لا تزال الانقسامات قائمة بين إيران والدول الست الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015 (أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين)، حول مفاوضات فيينا المخصصة لإعادة إحياء الاتفاق الذي خرج منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عام 2018.
ولم تسفر 6 جولات من المباحثات في فيينا عن انفراجات حتى الآن؛ فما إن تبدأ جولة جديدة، حتى تبدأ معها التعقيدات بسبب تمسك إيران وأميركا بشروطهما أمام الوسيط الأوروبي.
تمديد الاتفاق مع الوكالة الدولية
وفي سياق المفاوضات النووية، ومع انتهاء أجل الاتفاق حول المراقبة النووية بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية دعت الوكالة، أمس الجمعة، طهران إلى الردّ على خطابها بشأن اتفاق المراقبة النووية المؤقت الموقّع بين الطرفين.
وتمّ إبرام الاتفاق المؤقت المتعلق بالمراقبة النووية في 21 فبراير/ شباط 2020، ولمدة ثلاثة أشهر، ثمّ جرى تمديده لشهر إضافي في 24 مايو/ أيار الماضي.
ودعت الوكالة طهران إلى الردّ فورًا، منبّهة إلى ضرورة مواصلة أنشطة التحقّق والمراقبة لبرنامج إيران النووي.
من جهته، اعتبر مندوب إيران الدائم في الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاظم غريب آبادي أن تسجيل البيانات في المنشآت النووية كان "قرارًا سياسيًا اتخذته إيران لتسهيل المحادثات السياسية والمساعدة في نجاحها، ولا ينبغي اعتباره التزامًا مع الوكالة".
وشدد على أنه مما لا شك فيه أن أي قرار تتخذه إيران في هذا الصدد لن يكون إلا "بناءً على اعتباراتها السياسية، ولا يمكن للوكالة، ولا ينبغي لها أن تعتبره أمرًا من حقها".
Data recording was a political decision by Iran to facilitate, including, the political talks and to help its success and shouldn't be considered as obligation in relation with the Agency. Since Iran is continuing the implementation of its CSA, continuation or discontinuation(1)
— Gharibabadi (@Gharibabadi) June 25, 2021
وفي السياق عينه، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، في تصريح لوكالة "رويترز"، إنه ينبغي على إيران التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية "دون تأخير" لضمان تمكن الوكالة من مراقبة التزام طهران بالاتفاق النووي.
تعثّر الجولة السادسة
أما في فيينا، فيبدو أن المحادثات وصلت إلى طريق مسدود بين طهران وواشنطن. وأكد مصدر في الخارجية الأميركية، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن الجولة السادسة من المحادثات انتهت "في ظل انقسامات" على القضايا الرئيسية.
كما أكد المصدر أن بلاده "لن تشارك في جولة سابعة إن أيقنت أن التوصل إلى اتفاق أمر غير ممكن"، مشددًا على أن الوصول إلى اتفاق لا يزال ممكنًا رغم وصول الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي.
من جهته، رأى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، أن بلاده مستعدة لتنفيذ التزاماتها في الاتفاق النووي "إذا رفعت واشنطن العقوبات وتمّ التحقّق من ذلك"، مضيفًا أن التوصل إلى اتفاق في فيينا ممكن "إذا تخلّت واشنطن عن استخدام العقوبات على اعتبارها ورقة مساومة".
كما أكد أن "الجمهورية الإسلامية لم تنسحب البتة" من الاتفاق، وأن "على الولايات المتحدة أن تتّخذ بنفسها قرار العودة إليه، وليس طهران".
الضغط على روحاني
وفي هذا السياق، يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة طهران عماد آبشناس أن حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني كانت ولا زالت متفائلة في الموضوع النووي، ولهذا السبب نسمع دائمًا التصريحات الإيجابية من المسؤولين والمفاوضين التابعين لهذه الحكومة.
ويشير آبشناس، في حديث إلى "العربي" من طهران، إلى إشارات في المحادثات تدل على أن الوصول إلى اتفاق جديد هو أمر ممكن قبل استلام رئيسي السلطة في أغسطس/ آب المقبل.
ويلفت إلى أن روحاني يسعى إلى إنهاء الملف النووي وتقديمه على شكل "هدية" قبل تسليم السلطة.
ويضيف: الحكومة الإيرانية الحالية، وقبل الانتخابات الرئاسية، كان يمكنها اتخاذ المزيد من القرارات في المفاوضات، لكن بعد انتخاب رئيسي باتت الحكومة الحالية أكثر حذرًا في كل البنود.
ويقول: الضغط الأميركي على حكومة روحاني سببه رغبة واشنطن في إقفال الملف النووي قبل تسلّم حكومة رئيسي هذا الملف.
وإذ يؤكد أن رئيسي سيلتزم بالاتفاق إذا وقعه روحاني، يوضح آبشناس أنه في حال لم تغلق الحكومة الحالية الاتفاق، فستطول المباحثات كثيرًا وربما ينسحب رئيسي من المفاوضات. ويعتبر أن التهديدات الأميركية اليوم تأتي في سياق الضغط على روحاني للمضي في الاتفاق.