حرمانهم من الإمدادات، ردًا على العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على خلفية الهجوم الروسي على أوكرانيا، وذلك رغم العقود المبرمة والتي تنص على التسديد باليورو أو بالدولار.
اعتماد كبير على الغاز الروسي
وتعتمد ألمانيا بنسبة 70% على الغاز الروسي، وبالتالي لا يمكنها التخلي عنه قبل 3 سنوات، وفق الرئيس التنفيذي لأكبر شركة ألمانية للطاقة "أي أون".
ويزود خط الأنابيب ألمانيا بالغاز الروسي عبر بحر البلطيق، من خلال قسمين يبلغ طول كل منهما 1224 كلم، وهو قيد الخدمة منذ عام 2012 بعدما كلف حوالى 7,4 مليار يورو من الاستثمارات.
ويعد المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر أحد عرابي هذا المشروع، خط الأنابيب الوحيد الذي يربط مباشرة ألمانيا بروسيا بدون المرور عبر دولة أخرى.
وبحسب معطيات شركة استغلال الأنبوب، فقد جرى تصدير 59,2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من روسيا نحو أوروبا عبر نوردستريم في 2021.
ويثير خط أنابيب الغاز الثاني لهذا النظام "نورد ستريم 2" الذي ولد ميتًا، الجدل في أوروبا.
إذ جرى الانتهاء من بنائه ولكنه كان ينتظر موافقة الهيئة الناظمة الألمانية للبدء في تشغيله، قبل أن يؤدي الهجوم الروسي على أوكرانيا إلى وقفه.
ولاحقًا اعتبرت الخارجية الأميركية، أنّ خط أنابيب "نورد ستريم 2"، الذي يربط روسيا بألمانيا والمستهدف بتدابير عقابية فرضتها برلين وواشنطن ردّاً على الغزو الروسي لأوكرانيا بات "ميتاً" ولا مجال لـ"إحيائه".
وكانت الولايات المتّحدة أبدت منذ زمن معارضتها لخط الأنابيب هذا، معتبرة أنه سيعزّز قدرة موسكو على استغلال إمدادات الطاقة إلى أوروبا واستعمالها "سلاحًا" جيوسياسيًا.
ويسعى فيه الاتحاد الأوروبي إلى إيجاد مصادر بديلة لإمدادات الطاقة والحد من الاعتماد على روسيا عقب الهجوم على أوكرانيا.
وأقر الاتحاد الأوروبي في وقت سابق من الشهر الجاري، حظرًا على معظم واردات النفط الروسي في عقوبة تعتبر الأشد صرامة منذ بدء الهجوم الروسي لأوكرانيا المتواصل منذ 24 فبراير/ شباط الماضي.
وقبل بدء الهجوم الروسي لأوكرانيا، كان الاتحاد الأوروبي يستورد أكثر من ربع النفط الذي يحتاج إليه من روسيا.