الأربعاء 25 Sep / September 2024

من الفراعنة إلى قضاة إنكلترا.. لماذا كان الرجال يرتدون الشعر المستعار؟

من الفراعنة إلى قضاة إنكلترا.. لماذا كان الرجال يرتدون الشعر المستعار؟
الإثنين 23 سبتمبر 2024

شارك القصة

كان الشعر المستعار يرمز إلى السلطة والثروة والمكانة الاجتماعية – أرشيف غيتي
كان الشعر المستعار يرمز إلى السلطة والثروة والمكانة الاجتماعية - غيتي / أرشيف

بقدر ما يبدو الأمر غريبًا اليوم، إلا أنّ ارتداء الرجال للشعر المستعار شكّل في الماضي ظاهرةً تاريخية مألوفة، حتى إنّها اعتُبِرت أمرًا شائعًا بالنسبة إلى العديد من الحضارات والثقافات على مر العصور.

ورغم أن الشعر المستعار له تاريخ طويل في المجتمعات القديمة ويعود إلى فترة الفراعنة، إلا أنّه اكتسب شعبية كبيرة باعتباره أكسسواراً للأزياء الراقية خلال حكم الملك لويس الرابع عشر في فرنسا من عام 1643 إلى عام 1715.

ووراء هذا التقليد أسباب متعددة ومتنوعة، تتراوح بين الدلالات الاجتماعية والدينية وحتى الأسباب الصحية والجمالية.

رمزية اجتماعية للشعر المستعار

كان ارتداء الرجال للشعر المستعار يدل على مكانتهم الاجتماعية العالية – أرشيف غيتي
كان ارتداء الرجال للشعر المستعار يدل على مكانتهم الاجتماعية العالية – أرشيف غيتي

كان الشعر المستعار في العديد من المجتمعات رمزًا للثروة والسلطة والمكانة الاجتماعية الرفيعة ويدل على السلطة والمكانة، إذ كان الملوك والأباطرة والنبلاء يرتدون شعرًا مستعارًا مزينًا بالجواهر والأحجار الكريمة للتأكيد على مكانتهم.

كما استخدم بعض الكهنة والشخصيات الدينية في أوروبا وغيرها الشعر المستعار كجزء من طقوسهم الدينية، حيث كان يرمز إلى القدسية والحكمة.

وكان الشعر المستعار يميز الطبقات العليا عن الطبقات الدنيا، حيث كان من المتوقع أن يرتدي الأغنياء والأرستقراطيون شعرًا مستعارًا فاخرًا.

دلالة على الصحة

الملك لويس الرابع عشر مرتديًا شعرًا مستعارًا – أرشيف غيتي
الملك لويس الرابع عشر مرتديًا شعرًا مستعارًا – أرشيف غيتي

 كان الصلع يعد مشكلة شائعة في الماضي ويشكل نوعًا من وصمة عار لبعض الرجال، وكان الشعر المستعار وسيلة لإخفاء الصلع ولا سيما الناتج عن الأمراض أو الإصابات.

كذلك كان الشعر الطويل يُعتبر في بعض الثقافات علامة على النظافة والصحة، لذلك عمد بعض الرجال إلى ارتداء الشعر المستعار للحفاظ على هذا المظهر.

ووفق موقع "هيستوري فاكتس" عندما بدأ الملك الشاب آنذاك الملك لويس 14 يفقد شعره في سن الـ17 في فرساي في خمسينيات القرن السابع عشر، بدأ بارتداء الشعر المستعار لتغطية ذلك.

وبحلول الوقت الذي بلغ فيه الثلاثينيات من عمره، كان قد تبنى شعرًا مستعارًا شديد التصفيف، وأصبحت هذه التسريحة المعروفة باسم "بيروكس" جزءًا لا يتجزأ من مظهره الملكي وموضة بين حاشيته والنبلاء. 

وفي نفس الوقت تقريبًا الذي جعل فيه الملك لويس الشعر المستعار شائعًا في فرنسا، بدأ ابن عمه الملك تشارلز الثاني في إنكلترا أيضًا في ارتدائه لتغطية شعره الرمادي.

