على وقع التسخين العسكري الحاصل عند حدود بلاده والمنذر بحرب وشيكة، وسط تحذيرات متزايدة من غزو محتمل من روسيا، شدّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي السبت على أنّ بلاده هي "درع" أوروبا في وجه روسيا وتستحق دعمًا دوليًا أكبر، مطالبًا بجدول زمني لانضمامها إلى حلف شمال الأطلسي.
ودان زيلينسكي في خطابه أمام مؤتمر ميونيخ للأمن ما وصفها بـ"سياسة مهادنة" ينتهجها الأوروبيون حيال موسكو.
وقال الرئيس الذي توجّه إلى ميونيخ رغم اشتداد حدّة القصف في شرق بلاده مما أسفر عن مقتل جنديين أوكرانيين إنّه "على مدى ثماني سنوات، كانت أوكرانيا درعًا"، مضيفًا: "على مدى ثماني سنوات، كانت أوكرانيا تصدّ جيشًا يُعدّ بين الأكبر في العالم".
كما طالب بـ"جداول زمنية واضحة وعملية" لانضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، وهو أمر تعتبره موسكو خطًا أحمر بالنسبة لأمنها. لكنّ زيلينسكي اقترح لقاء فلاديمير بوتين في أيّ مكان، لمعرفة "ما الذي يريده الرئيس الروسي".
وتطالب موسكو بضمانات خطية بعدم السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى الحلف الأطلسي، وبأن يسحب الحلف الذي تقوده واشنطن قواته المنتشرة في شرق أوروبا إلى المواقع التي كان يتواجد فيها قبل عقود.
وواصل المسؤولون الغربيون في ميونيخ التحذير من نوايا موسكو حيال أوكرانيا، بعدما قال الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة إنّه "مقتنع" بأنّ بوتين خطّط لغزو أوكرانيا في عملية سيتمّ في إطارها استهداف العاصمة كييف في غضون أيام.
وجدّدوا تحذيراتهم لروسيا من عقوبات واسعة في حال شنّت هجومًا، فيما أشارت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس إلى أن ذلك سيدفع الحلف الأطلسي لتعزيز "جناحه الشرقي"، بينما حضّ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الغرب على "الوقوف بقوة صفًا واحدًا".
سقوط قذائف
وفي سياق متصل، سقط عدد من قذائف الهاون على بعد مئات الأمتار من مكان وجود وزير الداخلية الأوكراني دينيس موناستيرسكي، بينما التقى اليوم السبت، صحافيين خلال جولة قام بها لجبهة القتال ضد المتمرّدين المدعومين من روسيا.
وأُجبر الوزير على الاختباء لدى انفجار القذائف، وذلك بعد وقت قصير من إدلائه بتصريحات لوسائل إعلام دولية.
ولم يسجّل سقوط أي ضحايا جرّاء القذائف التي انفجرت أثناء مغادرة الوزير الجبهة حيث أدلى بتصريحات عند الخط الفاصل بين القوات الحكومية والمتمرّدين.
وغادر الصحافيون والمسؤولون المكان بعد وقت قصير.
وتبادلت الحكومة والقوات الانفصالية الاتهامات بتصعيد النزاع في الأيام الأخيرة، وأعلنت أوكرانيا مقتل جنديين الجمعة والسبت.
واتّهم المتمرّدون المدعومون من موسكو الذين يسيطرون على أجزاء من منطقتي لوغانسك ودونيتسك عند الحدود الروسية الحكومة بالتخطيط لشن عملية تهدف لإخراجهم من المنطقة.
عدم "التكهّن" بنوايا روسيا
لكنّ كييف تنفي الأمر وتتهم بدورها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برفع مستوى التوتر للتسبب بحادثة تبرر تنفيذ غزو.
ودعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، اليوم السبت إلى عدم "التكهّن" بنوايا روسيا في ما يتعلّق بأزمة أوكرانيا، وذلك بعدما أعرب الرئيس الأميركي جو بايدن عن اعتقاده بأن نظيره الروسي فلاديمير بوتين اتّخذ قرار غزو الجمهورية السوفيتية السابقة.
وقالت بيربوك في ردها على سؤال عما إذا كانت تتفق مع تقييم بايدن "في الأزمات، أسوأ ما يمكن القيام به هو التكهّن أو افتراض" قرارات الطرف الآخر، وذلك في ختام اجتماع لوزراء خارجية دول مجموعة السبع التي تترأسها برلين حاليًا.
ورأت أنّ "من المهمّ النظر من كثب" إلى الوضع الميداني، في موقف يتمايز عن التأكيدات الأميركية حول هجوم "وشيك".
وزادت بيربوك بالقول: "لا نعرف إن كان اتُّخذ قرار بشن هجوم، لكنّ التهديد لأوكرانيا حقيقي".
وسئلت مرارًا عن الموقف الأميركي، فاكتفت بالقول "نرى أن هناك سيناريوهات مختلفة"، مضيفة "إننا مستعدون لمواجهة أي وضع. وفي الوقت نفسه، نبذل كل ما في وسعنا حتى لا يتحقق هذا الوضع".
قوات لحفظ السلام
إلى ذلك، أشار ستانيسلاف زاس، الأمين العام لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، التي تهيمن عليها روسيا، إلى إن المنظمة ربما ترسل قوات لحفظ السلام إلى مناطق في شرق أوكرانيا يسيطر عليها المتمردون المدعومون من روسيا إذا لزم الأمر.
والوضع في منطقتين، أعلنتا نفسيهما جمهوريتين مؤيدتين لروسيا في إقليم دونباس الأوكراني، على حافة الانفجار بعد أن أعلن زعماء المتمردين التعبئة الكاملة لقواتهم وطلبوا من المدنيين المغادرة إلى روسيا بعد قصف تتبادل أوكرانيا والمتمردون الانفصاليون الاتهامات بشأنه.
وفي مقابلة أُجريت قبل بدء الإجلاء، قال الأمين العام لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، ومقرها موسكو، إن بإمكانها أن ترسل قوات لحفظ السلام إلى دونباس إذا كان هناك إجماع دولي على مثل هذا الانتشار.
وأضاف زاس، فيما قال مساعدوه إنها أول مقابلة له مع وسيلة إعلام غربية، "من الناحية الافتراضية، يمكنك تخيل ذلك (مثل هذا الانتشار) إذا كانت هناك نيّات حسنة من أوكرانيا، فهي أراض تابعة لها قبل أي شيء، ويوجد تفويض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وإذا كانت هناك حاجة لذلك، وكان هذا القرار مدعوما من قبل جميع حكوماتنا".
ونشرت المنظمة الشهر الماضي، ولأول مرة في تاريخها الممتد منذ 20 عامًا، قوات في دولة سوفيتية سابقة للمساعدة في قمع محاولة انقلاب في كازاخستان.
واعتبر زاس، أن المفاوضات هي السبيل الوحيد لحل الأزمة في أوكرانيا.
وأضاف أن لدى المنظمة قوة قوامها 17 ألف جندي في حالة تأهب دائم وقوة حفظ سلام متخصصة قوامها نحو أربعة آلاف جندي.