ألمح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى أن الولايات المتحدة لن تدافع عن الدول أعضاء حلف شمال الأطلسي "ناتو"، التي لا تفي بالتزاماتها المالية للحلف إذا تعرضت لهجوم روسي، في حال عودته إلى البيت الأبيض.
جاء ذلك في كلمة ألقاها بتجمع انتخابي بولاية كارولينا الجنوبية السبت الفائت، المرشح الجمهوري المحتمل للانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
"سدد فواتيرك"
في التفاصيل، أشار ترمب في كلمته إلى أنه وقع في "صدام" مع أحد حلفاء الولايات المتحدة في "الناتو" خلال فترته الرئاسية السابقة من 2017 إلى 2021، على خلفية تهديده بعدم الدفاع عن الأعضاء الذين لا يحققون أهداف الإنفاق الدفاعي.
وكشف ترمب أنه قال للحليف الذي لم يذكر اسمه، إنه "سيدعم" الهجمات المحتملة لروسيا "لتفعل ما تشاء"، وصرّح: "وقف رئيس دولة كبيرة (لم يسمها) وقال حسنًا يا سيدي إذا لم ندفع وتعرضنا لهجوم من روسيا هل ستحموننا؟".
وتابع ترمب: "قلتُ له لم تدفع إذًا أنت متأخر في السداد. لا لن أحميك، بل سأشجعهم على القيام بما يريدون. عليك أن تدفع عليك أن تسدد فواتيرك".
وينتقد الرئيس الأميركي السابق، الذي يُرجَّح أن يخوض الانتخابات الرئاسية في مواجهة جو بايدن، بانتظام حلفاءه في "الناتو" لعدم تمويل المؤسسة بشكل كاف. كما هدد مرات عدة بالانسحاب من التحالف العسكري في حال عودته إلى البيت الأبيض.
"دعم مجنون"
تعقيبًا على هذه التصريحات التي أثارت بلبلة كبيرة، انتقد الرئيس الأميركي جو بايدن الأحد تصريحات سلفه ووصفها بأنها "مروعة وخطرة"، محذرًا من أن ترمب ينوي إعطاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "الضوء الأخضر لمزيد من الحروب والعنف".
وذكر بايدن في بيان، أن "اعتراف دونالد ترمب بأنه ينوي إعطاء بوتين الضوء الأخضر لمزيد من الحروب والعنف، وليواصل هجومه الوحشي على أوكرانيا الحرة ويوسع نطاق عدوانه ليشمل شعوب بولندا ودول البلطيق، أمر مروع وخطير"، على حد وصفه.
كما علّق نائب المتحدث باسم البيت الأبيض آندرو بيتس على تصريحات ترمب، مشيرًا إلى أن دعم غزو ما وصفها بـ"الأنظمة السفاحة" لحلف شمال الأطلسي "مروع ومجنون".
بدوره، ردّ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" ينس ستولتنبرغ في مقابلة إعلامية على كلام ترمب، محذّرًا من أن أي ادعاء بأن الحلفاء لن يدافعوا عن بعضهم البعض، يقوّض الأمن القومي للناتو.
وقال ستولتنبرغ: "بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية، فإنني أتوقع أن تظل الولايات المتحدة حليفًا قويًا ومخلصًا للناتو".
من جهته، وصف رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل في منشور على منصة "إكس" تصريحات الرئيس الأميركي السابق بأنها "متهورة".
وأضاف أن "مثل هذه التصريحات تبعث برسالة مفادها أنه يجب على الاتحاد الأوروبي تحسين استقلاله الإستراتيجي بشكل عاجل والاستثمار أكثر في مجال الدفاع".
كذلك، رأى مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل اليوم أن حلف شمال الأطلسي لا يمكن أن يكون تحالفًا عسكريًا "انتقائيًا" يسير وفق أهواء الرئيس الأميركي.
وأضاف: "لا يمكن لحلف شمال الأطلسي أن يكون تحالفًا عسكريًا انتقائيًا.. يعتمد على روح الدعابة التي يتمتع بها رئيس الولايات المتحدة".
أما الكرملين، فرفض التعليق على ما قاله ترمب حول دعم هجوم روسي على دول "الناتو"، التي لا تلتزم بحجم الإنفاق الكافي لحماية نفسها.
فقد صرّح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين: "لا أزال السكرتير الصحفي للرئيس فلاديمير بوتين وليس لترمب".
وكان بعض الأعضاء الجمهوريين انتقدوا رفيقهم في الحزب ومن بينهم كريس كريستي المرشح الجمهوري السابق للرئاسة، حيث قال: "لهذا السبب كنت أقول منذ فترة طويلة إنه (ترمب) غير لائق ليصبح رئيسًا للولايات المتحدة".
من جهتها، ردّت حاكمة ساوث كارولاينا السابقة نيكي هيلي على منافسها الوحيد المتبقي لنيل ترشيح الحزب الجمهوري بالقول: "آخر ما نريد القيام به على الإطلاق هو الوقوف إلى جانب روسيا".
وأضافت في مقابلة تلفزيونية: "لا تدعموا شخصًا ذهب وغزا بلدًا، وقد قتل أو أصيب نصف مليون شخص بسبب بوتين في حربه على أوكرانيا".
أيضًا، علّق السناتور الجمهوري ليندسي غراهام والحليف الوثيق لترمب في مقابلة مع "رويترز"، أنه لا يتفق مع "الطريقة التي قال بها ترمب الأمر".
لكنه استدرك مضيفًا أن "روسيا لم تغزُ أحدًا عندما كان رئيسًا، وإذا أصبح رئيسًا مرة أخرى فلن يفعلوا ذلك".