أثارت امرأة ضجة في الرأي العام الإيراني، بعدما ألقت بنفسها أمام دورية للإرشاد صارخة أن ابنتها مريضة، في محاولة لمنعهم من اعتقال ابنتها بتهمة خلع حجابها في مكان عام.
وبعد انتشار صورها على مواقع التواصل الاجتماعي، تقدّمت شرطة طهران باعتذار للمرأة، مشيرة إلى أن سلوك قائد وحدة الشرطة "فردي وخارج عن القانون"، مؤكدة أنها اتخذت إجراءات عقابية بحقّه.
لكن تبعات الواقعة لم تنته باعتذار الشرطة، بل عاد الجدل القديم الجديد في إيران بشأن الحجاب وآلية تطبيق قانونه على وجه الخصوص.
وقالت إحدى الإيرانيات في حديث إلى "العربي": "على من يسعى إلى إرشاد الآخرين أن يتخذ سلوكًا مقنعًا يلامس الفكرة من دون إجراءات صارمة. فهناك من ترتدي الحجاب لكن سلوكها سيء، فما فائدة حجابها إذن".
وشهدت الواقعة تعاطفًا من مسؤولين وفئات شعبية عديدة، كما أطلقت محجبات وسم "#أنا_محجبة_وأعارض_سلوك_دوريات_الإرشاد". غير أن أوساطًا محافظة اعتبرت ذلك تناغمًا مع ما تصفه بـ"المؤامرات التي تستهدف عفّة المرأة الإيرانية".
وقالت إيرانية، في حديث إلى العربي": "لا أتفق مع الحجاب الإجباري، كما أن تعامل غير الملتزمين معي يُصبح سيئًا عندما تستخدم دوريات الإرشاد القوة معهم".
وفي ظل الأزمات والضغوط الاقتصادية، يرى البعض في عدم تطبيق قانون الحجاب حالة تمرّد واحتجاج على الوضع القائم.
وقالت فتاة إيرانية، في حديث إلى "العربي": "عندما يزداد الوضع الاقتصادي سوءًا، يعبّر البعض عن امتعاضه عبر إهماله للقوانين، ومنها قانون الحجاب بالطبع".
وأُقرّ قانون الحجاب في إيران، مطلع الثورة الإسلامية، لكنّه، وفي العقد الأخير، وفي ظل تطورات سياسية واجتماعية، غضّت السلطات الإيرانية الطرف عن بعض التحرّر الذي أصبح ظاهرًا في الشارع الإيراني.
وحتى وإن تباينت الآراء، فإنها تتّفق على أن الحجاب في إيران لم يعد مسألة ترتبط بالشريعة فقط، إنما دخلت الساحة السياسية بقوة من قِبل متشدّدين ومعارضين للسياسات الحاكمة.
وأوضح سعيد حسن، الباحث في مركز الدراسات الاجتماعية، أن إيران شهدت جدلًا حول ما إذا كان قانون الحجاب "إسلامي ديني ملزم له أحكام جزائية كالقصاص"، أو أنه "منظومة أخلاقية في الإسلام تدعو وتوصي بارتدائه".
وقال حسن في حديث إلى "العربي" من طهران: إن هذه المنظومة القيمية تحوّلت إلى قانون يُطبّق من قبل دوريات الإرشاد، وقد تؤدي إلى حوادث مشابهة لما حدث مع مهسا أميني.