الشعر المستعار وصيحات الموضة

خلال فترة حكم النبلاء والأرستقراطيين، كان الشعر المستعار يعد من صيحات الموضة في تلك الحقبة، وكان الرجال يغيرون قصّاتهم وألوان شعرهم المستعار للتعبير عن شخصيتهم أو جذب الانتباه.

فعلى سبيل المثال، كان الشعر الكثيف واللامع يعتبر جذابًا للنساء، وكان الرجال يستخدمون الشعر المستعار لزيادة جاذبيتهم.

وعلى الرغم من أن ارتداء الشعر المستعار بدأ كصيحة أزياء، إلا أنه أصبح جزءًا لا يتجزأ من مهنة المحاماة في إنكلترا. 

وبدأ القضاة والمحامون في ارتدائه لتمييز أنفسهم عن عامة الناس ونقل شعور بالسلطة والنزاهة.

في ذلك الوقت، كانت المستعمرات الأميركية لا تزال تحت الحكم البريطاني، ومع انتقال العادات والتقاليد القانونية الإنكليزية عبر المحيط الأطلسي في النصف الأول من القرن 18، انتشرت أيضًا ظاهرة ارتداء الشعر المستعار هناك.

وطوال القرن الثامن عشر، تبنى القضاة والمحامون الأميركيون هذا الاتجاه، وإن كان بأسلوب أكثر "هدوءً" من الفرنسيين والبريطانيين.

كما ارتدى أفراد النخبة السياسية الشعر المستعار، بما في ذلك الآباء المؤسسون البارزون مثل جون آدامز وجيمس ماديسون.

عادات موروثة

قضاة بريطانيون يرتدون شعرًا مستعارًا – أرشيف غيتي
قضاة بريطانيون يرتدون شعرًا مستعارًا – أرشيف غيتي

في بعض الثقافات، كان ارتداء الشعر المستعار جزءًا من التقاليد والعادات المتوارثة، فقد اعتمدت بعض الأديان الشعر المستعار لأغراض رمزية أو طقوسية.

وعلى سبيل المثال في مصر القديمة، كان الفراعنة والكهنة يرتدون تيجانًا مزينة بالشعر المستعار.

أما في روما القديمة، فقد كان الرجال الرومان الأغنياء يرتدون شعرًا مستعارًا من شعر الخيول.

وبحلول أوائل القرن 19، توقف غالبية الرجال في أوروبا وأميركا عن ارتداء الشعر المستعار، لكن التقليد استمر في إنكلترا، حيث لا يزال الشعر المستعار مستخدَمًا في قاعات المحاكم حتى يومنا هذا.

وفي عام 2007، قررت المملكة المتحدة أن المحامين لم يعودوا بحاجة إلى ارتداء الشعر المستعار في المحاكم المدنية ومحاكم الأسرة. 

وتبعت المحكمة العليا في المملكة المتحدة نفس القرار، باستثناء المحاكمات الجنائية وبعض المناسبات الاحتفالية، حيث لا يزال الشعر المستعار مطلوبًا حتى يومنا هذا للقضاة والمحامين. 

ومع ذلك، لا يزال الشعر المستعار شائعًا في العديد من قاعات المحاكم الإنكليزية، فيما توقفت كندا تدريجيًا عن استخدام الشعر المستعار في القرنين 19 و20، بينما لم توقف أيرلندا وجامايكا هذه الممارسة حتى عام 2011. 

وفي أستراليا، لا يزال الشعر المستعار الذي يرتديه القضاة والشعر المستعار الرسمي الذي يغطي كامل الجزء السفلي من الجسم مستمرًا حتى يومنا هذا. 

وفي إفريقيا، لا تزال بلدان مثل غانا وزيمبابوي وكينيا تستخدم غطاء الرأس في قاعات المحاكم على الرغم من المناقشات حول أهميته وملاءمته بعد الاستعمار ناهيكم.

المصادر:
ترجمات

الدلالات

Close