الإثنين 23 Sep / September 2024

بين التاريخ والرمزية.. لماذا يرتدي القضاة عباءة سوداء؟

بين التاريخ والرمزية.. لماذا يرتدي القضاة عباءة سوداء؟

شارك القصة

قضاة يرتدون العباءة السوداء في إنكلترا - غيتي
قضاة يرتدون العباءة السوداء في إنكلترا - غيتي
بمجرد دخولك إلى أي قاعة محكمة تقريبًا في العالم ستلاحظ بعض أوجه التشابه، وأولها العباءة السوداء التي يرتديها القضاة، فما سرّ هذا الزيّ؟

يتميّز القضاة من حول العالم بالزي الذي يرتدونه، وتحديدًا الثوب الأسود الطويل المشترك بين جميع العاملين في هذا المجال.

فبمجرد دخولك إلى أي قاعة محكمة تقريبًا في العالم ستلاحظ بعض أوجه التشابه، مثل المنصات المختلفة الخاصة بالقاضي وهيئة المحلفين وغيرها، إضافة إلى العباءة السوداء.

فهل من سبب تاريخي أو رمزي لاختيار هذا الزي؟

اعتماد العباءة

قبل معرفة سبب ارتداء القضاة وبعض المحامين عباءة سوداء، يجب أولًا الغوص في أهداف اعتماد الجلباب أو العباءة بشكل عام بدلًا من الملابس الحديثة مثل البدلات مع ربطات العنق أو الفساتين الرسمية. 

ويعود تاريخ ارتداء الجلباب من قبل القضاة إلى القرن الخامس عشر، بعدما ارتدى هؤلاء في بريطانيا عباءات قرمزية وخضراء وبنفسجية وسوداء اعتمادًا على صيحات ذلك الوقت.

وعام 1635، حددت قواعد اللباس أنه يجب ارتداء اللون البنفسجي في الصيف والأسود في الشتاء. كما نصت القواعد الداخلية حينها بحسب موقع "جوديشل يو كاي" على وجوب ارتداء الجلباب القرمزي في المناسبات الاحتفالية وفي المحكمة الجنائية.

في هذا السياق، أشارت مجلة "ريديرز دايجست"، إلى أنه لا يوجد سبب دقيق يدفع بالقضاة إلى ارتداء الجلباب، ولكن على الأرجح يرجع ذلك إلى توارث التقاليد منذ عدة قرون.

قاضٍ بريطاني أثناء دخوله محاكم العدل الملكية في لندن عام 1958 - غيتي
قاضٍ بريطاني أثناء دخوله محاكم العدل الملكية في لندن عام 1958 - غيتي

بدورها، أكدت كلير كوشمان مديرة المطبوعات في الجمعية التاريخية للمحكمة العليا الأميركية للمجلة، أنه "لا يوجد دليل على أن القضاة ارتدوا الجلباب في جلستهم الأولى في عام 1790، لكن يبدو أنهم قرروا الاستمرار في التقليد القديم وارتدوا عباءة لأول مرة في جلستهم في فبراير/ شباط 1792".

وأضافت: "بشكل عام، يعتبر الجلباب بمثابة احتفاء بإجراءات المحكمة، ويعزز الثقة ويعكس مهمة القضاء".

وقد يفاجئكم معرفة أن عباءة القضاة لم تكن دائمًا باللون الأسود، ففي الواقع، ضمت مجموعات متنوعة من الألوان.

حول هذا الأمر قالت كوشمان: "من عام 1792 إلى حوالي عام 1800، كان قضاة المحكمة العليا في أميركا يرتدون رداءً أسود اللون يتضمن بعض العناصر مثل اللون الأحمر والأبيض على الأكمام وأسفل الجزء الأمامي من الرداء". 

قضاة المحكمة البريطانية في الملابس التقليدية - موقع "وستمنستر آبي"
قضاة المحكمة البريطانية في الملابس التقليدية - موقع "وستمنستر آبي"

اللون الأسود

أما عن سبب اللون الأسود، فأجابت القاضية ساندرا داي أوكونر، التي أدت اليمين كأول قاضية في المحكمة العليا الأميركية عام 1981، عن هذا السؤال في مقالٍ نشر في مجلة "سميثسونيان" عام 2014.

وكتبت أوكونر حينها: "من المدهش أننا نعرف القليل فقط عن مصدر هذا الزي القضائي الأسود البسيط".

وأشارت إلى أنها تعتقد أن جميع القضاة ربما يرتدون اللون الأسود كنوع من الارتباط غير المعلن، كونهم يتحملون مسؤولية مشتركة وهي صون العدل والعدالة في جميع أنحاء العالم.

وفي نهاية المطاف، توسّع هذا التقليد إلى محاكم أخرى وتبنى معظم القضاة العباءة السوداء بالكامل بحلول ثمانينيات القرن التاسع عشر، ومن المعلوم أن تقاليد المحكمة بشكل عام تأتي عمومًا من إنكلترا.

في المقابل، يناقش بعض المؤرخين بأن تقليد الرداء الأسود في إنكلترا بدأ بالحداد لعدة سنوات على وفاة الملكة ماري الثانية عام 1694.

يعود تاريخ ارتداء الجلباب من قبل القضاة إلى القرن الخامس عشر - غيتي
يعود تاريخ ارتداء الجلباب من قبل القضاة إلى القرن الخامس عشر - غيتي

لون الوقار والسلطة

وبشكل عام، يُعتبر اللون الأسود رمزًا للجدية والاحترام بحسب موقع "أوبرلو" الذي يفيد أنه من الناحية النفسية يعكس الوقار والقوة والأناقة في آن.

من جهة أخرى، يمكن أن يثير معنى اللون أيضًا مشاعر مثل الحزن والغضب.

 وعندما يرتدي القاضي اللون الأسود، قد يعكس ذلك أنه يتعامل مع المسائل القانونية والقضايا بجدية وتأنٍ، وتعامله باحترام مع المحاكمة.

كما قد يسلط الأسود الضوء على القضاء المحايد، إذ يعتبر هذا اللون من أكثر الألوان التي تدل على عدم التحيز، ما قد يدل على أن القاضي يحكم وفق القانون والحقيقة فقط، ولا يتأثر بأي خلفيات.

من جهتها، أعربت القاضية السابقة بالمحكمة العليا الأميركية ساندرا داي أوكونور عن اعتقادها بأن التقليد أصبح يمثل اليوم مبدأ واسع النطاق، إذ "يظهر أننا جميعًا قضاة ملتزمون بدعم الدستور وسيادة القانون".

تابع القراءة
المصادر:
ترجمات
Close