لم يعد سرًا أن المواد الكيميائية السامّة الصادرة من دخان السجائر، تضرّ بالرئتين، كما أنها تمر أيضًا إلى مجرى الدم حتى تنتقل إلى جميع أعضاء الجسم مؤدية إلى أضرار جسيمة.
ومع ذلك، وعلى الرغم من وفرة المعلومات حول تأثيرات التبغ على الجسم، لا يزال حجم هذا الضرر غير معروف على نطاق واسع بين عامّة الناس، بما في ذلك تأثيره على أعضائنا التناسلية.
وفي هذا الإطار، حذّر أستاذ طب الجهاز التنفّسي في المعهد الوطني للقلب والرئة البروفسور نيك هوبكنسون من أن المواد الكيميائية الناتجة عن التدخين "تدمّر الحمض النووي، وتعطّل آليات الإصلاح في الخلايا، وتزيد خطر الإصابة بالسرطان".
وقال هوبكنسون، في حديث لصحيفة "مترو" البريطانية: "على وجه التحديد، يزيد التدخين من خطر الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، وهو عامل الخطر الرئيسي المسبّب لسرطان عنق الرحم".
وكشفت أبحاث أجراها قسم أمراض النساء والتوليد بجامعة "ييل" البريطانية، أن 96% إلى 99% من النساء يُدركن أن التدخين يسبّب أمراض الجهاز التنفّسي، وسرطان الرئة، وأمراض القلب، لكن 22% فقط علمن أنه يمكن أن يسبّب العقم.
كما نشرت المجلة الأوروبية لطب الأورام النسائية دراسة أكدت أن التبغ هو "أهم عامل مساعد لمخاطر فيروس الورم الحليمي البشري"، وهو عدوى يُمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالسرطان.
وأشارت الدراسة إلى أن استخدام التبغ "يزيد من المخاطر من مرتين إلى أربع مرات مقارنة بالنساء غير المدخّنات"، وأن التدخين السلبي له أيضًا تأثير على نتائج المرضى.
وذكرت الدراسة أنه تمّ العثور على مواد مسرطنة للنيكوتين والتبغ في مخاط عنق الرحم لدى المدخّنات، وهو ما "يدعم الفرضية عن وجود صلة مباشرة بين التبغ وفيروس الورم الحليمي البشري بنمو الأورام الظهارية داخل عنق الرحم، وبسرطان عنق الرحم.
وأوضحت أنه بناء على هذه المعطيات، يتبيّن أن فيروس الورم الحليمي البشري، وهو شائع نسبيًا بين السكان البالغين، أكثر عرضة للتحوّل إلى سرطان لدى المدخنين، وأنه من غير المرجح أن يتعافى متعاطو التبغ بشكل طبيعي من عدوى فيروس الورم الحليمي البشري؛ ما يزيد من خطر تعرّضهم لمضاعفات، ويقلّل من فعالية بعض العلاجات.
أما بالنسبة إلى النساء اللواتي يتعرضن للتدخين السلبي، قال الأخصائي في فيروس الورم الحليمي البشري الدكتور آلان كينغ للصحيفة: "تزداد فرصة إصابة المرأة بسرطان عنق الرحم عندما يكون شريكها من المدخنين.
وعلى الرغم من أن الخطر أقلّ مقارنة بالنساء اللواتي يدخنّ، إلا أنه جانب آخر لأضرار التبغ التي نادرًا ما نفكر فيها، بحيث تؤثر على كل شيء من الخصوبة إلى الحيض".
وأوضح نيك أنه غالبًا ما يتمّ التغاضي عن أن التدخين مضرّ بكافة أعضاء الجسم، مضيفًا أن "هناك 16 نوعًا من السرطانات ناجمة عن التدخين، وأن المدخّنين معرّضون بشكل أكبر للإصابة بأمراض أخرى كثيرة، بما في ذلك أمراض القلب، والسكري، والسكتة الدماغية، والخرف".
كما حدّدت الأبحاث الحديثة علاقة بين التدخين وتطوّر بعض حالات الصحة العقلية مثل الاكتئاب والفصام.