شجبت الولايات المتحدة توقيف السلطات التونسية لمعارضين للرئيس قيس سعيّد، داعية إلى توخي الشفافية في الإجراءات القانونية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: "نشعر بقلق عميق إزاء التقارير عن توقيف عدة شخصيات سياسية ورجال أعمال وصحافيين في تونس في الأيام الأخيرة".
"تصفية" الخصوم السياسيين
وتتهم المعارضة التونسية سعيّد، بالسعي لتصفية خصومه السياسيين عبر الاعتقالات، فيما يعتبر أنصاره أن الحملة تأتي في إطار الحرب على الفساد.
وكانت الشرطة التونسية، قد أوقفت شخصيات بارزة من المعارضين للرئيس سعيّد منذ السبت الفائت، من بينها مدير إذاعة "موزاييك إف إم" نور الدين بوطار ورجل الأعمال البارز كمال اللطيّف.
ووفق وكالة "رويترز"، فقد أثارت الاعتقالات المنسقة مخاوف من حملة قمع أوسع للمعارضة ودفعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان للمطالبة بالإفراج الفوري عن المعتقلين.
واتهم سعيّد من وصفهم بـ"الخونة" بالمسؤولية عن ارتفاع الأسعار ونقص سلع غذائية أساسية من السوق بهدف تأجيج الأوضاع الاجتماعية.
ويعاني التونسيون منذ شهور من نقص في السلع الغذائية الأساسية ويقول خبراء اقتصاديون إن السبب الرئيسي في ذلك هو أزمة في المالية العامة، إذ تحاول الدولة تجنب الإفلاس فيما تتفاوض على خطة إنقاذ دولية.
والثلاثاء الماضي، قال وزير الخارجية التونسي نبيل عمّار، إن الاعتقالات ليست سياسية وإنما تتعلق بالأمن القومي التونسي، حسب قوله.
تخطى "الإشارات الحمراء"
وفي هذا الإطار، يرى أستاذ التاريخ في الجامعة التونسية مراد اليعقوبي، أنّ الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي باتا في موقف محرج أمام حملة الرئيس سعيّد الأمنية الأخيرة ضد المعارضين السياسيين.
ويعتبر اليعقوبي في حديث إلى "العربي"، من تونس، أنّ حملة الاعتقالات لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالوضع الاجتماعي أو الاقتصادي في البلاد، مؤكدًا أنها "حملة تستهدف كل من عبّر عن موقفه من انقلاب سعيّد وسعى لمواجهته".
ووصف الحملة ضد المعارضين السياسيين بأنها "غير مقبولة قانونيًا وتنتهك حقوق الإنسان"، حسب رأيه.
ويقول اليعقوبي: إنّ "ممارسات سعيّد بدأت في تأليب الحلفاء عليه في الغرب، على غرار الإدارة الأميركية، والموقف الأوروبي الذي عبّرت عنه هيلينا داللي" مفوضة الاتحاد الأوروبي للمساواة.
ويضيف أنّ الموقف الأوروبي الأخير صوب باتجاه الأداء الحكومي في ظل الأزمة الاقتصادية، والتي تعد الخطر الأكبر في المستقبل القريب.
ويشير إلى أنه ورغم المواقف الغربية، يواصل الرئيس سعيّد مساره متخطيًا هذه "الإشارات الحمراء" الخارجية.
ويلفت اليعقوبي إلى أنه منذ أن بدء سعيّد فرض إجراءاته صيف 2021 تكونت جبهة معارضة صغيرة نسبيًا، معتبرًا أنه في ظل تمسكه بالحكم الفردي، لم يتبق في صفه إلا بضعة أفراد مشتتين، مقابل حد من الاتفاق الكلي بين جبهة معارضة موسعة، مع الأخذ بعين الاعتبار موقف اتحاد الشغل العام المستجد، الذي أدرك مؤخرًا، أن الخطر الكامن من إجراءات سعيد بات يشمله.
ومنذ تموز/ يوليو 2021، تفرّد الرئيس قيس سعيّد بالحكم محتكرًا سلطات واسعة النطاق، بعد أن جمّد أعمال البرلمان على خلفية أزمة سياسية واقتصادية.