ينشغل صانع دمى من أهالي قطاع غزة الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي ممنهج، بتحويل عبوات معدنية مستعملة إلى ألعاب متحرّكة صغيرة.
وقال مهدي كريرة، وهو يتفقّد ألعابا متحركة صنّعها، "هذه الدمى تجعل الأشياء من حولنا جميلة".
ترسم البسمة
ويُدرك كريرة الذي يدندن وهو يمارس عمله، أنّ الدمى المتحركة التي يصنعها سترسم البسمة على وجوه أطفال نازحين.
وتصرّ إسرائيل على اجتياح مدينة رفح بزعم أنها "المعقل الأخير لحركة حماس"، والتي باتت الملجأ الأخير لنحو 1.4 مليون نازح فيها تكدسوا هناك من معظم مناطق القطاع.
وقبل بدء العدوان الإسرائيلي، كان لكريرة متجر كامل من الدمى الملوّنة، وغالبًا ما كان يستعملها لتقديم عروض في المسارح.
أما راهنًا، فباتت العروض التي يوفرها تُقام في مخيمات النازحين، بعدما أُجبر بسبب القصف الإسرائيلي على الفرار من منزله في مدينة غزة إلى دير البلح في وسط القطاع.
وعلى جدران مشغله، علّق كريرة مجموعة من الدمى تعلو أجسامها وجوه تعبيرية منحوتة على الخشب أو العبوات المعدنية، في حين أنّ أطرافها مربوطة بخيوط يستخدمها لجعلها تمشي أو لتحرّك أفواهها.
وبما أنّ غزة محاصرة، يصعب الحصول على مواد خام جديدة، لذا يكتفي بالمخلّفات وشباك الصيد وعلب السردين القديمة المختومة بشعار الأمم المتحدة، فيطليها بالألوان لاستخدامها في دماه.
ويقول كريرة لوكالة فرانس برس: "للأسف، خسرت بعد النزوح الدمى وعملي في المسارح. تركت كل شيء في مدينة غزة".
ويتابع قائلًا: "لم أجد مواد خاما لأصنّع الدمى، ونحن محاطون فقط بعلب معدنية بمختلف الأشكال والأحجام".
"تروي قصص النازحين والأطفال"
وأشار كريرة إلى أن "استخدام هذه المواد المستعملة يحمل فوائد بيئية"، مبينًا أنّ الدمى التي يبتكرها "تروي قصص النازحين والأطفال".
وفي إشارة إلى الحملة الجوية والبرية التي تنفذّها إسرائيل في قطاع غزة، يقول كريرة وهو يجلس بجانب كمّاشته ورأس دمية مطلي، "أحاول تقديم عروض لإدخال البهجة إلى قلوب الأطفال في مخيمات النزوح"، مضيفًا: "المهمّ هو أن نبقى متجذّرين في هذه الأرض رغم العدوان".
ويتمسّك صانع الدمى الغزاوي، بالاستمرار في مهنته رغم احتدام المعارك من حوله.
ويقول كريرة: "المهم هو أن تبقى وفيًا لعملك من خلال ابتكار فنك"، مضيفًا: "لكل منّا عمله ومواهبه وفنّه، وهو ما يتيح مواصلة نشاطنا رغم الحرب".
وتشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" إلى أن الحرب تسببت في نزوح نحو 850 ألف طفل في غزة. ويلجأ عدد كبير منهم إلى مخيمات حول دير البلح.