الأحد 8 Sep / September 2024

بين إغلاق معبر رفح والهدنة.. ما مصير "اليوم التالي" للحرب على غزة؟

بين إغلاق معبر رفح والهدنة.. ما مصير "اليوم التالي" للحرب على غزة؟

شارك القصة

تشن إسرائيل عدوانًا على غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي أسفر عن عشرات آلاف الشهداء والجرحى
تشن إسرائيل عدوانًا على غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي أسفر عن عشرات آلاف الشهداء والجرحى - غيتي
يتعمد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإفلات من الإجابة عن سؤال اليوم التالي وإستراتيجية الحرب من خلال استخدام عبارات غامضة.

نقل موقع "أكسيوس" الأميركي عن مصادر في واشنطن وتل أبيب، أن اجتماع الأحد الماضي الذي جرى في القاهرة بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة بشأن إعادة فتح معبر رفح، قد فشل في إحراز أي تقدم، بينما قالت القاهرة إنها ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لحماية الحقوق الفلسطينية حتى قيام الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967.

وكانت القاهرة أعلنت رفضها فتح المعبر بوضعه الحالي، لأنه أصبح موضع تراشق عسكري بين إسرائيل وحماس، على حد تعبير الخارجية المصرية التي أكدت تواصل رفضها منعًا لشرعنة الاحتلال.

وهذا يقود إلى الحديث عن المشهد العسكري في جنوب القطاع، حيث أكملت إسرائيل سيطرتها على محور صلاح الدين، وهذا الانتشار يمثل خرقًا واضحًا لاتفاقية "كامب ديفيد" التي تحدد عدد القوات التي يمكن للجيشين الإسرائيلي والمصري نشرها في هذه المنطقة.

وبالتوازي مع التسريبات الاستخبارية الأميركية التي أشارت إلى أن نتنياهو يعمد إلى الإفلات من الإجابة عن سؤال اليوم التالي وإستراتيجية الحرب من خلال استخدام عبارات غامضة، قالت القيادة المركزية الأميركية اليوم إنها أعادت إنشاء الرصيف البحري المؤقت قبالة ساحل غزة بكلفة ترميم تزيد عن 22 مليون دولار، وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست".

فما هو مستقبل العلاقة المصرية الإسرائيلية من زاوية استمرار إغلاق معبر رفح، وما هو تأثير إكمال تل أبيب سيطرتها على محور صلاح الدين على مسار العمليات العسكرية في غزة؟، وكيف تعمل إدارة بايدن تجاه الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع؟

تناقض في المواقف بين مصر وإسرائيل

وفي هذا الإطار، أوضح المستشار الأكاديمي بالمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، محمد مجاهد الزيات، أنه كان هناك تناقض في المواقف خلال المفاوضات الأخيرة بين مصر وإسرائيل بخصوص معبر رفح.

وأشار في حديث إلى "العربي" من القاهرة، إلى أن مصر كانت تصرّ على أن ينسحب الجيش الإسرائيلي من المعبر والمنطقة المحيطة به، وأن يعود المعبر إلى الاتفاقية التي وُقعت بين السلطة الفلسطينية والاحتلال برعاية الاتحاد الأوروبي.

ولفت الزيات إلى أن هذه الاتفاقية تتمثل في أن تتولى السلطة الفلسطينية إدارة المعبر من الناحية الفلسطينية، وأن تراقب البعثة الأوروبية عملية العبور وفقًا لمعايير محددة، وأن تتحكم مصر بالمعبر من ناحيتها.

وأضاف الزيات أن تل أبيب حاولت تقديم حلول مختلفة عن العودة إلى هذا الوضع، فيما كانت واشنطن تتبنى الموقف الإسرائيلي.

وتابع أن إسرائيل عرضت في البداية أن يكون هناك شركة أمنية أميركية تتولى إدارة معبر رفح، ويبقى جيشها خارج المعبر، لافتًا إلى أن القاهرة رفضت هذا الأمر، حتى لا تعطي شرعية لاحتلال إسرائيل للمعبر وللمنطقة المحيطة به، وترتب لإقامة دائمة.

وأردف أنه طُرح خلال الاجتماع أن يكون إدارة مدنية فلسطينية للمعبر، حسب وجهة إسرائيل، لكنها فشلت في إقناع عناصر فلسطينية للإدارة، بينما أصرت القاهرة على أن يكون هناك تمثيلًا للسلطة الفلسطينية ولو من الضباط الذين كانوا يديرون المعبر الموجودين داخل غزة.

ما هي السيناريوهات التي ستلجأ إليها مصر في المرحلة التالية؟

وأشار الزيات إلى أن القاهرة منتبهة تمامًا إلى أن كل ما يجري الآن سواء في محور فيلادلفيا أو في معبر رفح هي أحاديث عن رؤية إستراتيجية إسرائيلية لغزة في بعد انتهاء الحرب.

وأضاف أن الضغوط التي مورست على مصر من الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل في معبر رفح، مورست أيضًا على محاولة إقامة جدار عازل جديد بوسائل تقنية كبيرة في الحدود المصرية، ما رفضته القاهرة تمامًا واعتبرته مسًا بالأمن القومي المصري.

وقال الزيات: إن "مصر تعتبر أن وجود القوات الإسرائيلية في قرب الحدود المصرية يعني زيادة التوتر القائم، ولعل موقفها من معبر رفح كان رافضًا وواضحًا لأنه يرفض الممارسة الإسرائيلية".

