تعتبر الموضة شكلًا من أشكال التعبير عن الذات، من الملابس، والأحذية، وتسريحة الشعر، والإكسسوارات، والماكياج، وحتى نمط الحياة.
وتختلف صيحات الموضة من عصر إلى آخر، لكن المشترك الوحيد بينها هو السعي الدائم إلى الجمال، رغم مخاطر بعضها على صحة الانسان.
ورصد موقع " توب تنز" بعض هذه الصيحات التي شوّهت جسد الإنسان، ويُمكن إدراجها في إطار مخالفة القانون.
أحذية "شوبين" (Chopines)
يعتبر مقدّمة لأحذية الكعب العالي، صُمّم في القرن الخامس عشر في إيطاليا. هو عبارة عن حذاء خشبي أو مصنوع من الفلين الذي يحمي مرتديه من الطين والقذارة في شوارع البندقية.
يُشبه القباقيب، لكنه عالٍ جدًا، يصل طوله أحيانًا إلى 20 سنتيمترًا.
عكست هذه الأحذية الوضع الاجتماعي الجديد لأعضاء الطبقات النبيلة، لكنّه أدى إلى وقوع حوادث متكررة، إذ كان سكان البندقية يسقطون أرضًا كلما ارتدوا هذا الحذاء العالي جدًا، وبالتالي اتساخ ما هو أكثر من مجرد أحذيتهم.
أطواق تيودور
كانت أطواق تيودور سمة عصر حكم الملكة إليزابيث الأولى، وأحد أكثر رموز الموضة في ذلك الوقت. ارتدته النساء والرجال على حد سواء. وتألف من عدة طبقات من أقمشة الدانتيل والكتان المتصلّبة أو المطوية. وتضمّنت التصاميم الأكثر تفصيلًا جواهر وخيوط ذهبية لتغطية عنق وأكتاف الرجل ورقبة وثدي وأكتاف المرأة.
وكلما زادت شعبيته، زاد مقاسه وحجمه. لكنّه كان غير مريح، كما شكل خطرًا على مرتديه بسبب عدد الدبابيس المطلوبة للحفاظ على الشكل المتماسك للملابس. كما كانت سببًا في تقييد رؤية الشخص لما يحيط به، حيث أجبر مرتديه على الانحناء والدوران ليتمكن من رؤية محيطه.
أربطة القدم
ربط الأقدام كان عادة مارستها النساء في الصين لأكثر من ألف عام. تضمّن ربط قدم الفتيات الصغيرات لتلائم بشكل دائم حذاء "لوتس" الصغير. وكانت لهذه العادة آثار اجتماعية واقتصادية عميقة في الثقافة الصينية، إذ كانت آفاق الزواج مرتبطة بحجم القدم، فالعروس التي تمتلك قدمًا يبلغ ارتفاعه 7.62 سنتيمترًا، تُعرف بـ"اللوتس الذهبي"، وكانت مرغوبة للزواج.
لكنه أدى إلى تشويه أقدام الفتيات، وتتسبّب بألم مبرح، يبدو أقرب إلى التعذيب من التجميل. وكانت أقدام الفتيات تُلف بإحكام لمدة عامين، بعد أن يتمّ كسر جميع أصابع القدم (باستثناء أصابع القدم الكبيرة)، وربطها على نحوٍ مستوٍ مقابل النعل ليأخذ انحناء القدم شكل القوس. وبعد ذلك، كان يُضغط بشدة لثني القوس باستخدام ضمادات الشاش.
وغالبًا ما يؤدي الربط إلى قطع الدورة الدموية، مما يؤدي إلى الإصابة بالغرغرينا. كما تطلّبت العملية من الفتيات المشي لمسافات طويلة للإسراع في تكسير الأقواس. وبمرور الوقت، أصبحت الأربطة أكثر إحكامًا، وتم دمج الحذاء مع الكعب والنعل.
وعلى الرغم من المخاطر والآثار التي تهدد الحياة، استمرت أربطة القدم حتى حُظرت رسميًا عام 1912.
الياقة العالية المتصلّبة
على الرغم من أن الياقة القابلة للفصل توفر الراحة في عدم الاضطرار إلى تغيير القميص يوميًا، إلا أن الياقة المتصلّبة هددت بقطع إمداد الدم إلى الشريان السباتي في الرقبة. ونتيجة لذلك، تحوّل هذا الإكسسوار إلى سلاح فتّاك، مما أسفر عن مقتل العشرات من الرجال في العصر الإدواردي.
وعام 1888، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية خبرًا بعنوان: "مات اختناقًا بسبب الياقة"، إذ عُثر على جون كروتزي ميتًا في حديقة، واعتقد الطبيب الشرعي أن الرجل كان ثملًا وجلس على مقعد، فسقط مغشيًا عليه. لكن الطبيب وجد أن طوقه المتصلّب أعاق القصبة الهوائية، وبعد فحص تدفّق الدم عبر الأوردة، تبين أن الرجل مات بسبب الاختناق والسكتة الدماغية.
الباروكات المجفَّفة
عبارة عن شعر مستعار مصنوع من شعر الخيل، انتشر استخدامه خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، بعد أن اجتاح مرض الزهري أوروبا، ما أدّى إلى تساقط الشعر باعتباره أحد الآثار الجانبية العديدة لذلك الوباء.
