عاد تنظيم "الدولة الإسلامية في ولاية خراسان" أو "داعش خراسان" إلى الواجهة السياسية في أفغانستان مع تبنّيه الهجوم المزدوج على مطار كابُل الذي أسقط عشرات القتلى ومئات الجرحى.
لكنّ المفارقة أن هجوم التنظيم كان متوقّعًا، إذ كان الرئيس الأميركي جو بايدن، حذّر من أننا "نعلم أن تنظيم داعش خراسان يسعى لاستهداف المطار ومهاجمة القوات الأميركية والقوات المتحالفة والمدنيين الأبرياء".
فما هو هذا التنظيم الذي وصفه بايدن بأنه "العدو اللدود لطالبان"، والذي يبرز من جديد في أفغانستان بعد قرابة عقدين من هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001؟
ما هي أصول "داعش خراسان"؟
تنظيم "الدولة الإسلامية في ولاية خراسان"، أو "داعش خراسان"، أو "دولة خراسان الإسلامية" نسبة إلى منطقة تاريخية في آسيا الوسطى تضم جزءًا من أفغانستان، هو فرع من تنظيم "الدولة الإسلامية" في أفغانستان.
وفقًا لتقرير صدر عام 2018 عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، تأسّس التنظيم عام 2015، بعدما اختار أبو بكر البغدادي زعيم "الدولة الإسلامية" الذي قتل عام 2019، المواطن الباكستاني حافظ سعيد خان، وهو قائد مخضرم في حركة "طالبان باكستان"، أميرًا للجماعة.
في أكتوبر/ تشرين الأول 2014، بايع خان وعدد من أعضاء "طالبان باكستان" من مجلس "شورى خراسان"، البغدادي زعيمًا. وتولّى القيادي السابق في حركة طالبان الأفغانية، عبد الرؤوف كاظم، منصب نائب أمير الجماعة.
وانضمّ للتنظيم الجديد خليط من المقاتلين السابقين في فصائل مسلحة مثل "طالبان باكستان"، و"جماعات عسكر الإسلام"، و"شبكة حقاني" في أفغانستان، وغيرها من التنظيمات والجماعات من أوزباكستان.
وتلقى "داعش خراسان" الدعم من القيادة الأساسية لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا منذ تأسيسه عام 2015.
ومع فقدان تنظيم "الدولة الإسلامية" أراضيه في العراق وسوريا، "تحوّل الاهتمام بشكل متزايد إلى أفغانستان كقاعدة لخلافته العالمية"، بحسب ما يقول تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
كيف تطور عديد تنظيم "داعش خراسان"؟
تعاظم عديد "داعش خراسان" إلى أعلى مستوياته على الإطلاق في السنة التالية، وتراوح عدد مقاتليه بين 3 آلاف و4 آلاف عام 2016. إلا أنه تعرّض لـ"نكسات عسكرية متتالية بدأت في مقاطعة غوغزان بشمال أفغانستان، في صيف 2018"، وفقًا لتقرير للأمم المتحدة.
وذكر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن قدرة داعش في أفغانستان تراجعت كثيرًا عقب الحملة التي قادتها الولايات المتحدة لتفكيك خلافة "داعش" بحلول أكتوبر 2018، وصار عدد مسلّحيه يتراوح بين 1500 و2000 فقط.
ويعتمد التنظيم حاليًا طريقة اللامركزية والخلايا الصغيرة في مناطق صغيرة من ولايتي كونار وننكرهار شرق كابل، وهي طريقة تُشكّل خطرًا على أفغانستان والمنطقة ككل، بحسب مركز الدراسات الأميركي.
من هو قائد "داعش خراسان" الحالي؟
منذ يونيو/ حزيران 2020، يتزّعم شهاب المهاجر، المعروف أيضًا باسم "سناء الله"، زعامة التنظيم، بعد اعتقال القوات الأفغانية الخاصّة سلفه أسلم فاروقي، وأعضاء بارزين آخرين، بما في ذلك الزعيم السابق ضياء الحق، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة.
ويُعتقد أن المهاجر كان قياديًا متوسط المستوى في "شبكة حقاني"، وربما لا يزال على تواصل مع هذه الحركة الإرهابية.
وفقًا للأمم المتحدة، شنّ التنظيم، في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2021 وحده، 77 هجومًا في أفغانستان، في زيادة كبيرة عن الفترة نفسها من عام 2020، حيث بلغ عدد الهجمات التي أعلن التنظيم مسؤوليته عنها أو نسبت إليه 21 هجومًا.
ما علاقة "داعش خراسان" بـ"طالبان"؟
يناصب تنظيم "داعش خراسان" العداء لحركة "طالبان" منذ سنوات، ويعتبرها مرتدة، غير متدينة بما فيه الكفاية من حيث نهجها تجاه الإسلام.
وفي هذا الإطار، ركّز تنظيم "داعش في خراسان" جهوده لتجنيد وتدريب أعضاء "طالبان" المعارضين لعملية السلام التي بدأها الرئيس السابق دونالد ترمب، وفقًا لتقرير للأمم المتحدة، الذي حذر من أن "المتطرّفين في طالبان قد يسعون إلى الانضمام إلى داعش خراسان".
وفي الماضي القريب، تبادلت "طالبان" و"داعش خراسان" شنّ الهجمات المميتة ضد بعضهما البعض. وتعتبر حركة "طالبان" تنظيم "داعش خراسان" تهديدًا لها ولحليفتها "شبكة حقاني" في أفغانستان.
هل يشكل "داعش خراسان" تهديدًا على أفغانستان؟
ندّد قادة "داعش خراسان" بسيطرة طالبان على أفغانستان، لذلك "فمن مصلحة التنظيم شنّ هجمات تثير الفوضى في البلاد بعد سيطرة الحركة لإحراجها"، بحسب ما يقول موقع "بزنس إنسايدر".
وينقل "بزنس إنسايدر" عن جنيفر كافاريلا، زميلة الأمن القومي في معهد دراسة الحرب، قولها: إن "تنظيم داعش خراسان كافح من أجل الحصول على موطئ قدم كبير في أفغانستان، ولا يزال يشكل تهديدًا قويًا وأحد أهم الجماعات التابعة لتنظيم داعش العالمي".
وتتوقّع كافاريلا أن يُحاول التنظيم تقويض حكم طالبان و"مهاجمة شرعية طالبان الدينية على الأرض".
بدورها، تقول أميرة جادون، الأستاذة المساعدة في الأكاديمية العسكرية الأميركية في ويست بوينت: إن "داعش خراسان" سيسعى إلى استغلال التقلّبات الحالية في أفغانستان لشنّ هجمات لزيادة أهميتها السياسية وزرع الفتنة.
وتضيف جادون أن "داعش خراسان" شهد "تراجعًا كبيرًا في قدرته على شنّ العمليات" منذ ظهوره لأول مرة، إلا أنه "جدّد عنفه" خلال العامين الماضيين.
وتحذّر من أن "مصادر قوة التنظيم لا تزال قائمة، فهو لايزال قادرًا على تجنيد مُسلّحين يتواجدون في حدود يسهل اختراقها، ويتمتعون بشبكة واسعة من العلاقات في باكستان"، مضيفة أنه "سيستمر باستخدام اتفاق السلام كدعاية ضد طالبان، وقد يُحاول أيضًا تجنيد أعضاء أكثر تطرّفًا في طالبان أو غيرهم من المسلّحين الذين يشعرون بالتهميش".