الأربعاء 20 نوفمبر / November 2024

تلوث "وهج السماء".. الأقمار الصناعية تُهدّد علم الفلك

تلوث "وهج السماء".. الأقمار الصناعية تُهدّد علم الفلك

شارك القصة

عرضت فقرة من برنامج "شبابيك" للتنافس العالمي الجديد حول تقنية بثّ الإنترنت القمري والتحديات التي تواجهه (الصورة: غيتي)
تؤثر الأقمار الصناعية ذات المدار المنخفض على قدرة العلماء على التقاط صور للفضاء، وتحقيق اكتشافات جديدة، وتسبّب تداخلًا لاسلكيًا مع أجهزة فلكية حساسة.

حذّر العديد من العلماء من أن التلوّث الضوئي الذي تسبّبه آلاف الأقمار الصناعية قد يؤدي إلى تدمير علم الفلك.

وذكرت صحيفة "غارديان" البريطانية أن الأقمار الصناعية ذات المدار المنخفض تؤثر على قدرة العلماء على التقاط صور للفضاء، وتحقيق اكتشافات جديدة، كما تسبّب أيضًا تداخلًا لاسلكيًا مع أجهزة فلكية حساسة.

ونقلت عن بعض الخبراء قولهم إن شركات الملياردير الأميركي إيلون ماسك، تساهم بشكل كبير في هذا التلوث.

ويصل عدد الأقمار الصناعية التي تمتلكها شركة "سبايس أكس" التابعة لماسك، إلى أكثر من 3 آلاف قمر يحلقون في مدارات مختلفة حول الأرض، علمًا أن العدد الإجمالي للأقمار الصناعية النشطة بلغ نحو 5 آلاف وحدة، بما في ذلك منظومة "ستارلينك" المتخصّصة في البثّ الفضائي للإنترنت حول العالم.

كما جرت الموافقة على 12 ألف عملية إطلاق أخرى لمنظومة "ستارلينك"، التي تسعى لإطلاق أكثر من 30 ألف قمر صناعي من الجيل الثاني تغطي العالم بأسره.

كما تتطلّع كل من الصين وروسيا لهيمنة الأقمار الصناعية على العالم.

تلوث "وهج السماء"

ووفقًا للعلماء، يؤدي العدد الكبير من الأقمار إلى أحد أنواع التلوّث الضوئي الذي يُعرف باسم "وهج السماء"، الذي يحدث عندما تكون سماء الليل مضيئة بفعل الإضاءات الخارجية، بحيث ينتشر الضوء عبر الغلاف الجوي فينعكس مرة أخرى على الأرض، ويزيد السحب والغيوم.

ونتيجة لهذا النوع من التلوّث الضوئي، يميل لون السماء إلى اللون الأصفر، وهو ما يمنع من رؤية العديد من النجوم والأجرام السماوية.

وعندما أطلقت "سبايس أكس" أول 60 قمرًا صناعيًا من منظومة "ستارلينك" عام 2019، فوجئ علماء الفلك بمدى سطوعها، وحذّروا من أنها سوف تترك تأثيرًا سلبيًا على علم الفلك "حتى في الأماكن المظلمة النائية".

وبعد إطلاق مئات أخرى من الأقمار الصناعية عام 2020، حذّرت عالمة الآثار الفضائية بجامعة فلندرز الأسترالية أليس غورمان، من حدوث "تغيير جذري"، مضيفة: "في غضون جيلين من البشر، لن يبقى أحد على قيد الحياة يتذكر سماء الليل قبل إطلاق هذه الأقمار الصناعية".

من جهتها، أوضحت عالمة الفلك في الجامعة الوطنية الأسترالية كارلي نون، والتي شاركت في إعداد بحث عن التلوّث الضوئي سيُنشر خلال العام المقبل، أن "التلوث الضوئي أصبح يشكل تهديدًا سريعًا للملاحظات التي تعتمد على الآلات باهظة الثمن".

وقالت: "عندما نلتقط صورًا للسماء، نلتقط صورًا للأقمار الصناعية التي تمرّ عبر مجال رؤيتنا. وعندما يحدث ذلك يتعيّن علينا حذف صور السماء على أمل يكون لدينا بعض الوقت أو قناة أخرى لالتقاط تلك المعلومات".

وأشارت إلى أن "هناك حدًّا للتلوث الضوئي الذي يُمكن للأرصاد الفلكية التعامل معه في وقت معين، وهو حوالي 10% زيادة في الضوء، ولكن بمجرد أن ترتفع تلك النسبة يصبح من المستحيل إجراء ملاحظات علمية للسماء".

"تهديد وجودي لعلم الفلك"

بدورها، شرحت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" أن انعكاسات الضوء يُمكن أن تتداخل مع الأقمار الصناعية العلمية التابعة لناسا، ما يؤدي إلى ظهور خطوط في الصور التي يلتقطها تلسكوب هابل الفضائي، ناهيك عن تضاؤل فرص اكتشاف أي كويكب قد يصطدم أو يدمر الأرض.

كما وصف عالم الفلك جوناثان ماكدويل، من مركز "هارفارد سميثسونيان" للفيزياء الفلكية، أساطيل الأقمار الصناعية بأنها "تهديد وجودي لعلم الفلك الأرضي".

بدوره، أوضح عالم الفيزياء الفلكية الدكتور براد تاكر  أن معظم منظمات علم الفلك الرئيسية لديها الآن أشخاص يعملون فقط على "التهديد المتزايد" للأجرام الضخمة، مضيفًا أنه غالبًا ما تلتقط التلسكوبات صورًا للأقمار الصناعية خلال البحث عن الأحداث السماوية، "وهو ما يؤثر على ملاحظاتنا الفلكية".

من جهتهم، حذّر الباحثون من مرصد "فيرا سي روبن" في تشيلي من أن الأقمار الصناعية تُهدّد الاكتشافات المحتملة وستشكل "تهديدًا كبيرًا للمهمة الرئيسية للمرصد والتي تتمحور حول مسح الفضاء والزمان، واكتشاف ما هو غير متوقع".

إلى ذلك، تحذّر العالمة نون من أن الأقمار الصناعية الأخرى تهدد أيضًا المعرفة الثقافية للسكان الأصليين وتعبث بغرائز الحيوانات المهاجرة.

وأوضحت أن السماء تحمل معرفة ثقافية للسكان الأصليين، وتروي قصص المناظر الطبيعية المتغيرة، التي يصبح من الصعب رؤيتها بوجود التلوّث الضوئي.

وقالت: "أشياء مثل فهم الفصول من منظور السكان الأصليين، وما تفعله الحيوانات والنباتات، والطقس، كل هذا يُقرأ من السماء. وبالنسبة للسكان الأصليين، إن درب التبانة هو معسكر السماء. وبالكاد أصبح يمكنهم الوصول إليه".

وأشار العلماء إلى ضرورة أن تتنبّه حكومات الدول لمخاطر كل ذلك، مع دخول الشركات العملاقة في التنافس على إطلاق الأقمار الصناعية.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
Close