وكشف عن أن القاهرة لديها خيارات كثيرة في حال تطورت الأمور، وتهدد الأمن القومي من بينها تجميد العلاقات السياسية مع إسرائيل، وتجميد البرتوكول الأمني بالإضافة إلى أمور كثيرة.

الزيات أشار إلى أن مصر تصر على أن يكون اليوم التالي فيه حضور فلسطيني بوضوح، وتتمنى أن تحدث مصالحة فلسطينية لتكون منظمة التحرير الفلسطينية هي الطرف الموجود داخل غزة ولا يترك المجال للتصرفات الإسرائيلية.

"سلطة أمر واقع إسرائيلية في قطاع غزة"

الخبير بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، لفت إلى أن نتنياهو يسعى لإقامة سلطة أمر واقع إسرائيلية في قطاع غزة في اليوم التالي للحرب، وهو يتطلع لأن يكون هناك سلطة عسكرية.

وفي حديث لـ"العربي" من عكا، أضاف أن أحد كبار الخبراء العسكريين الإسرائيليين نفى أن لا تكون لدى تل أبيب إستراتيجية تجاه غزة متعلقة باليوم التالي، وتحدث عن إستراتيجية تقوم على أساس تقطيع أوصال غزة إلى ما أسماه دهاليز على غرار الدهليز الذي أقيم في محور نتساريم والذي يفصل بين جنوب قطاع غزة وشماله.

ورأى أن احتلال معبر رفح وإعلان تل أبيب بأن قواتها استكملت السيطرة على كل محور صلاح الدين أو ما يسمى بمحور فيلادلفيا هو جزء من هذه الخطة التي يسعى نتنياهو لتطبيقها فيما يتعلق باليوم التالي.

وفيما أشار إلى أن احتلال محور صلاح الدين يحول كل قطاع غزة إلى سجن كبير، ويهدد كل الوجود السكاني في منطقة رفح، أوضح أنطوان شلحت أن الهدف من وراء ذلك هو محاولة الإيحاء بأن إسرائيل أصبحت قاب قوسين أو أدنى مما يسمى النصر المطلق.

ولكن مثل هذا الأمر حسب وسائل الإعلام الإسرائيلية لا تتعامل معه، وتؤكد أنه بالرغم من دخول الحرب على قطاع غزة شهرها التاسع اليوم، فإن مسألة النصر المطلق تبتعد أكثر فأكثر، حسبما ذكر أنطوان شلحت.

ونبه إلى أن احتلال معبر رفح والسيطرة على محور فيلادلفيا ينطوي على مخاطر كثيرة تتعلق ليس فقط بالفلسطينيين، إنما أيضًا بالأمن القومي المصري.

ولفت أنطوان شلحت إلى أن إسرائيل تحاول أن تدفع قدمًا مسألتين، الأولى هي أن تواصل ما تسميه القضاء على القدرات العسكرية لحركة حماس، والمسألة الثانية هي أن يؤدي استمرار هذا الضغط العسكري واستمرار حرب الإبادة الجماعية إلى ممارسة المزيد من الضغط على حماس لكي تطلق سراح المحتجزين، وتوافق على التوصل إلى صفقة تبادل الأسرى، بحسب الشروط الإسرائيلية.

لماذا لا يضغط بايدن على نتنياهو؟

من جهته، قال نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط ميك مولروي، إنّ خطط اليوم التالي والسياسات الأميركية تجاه العمل على حل الدولتين كانت سياسة واشنطن لإدارات متتالية، ولكن للأسف لم تصل إلى هذه النتيجة.

وفي حديث لـ"العربي" من لارنكا، أضاف مولروي أن بايدن قد ضغط على إسرائيل، وأوقف إرسال أنظمة السلاح إلى هناك، وقطع علاقات مع نتنياهو إلى حد ما، بسبب عدم وجود خطة لليوم التالي.

وتابع أن واشنطن لم تر تخلفًا فقط مع هذه الحكومة، ولكن أيضًا مع حكومة الحرب، مشيرًا إلى أن أميركا ترى أن بيني غانتس قد يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وأشار مولروي إلى أن بايدن كان قد صرح في مقابلة صحافية أن قلقه الأساسي هو أن نتنياهو لا يريد مغادرة الحكومة لأن لديه محاكمات، وهو يقرر شخصيًا بعدم نهاية هذه الحرب لأن نهايتها سوف تؤدي إلى انتخابات وبالتالي سوف يخسرها.

ولفت مولروي إلى أنه الصعب جدًا للولايات المتحدة أن تفرض ضغطًا على نتنياهو لأنه ليس شريكًا تقليديًا، بل هو شخص يبحث عن مصالحه الشخصية الخاصة ولديه متطلبات من وجهة نظره بأن لا تفشل حكومته وتسقط.

مولروي الذي قال: "إذا وافق نتنياهو على وقف إطلاق النار فإن حلفاءه في حكومته سوف ينسحبون منها وتسقط"، أشار إلى أن هذا وضع استثنائي وغير مألوف للولايات المتحدة الأميركية أن توقف هذه العلاقات بينها وبين إسرائيل.

وأعرب مولروي عن اعتقاده أن بايدن يريد أن يستجيب له نتنياهو، وأن هذا الأخير لا يساعد سياسات بايدن في الشرق الأوسط، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأميركية، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يبالي بمطالبات الرئيس الأميركي.

ورأى أنه ليس من مصلحة بايدن ما يحدث في غزة، مشيرًا إلى أن نتنياهو لا يستمع إلى بايدن، ولا إلى وزرائه، ولا إلى الشعب الإسرائيلي، بل يستمع إلى نفسه فقط.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close