يواجه قطاع الأعمال في دولة الكويت تحديات عدة، من أهمها مدى التزام الحكومة بتنفيذ المشاريع الإنشائية والخدماتية الواردة في برنامج عمل الحكومة الذي قدم مؤخرًا لمجلس الأمة.
وتعاني مثل هذه المشروعات في الكويت من التأخير في التنفيذ وأحيانًا من الإلغاء، لأسباب تتعلق بالصراع السياسي بين الحكومة وقوى المعارضة البرلمانية، ما يؤثر سلبًا في الأداء المالي للشركات الكبرى في الكويت، والتي تعتمد إلى حد كبير على المشاريع الحكومية الكبرى.
ويعد مبلغ 26,2 مليار دينار كويتي للمشاريع في الكويت، وفق ما جاء في ميزانية الحكومة الكويتية التي قدمت للسنة المالية 2023-2024، أضخم إنفاق سنوي تقرره الدولة الخليجية، إذ رصد لتنفيذ عدد من المشاريع الحيوية التي من شأنها أن تعزز سياسة التنمية التي تعمل على اعتمادها الحكومة الكويتية.
مشاريع التنمية في الكويت
ومن هذه المشاريع تشييد المبنى رقم "2" في مطار الكويت الدولي، وبناء 3 مدرجات جديدة، وهو مشروع ضخم من شأنه أن يزيد الطاقة الاستيعابية للرحلات الجوية للمغادرين والقادمين من 240 ألف رحلة إلى 650 ألف رحلة.
ومن هذه المشاريع أيضًا إنجاز الجزء الخاص بالكويت ضمن مشروع سكة حديد دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى توسعة ميناء مبارك الكبير وإصلاح وترميم آلاف الكيلومترات من الطرق.
إذًا هي مشاريع في حال نفذت من المتوقع أن ترفع الطاقة الإنتاجية للبلاد من النفط من 2,7 مليون برميل يوميًا إلى 3,15 ملايين برميل يوميًا، في حين سيرتفع إنتاج الغاز الطبيعي من 521 مليون قدم مكعبة إلى 930 مليون قدم مكعبة يوميًا.
الاقتصاد الكويتي ينمو بنسبة تزيد على 8% مستفيدا من ارتفاع أسعار النفط واحتواء موجة التضخم #الكويت تقرير: علي الرواشدة pic.twitter.com/L5XyolIxoa
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 24, 2023
وعليه، يظهر في الخطط مستقبل تنموي غير مسبوق للكويت، إلا أن في التحليل السياسي تشاؤمًا يعود إلى الميزانية السابقة، إذ لم يبق منها سوى 36% من المبلغ المطروح للمشاريع، وذلك جراء الجمود السياسي والمناكفات التي قامت بين الحكومة ومجلس الأمة، ما ألقى بظلاله على تنفيذ المشاريع بسبب ندرة العقود التي وقعت في هذا الشأن.
في خضم هذا الواقع، وبرغم كل المخاوف، تتوجه الأنظار إلى ما ستكون عليه طبيعة العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة، وإلى الجو السياسي العام في البلاد، على أمل أن تحمل السنة المالية الجديدة إيجابية تحاكي الأرقام المطروحة.
"صراع بين سلطتين"
وفي هذا الإطار، يوضح رئيس اتحاد المقاولين الكويتيين الدكتور صلاح بورسلي، أن هناك صراعًا بين سلطتين أدى إلى هذه النتائج، وأنه من الصعب الاستمرار في مشاريع الدولة بالظروف الحالية، مشددًا على وجوب أن يكون هناك اتفاق واستقرار، لأنه بدون ذلك من المستحيل أن تنفذ المشاريع.
وفي حديث لـ"العربي" من الكويت، يضيف بورسلي أن تأخير عقود الشركات تتحمل مسؤوليتها الدولة مع السلطة التشريعية، معربًا عن أمله في أن يكون هناك توافق بين الطرفين ينتج أعمالًا مرحبًا بها عن طريق المشاريع الدولة.
ويشير إلى أن معظم التأخير الذي يحدث في المشاريع هو بسبب الروتين الموجود في الكويت بين الوزارات مع لجنة المناقصات ومع الدورة المستندية، مما يسبب تأخيرًا في تنفيذ المشاريع ويضر المقاولين أيضًا، ويؤدي إلى خلل في المشاريع.
"التغير المستمر في الحكومات"
من جانبه، يوضح الخبير الاقتصادي علي العنزي، أن التغير المستمر في الحكومات المتعاقبة خلال السنوات الماضية شكل عائقًا في الاستمرار بتنفيذ المخططات الإستراتيجية للمشاريع الإنمائية، بالتالي تتأثر هذه الشركات خصوصًا الكبرى المتعلقة أعمالها بالحكومة.
ويضيف في حديث لـ"العربي"، أنه خلال الـ5 سنوات الماضية، كانت هناك أربع سنوات فيها عجز في موازنة الدولة، موضحًا أن الموازنة تنقسم بحسب إحصاءات وزارة المالية إلى 80% تذهب إلى الرواتب، و20% للإنفاق الرأسمالي والدعم.
ويردف علي العنزي أن العجز المتراكم في الموازنة يعطل أيضًا تنفيذ المشاريع، ناهيك عن التغير المستمر في الحكومات.