واستجاب الملك لويس الرابع عشر، أحد أبرز ضحايا مرض الزهري، بارتداء الباروكات المجفَّفة التي كان مصممو الشعر يتّجهون إليها بصورة متزايدة خلال فترة حكمه التي استمرت 72 عامًا.
وأدت الحماسة لأنماط أكثر إبداعًا من كلا الجنسين، إلى تجعيد الشعر بالشحم ومجموعة متنوعة من المساحيق المصنوعة من الرصاص. ولكن مع انتشار موضة الباروكات، انتشر معها كذلك القمل والحشرات التي كانت تعيش في شعر الخيل.
وعلى الرغم من أن الشعر المستعار لم يعد رائجًا بحلول نهاية القرن التاسع عشر، إلا ان العديد من القضاة والمحامين في الكومنولث البريطاني، لا يزالون يرتدونها اليوم أثناء مراسم التكريم التي تحضرها ملكة بريطانيا. كما يستخدمها المحامون والقضاة الفرنسيون.
التنانير المقيدة الضيقة (Hobble skirts)
تميّزت التنانير المقيّدة الضيقة بطولها الذي يصل إلى الكاحل، وبقصة ضيّقة تقيّد الأرجل، مما يجبر النساء على المشي بخطوات صغيرة محسوبة.
حظيت هذه التنانير بشعبية في أوائل القرن العشرين على الرغم من تقييدها للحركة بشدة. ولكنّها أدت إلى سلسلة من الحوادث التي سقطت فيها النساء أرضًا. ودان البابا بيوس العاشر موضة ارتداء التنانير الضيقة.
المشدّات (الكورسيهات)
حافظت المشدّات على تاريخ طويل مشهور في عالم الملابس الداخلية للنساء، وربما يعود تاريخها إلى الحضارة المينوسية. ومع ذلك، لا يمكن مقارنة مشدّات اليوم بتلك التي كانت ترتديها النساء في العصر الفيكتوري، وما كان ينتج منها من عواقب تهدّد الحياة، مثل الأقفاص الصدرية المحطّمة والنزيف الداخلي.
وكان الأثر الجانبي الأكثر شيوعًا هو صعوبة التنفّس، بالإضافة إلى الإغماء والاختناق حتى الموت، وهي حالة تمّ تصويرها في مشهد لا يُنسى من فيلم "قراصنة الكاريبي" (Pirates of the Caribbean)، حيث تسقط إليزابيث سوان في الماء بعد ربطها بإحكام شديد.
تنانير "الكرينولين"
بحلول ستينيات القرن التاسع عشر، وصلت موضة الكرينولين (المعروفة أيضًا باسم العرائس أو التنانير الحلقية) إلى ذروة شعبيتها بين النساء من جميع الفئات الاجتماعية.
وصمّمت هذه التنانير لتضخيم حجم ورك المرأة بصورة جذابة، وكانت تتألف عادة من ثوب نسائي مدعم بالفولاذ ومغطى بطبقات من القماش.
إلا أن زيادة الطلب على توسيع الأحجام والأشكال والأنماط، أدى في نهاية المطاف إلى عواقب مميتة، إذ كانت النساء اللواتي يرتدين هذه الملابس المرهقة عرضة لإشعال النار بأنفسهن عن طريق الخطأ، إذا وقفن بالقرب من المدفأة أو الشموع.
كما تشمل المخاطر المحتملة الأخرى التعثّر بالآلات أو الانجراف أسفل عجلات النقل سريعة الحركة. وعلى الرغم من أن بعض التقارير تزعم أن تنانير "الكرينولين" ساعدت في إنقاذ النساء من الغرق، إلا أن الوزن الزائد كان يمكن أن يؤدي بسهولة إلى غرق سيدات العصر الفيكتوري إلى قاع البحر.
بين صناعة الملابس والتلوث
وعلى مرّ السنوات، تأكد أن صناعة الملابس بشكل عام هي عامل أساسي ومهم في المساهمة بالتلوّث.
فصناعة الملابس التي تروّج لها الشركات لم تعد تقتصر على أربعة مواسم (الصيف والخريف، والشتاء، والربيع)، بل تخطّتها إلى أكثر من ذلك بكثير، وباتت تعتمد على الموضة السريعة الأسبوعية التي تدفع الإنسان إلى الشعور بأنه متخلّف عن اللحاق بركب التسارع في الموضة.
وبالتالي، تحوّل الانسان إلى إستراتيجية ارتداء قطعة الملابس لموسم واحد فقط، والتخلّي عنها في الموسم المقبل.
وأوضح الصحافي المتخصّص في الشؤون البيئية مصطفى رعد، في حديث سابق إلى "العربي"، أن الملابس هي عامل مهم في تلوّث الكوكب، مضيفًا أن معظم الملابس السريعة التي تروّج لها الشركات ودور الأزياء، مصنوعة من البوليستر أو الأكريليك المخلوط مع القطن، وبعد غسلها، ينتهي المطاف بهذه المواد في المحيطات حيث تأكلها الأسماك التي يأكلها الإنسان بدوره.
وأضاف رعد أن صناعة الملابس أيضًا تستهلك الكثير من المياه خلال زراعتها، كما أنه خلال التصنيع يتمّ إضافة المواد الكيميائية للقطن من أجل استخدامه في صناعة الملابس وصبغها، والتي، بدورها، تُساهم في أضرار على صحة الإنسان كاصابته بالأمراض الجلدية.