رفعت البنوك المركزية الخليجية أسعار الفائدة الرئيسة، مقتفية أثر مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي في رفعه سعر الفائدة للمرة الثالثة على التوالي بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية.
وفي حين يهدف تحرك الفدرالي الأميركي إلى خفض التضخم، فإنه يشكل أيضًا بوصلةً لتوجيه السياسة النقدية الخليجية نظرًا لارتباط معظم عملات المنطقة بالدولار الأميركي.
ورفعت قطر، والسعودية، والبحرين، والإمارات، وسلطنة عمان أسعار الفائدة 75 نقطة أساس، ومع النمو الاقتصادي القوي في القطاعات النفطية وغيرها، فإن تأثير هذه الخطوة يبقى محدودًا على اقتصادات المنطقة عمومًا.
من جهتها، زادت الكويت التي تربط عملتها بسلة عملات، سعر الخصم 25 نقطة أساس مع تمتعها بمرونة أكبر في الابتعاد عن سياسة المركزي الأميركي.
أما على المستوى العالمي، فعمدت عدد من البنوك المركزية لرفع أسعار الفائدة لمواجهة أخطار التضخم المرتفعة، على ضوء قيام الفدرالي الأميركي بـ 5 زيادات على أسعار الفائدة، نتيجة لارتباط عملاتها بالدولار.
رفع الفائدة في السياسة النقدية
وتتسبب زيادة أسعار الفائدة برفع مستوى الاحتياطيات في النظام المالي، وبالتالي الحد من المعروض النقدي.
بدورها، فإن زيادة تكاليف الاقتراض تؤدي إلى تثبيط الإنفاق الاستهلاكي والتجاري، خاصةً على الأصول عالية التكلفة كالعقارات.
ومع زيادة أسعار الفائدة، تتأثر أسعار الأصول ما يجعل البنوك والمصارف أكثر حذرًا في قرارات التمويل والتسليف، ويتسبب في خفض الطلب بالأسواق ما يكبح التضخم.
محاولات لترويض التضخم
من لندن، يشرح الخبير الاقتصادي نهاد إسماعيل أن رفع أسعار الفائدة هي إحدى الأدوات لدى البنك الاحتياطي الاتحادي الأميركي لمكافحة التضخم، على أن تكون فعالة في حال أتت بنتائج خلال شهور قليلة.
ومن المتوقع أن ينخفض التضخم في الولايات المتحدة من نسبة 8.3% وهي الأعلى منذ 40 عامًا، إلى 4.4% أي بمقدار النصف تقريبًا، بحلول نهاية العام.
أما التداعيات السلبية لهذه السياسات المالية، فهي وفق إسماعيل تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي، فبعد أن كان من 4 إلى 6% من المرجح أن يلامس الآن الـ 1.2%، ما سينعكس على الحركة الاقتصادية.
ويضيف الخبير الاقتصادي في حديثه مع "العربي": "لكن الهدف في النهاية يبقى تقليل السيولة في السوق وتشجيع المستهلك على خفض الإنفاق على المشتريات، ما سيلحقه هبوطًا في أسعار السلع والخدمات في حال تراجع الطلب عليها".
ورغم وضوح هذه المعادلة الاقتصادية في الولايات المتحدة، إلا أن جيريمي باول رئيس البنك الاحتياطي الاتحادي قال إنه لا توجد حلول لترويض التضخم والتحكم به دون تداعيات مؤلمة على المواطن، وفق إسماعيل.
تأثير رفع الفائدة على المواطن العربي
وعن ارتباط اقتصادات الدول العربية بالعملة الأميركية، يرى الخبير الاقتصادي أن حال المواطن العربي كحال المواطن الأوروبي والأميركي، حيث سيدفع تكلفة أعلى لأخذ القروض وبطاقات الائتمان.
وتابع نهاد إسماعيل: "عندما وضع مدراء البنوك المركزية بين خيار ترك التضخم ليرتفع مقابل أسعار فائدة منخفضة، وبين مواجهة ركود وانكماش اقتصادي اختاروا الركود الاقتصادي لأن هذا الأمر سيعالج الأزمة".
ووصف الخبير الاقتصادي التضخم بـ"اللص الصامت" الذي يسرق دخل المواطن، إذ مهما ارتفعت الأجور ستقل القدرة الشرائية لدى الناس وسيعاني الجميع بما فيهم الشركات التي ستتوقف عن الاستثمار لأنها ستدفع المزيد من القروض، على حد قوله.
كما أن 60% من الدول النامية تعاني أصلًا من قروض ضخمة جدًا استحصلت عليها من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، في حين أن تكلفة خدمة هذه الديون سترتفع.