حثّ البنك الدولي لبنان على الإسراع بوضع خطة للتعافي الشامل وتنفيذها، للخروج من أكبر انهيار اقتصادي ونقدي بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعصف به منذ عام 2019.
وقال البنك في تقرير حول مراجعة الأداء والدروس المستفادة لإطار الشراكة الإستراتيجية مع لبنان: إن لبنان "أضاع وقتًا ثمينًا من دون القيام بما يلزم، لإخراج البلاد من التدهور الاقتصادي الحادّ".
لبنان أضاع العديد من الفرص
ونقل البيان عن ساروج كومار جاه، المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي، إنه "رغم التحذيرات المبكرة، أضاع لبنان العديد من الفرص لتبنِّي مسار لإصلاح نظامه الاقتصادي والمالي".
وذكر أن "تكاليف التقاعس والتلكؤ هائلة، ليس فقط على الحياة اليومية للمواطنين، وإنما على مستقبل الشعب اللبناني".
وزاد المسؤول الأممي: "استمرار التأخير المتعمّد في معالجة أسباب الأزمة، ينطوي على تهديد ليس على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وإنما أيضًا على خطر إخفاق منهجي لمؤسسات الدولة، وتعريض السلم الاجتماعي الهش لمزيد من الضغوط".
معوقات التنمية
واعتبر أن المعوقات الرئيسة للتنمية في لبنان لا تزال قائمة، وهي "استيلاء النخبة على السلطة تحت ستار الطائفية، والتعرّض للصراع والعنف".
ودعا إلى اعتماد خطة ذات مصداقية لتعافٍ شامل ومنصف، لتحقيق الاستقرار المالي الكلي، وتسريع وتيرة تنفيذها لتفادي دمار كامل لشبكاته الاجتماعية والاقتصادية، وإيقاف الخسائر.
وأعلن التقرير، أن البنك الدولي مدّد فترة تنفيذ إطار الشراكة الإستراتيجية عامًا إضافيًا، لتعزيز برامج التعافي الاجتماعي والاقتصادي، التي تشتدّ الحاجة إليها، وتستهدف الفئات الفقيرة والأكثر هشاشة.
وتأتي دعو البنك الدولي بعد أن انتخب مجلس النواب اللبناني نبيه بري رئيسًا له للمرة السابعة على التوالي، في أول جلسة يعقدها البرلمان الجديد بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، وبات المجلس الجديد يضم كتلًا غير متجانسة لا يحظى أي منها بأكثرية مطلقة.
وقد منح البنك الدولي قرضًا ماليًا ضخمًا للبنان في مايو/ أيار الماضي بقيمة 150 مليون دولار، لتمويل واردات البلاد من القمح والحفاظ على استقرار أسعار الخبز لمدة تسعة أشهر، ولا سيما بعدما تفاقم نقص الخبز بسبب الحرب في أوكرانيا.
انهيار اقتصادي ونقدي
ولم تنجح القوى السياسية المحلية في إعادة مسار الاقتصاد لمساره الصحيح، لتشهد العملة المحلية (الليرة) انهيارًا، وفقدت أكثر من 90% من قيمتها، ودفعت بالتضخم لأكثر من 100% عام 2021.
وبسبب تراجع العملة، شهدت الأسواق المحلية شحا في وفرة النقد الأجنبي، عجزت بسببه الحكومة عن توفير استيراد السلع الأساسية بقيادة الدواء والحبوب والنفط الخام ومشتقاته.
وكان وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال في لبنان أمين سلام قد حذّر من اتجاه البلاد نحو الانهيار الاقتصادي، وأشار إلى أنه يعتزم الدعوة لاجتماع طارئ للمجلس الوطني لسياسة الأسعار تماشيًا مع ما وصفه بـ"حالة الطوارئ القائمة" المتمثلة بتأرجح سعر صرف الليرة مقابلا الدولار الأميركي.
وأكد سلام في حديث إلى "العربي" من بيروت أن الوزارة ستقف بالمرصاد لكل من يريد استغلال حاجة الناس. واعتبر أن "الانهيار الذي حصل في سعر صرف العملة المحلية هو نتيجة للسياسات المالية والنقدية السابقة التي صنعت نوعًا من التفلت في الأسعار".
وقد ارتفع سعر الصرف إلى 38 ألف ليرة للدولار الواحد الأسبوع الماضي قبل أن يعاود الهبوط في تأرجح يومي.