تتردد أخبار الحرب الوشيكة وسط ترقب واستعداد مصحوب بتكهنات وتحذيرات. ذلك ملخص مشهد التوتر المتصاعد بين إيران وحلفائها من جهة، وإسرائيل وداعميها من جهة أخرى.
وبينما أكد بيان صادر عن الولايات المتحدة وأوروبا والحلفاء دعمهم جهود خفض التصعيد والتوتر في الشرق الأوسط، أكد الحرس الثوري الإيراني أن إسرائيل ستتلقى الرد في الوقت المناسب، على ما وصفه بـ"حماقة اغتيال الشهيد إسماعيل هنية".
خطط هجومية ودعم أميركي
في التفاصيل، وعلى صعيد الاستعداد للهجمات الإيرانية المتوقعة على إسرائيل، قالت وزارة الدفاع الأميركية إن الوزير لويد أوستن أبلغ وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت أنه أمر بتسريع إرسال حاملة الطائرات أبراهام لينكولن إلى الشرق الأوسط والغواصة جورجيا إلى منطقة القيادة المركزية.
بالتزامن مع ذلك، صرّح المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن لدى الجيش خططًا هجومية واسعة جدًا في لبنان وهو جاهز لتنفيذها، في وقت هدد غالانت بأن إسرائيل قد تشن هجومًا استباقيًا في أي مكان "إن تطلب الأمر"، بالتوازي مع تعزيز إسرائيل قدراتها الدفاعية وخياراتها الهجومية.
وقال وزير الأمن الإسرائيلي: "نحن في حالة تأهب واستنفار، منذ أيام نخصص وقتنا لتعزيز الدفاع وأيضًا لخلق خيارات هجومية ردًا على أي هجوم، وإن تطلب الأمر فقد نبادر إلى شن هجوم في أي مكان وأي منطقة".
على الجانب الآخر، شدد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على حق بلاده في الرد على أي اعتداء. كما قال المتحدث باسم الحرس الثوري إن إسرائيل ستتلقى الرد في الوقت المناسب "على حماقة اغتيال الشهيد إسماعيل هنية".
التكهنات بشأن الضربة الإيرانية
في خضم هذه الأجواء، ما انفكت تل أبيب وواشنطن وجهات أخرى تبدي التكهنات بشأن الضربة الإيرانية لإسرائيل، فقد قال منسق الاتصالات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن تقديرات بلاده متطابقة مع تقييم تل أبيب بأن الهجوم الإيراني قد يقع هذا الأسبوع.
كما نقلت قناة "فوكس نيوز" الأميركية عن مصادر، قلقها من أن إيران وحلفائها قد يهاجموا إسرائيل خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة.
بالتوازي مع ذلك، نقل موقع "واللا" العبري عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم إن إيران قامت باستعدادات كبيرة في منظومات الصواريخ والمسيّرات، بطريقة شبيهة بما فعلته في هجومها على إسرائيل في أبريل/ نيسان الماضي.
وعلى صعيد متصل، استمرت بعض الأطراف في التعبير عن دعمها للجهود الدبلوماسية لمنع انزلاق المنطقة إلى حرب واسعة، بينهم وزارة الخارجية الأميركية التي قالت إن واشنطن تحاول عبر الدبلوماسية منع التصعيد في الشرق الأوسط.
فصرّح نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتل، أن واشنطن "ملتزمة بمساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ووضعنا بعض القوات في المنطقة للقيام بهذه المهمة ومنع تفاقم أي تصعيد كبير في هذا الصراع، نحاول عبر الدبلوماسية منع التصعيد في الشرق الأوسط والتوصل لاتفاق نهائي لوقف إطلاق النار في غزة".
ذلك أيضًا ما أكده بيان مشترك صادر باسم الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والحلفاء، عبّروا فيه عن دعمهم للجهود الجارية لخفض تصعيد التوتر في الشرق الأوسط والتوصل لوقف إطلاق النار في غزة، إلا أن البيان أكد أيضًا دعم "الدفاع عن إسرائيل" في مواجهة ما وصفه بـ"أي عدوان إيراني".
واليوم الثلاثاء، علّق المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، قائلًا إن الدعوات التي وجهتها فرنسا وألمانيا وبريطانيا، أو المجموعة المعروفة بالترويكا الأوروبية لطهران بضبط النفس فيما يتعلق بالرد على إسرائيل، "تفتقر للمنطق السياسي وتتعارض مع مبادئ القانون الدولي".
أقرب السيناريوهات للرد الإيراني
متابعةً لهذه التطورات، يرى الصحافي المختص في الشأن الأميركي محمد السطوحي أن التقديرات تتباين من يوم إلى آخر داخل إيران، وسط جدل داخلي بشأن ما يمكن أن تقوم به.
فهناك أطراف - مثل الرئيس الإيراني نفسه - تفضل التأجيل وتخفيف العملية العسكرية لوجود مخاوف من اشتعال حرب إقليمية لا تريدها إيران، وفق السطوحي.
ويردف في حديث مع التلفزيون العربي أن هناك أطرافًا أخرى ومنها الحرس الثوري تريد ردًا أقوى مما كان في أبريل الماضي. ومن هنا تتابع واشنطن وتل أبيب هذا الجدل داخل إيران بهدف التقاط أية إشارة لما قد تفعله طهران.
ويتابع السطوحي من نيويورك أن "بيان البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة أعطى مصداقية لأن هناك بالفعل محاولة للتأجيل والتهدئة، على الأقل لما بعد المفاوضات المزمع عقدها يوم الخميس القادم" بشأن التهدئة في غزة.
لكن الصحافي المختص في الشأن الأميركي، يلفت إلى أن البيت الأبيض أشار بدوره إلى أن إيران ربما تتجه إلى العمل العسكري حتى قبل أن تبدأ تلك المفاوضات، "ما يعني أن الجهود الدولية والداخلية قد باءت بالفشل".
كذلك، يعتبر السطوحي أن ترقب العملية العسكرية لا يرتبط فقط بالتوقيت، ولكن أيضًا بطبيعة هذه العملية وحجمها، مضيفًا: "صحيح أن إيران لا تريد حربًا إقليمية بل عملية عسكرية محدودة.. ولكن من الممكن أن يحدث أي خطأ في الحسابات ويؤدي إلى دمار كبير في إسرائيل ما قد يجر أميركا إلى ضرب إيران".