مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية المبكرة المقررة في 10 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، بدأت المنافسة بين القوى السياسية تشتد وذلك في بلد تسوده تيارات من مشارب متنوعة، لجأت بعضها إلى تغيير الولاءات التي سادت الانتخابات السابقة، في خطوة من شأنها تعزيز حظوظها في كسب أصوات المواطنين.
وتعد هذه الانتخابات البرلمانية هي الخامسة منذ أطاح الغزو الأميركي بالرئيس الأسبق الراحل صدام حسين، مما ساهم في إيجاد نظام معقد متعدد الأحزاب، إلا أن تلك الانتخابات كان من المفترض إجراؤها في العام المقبل، لكن تقرر التبكير بها إرضاء للمحتجين الذين نزلوا إلى الشوارع عام 2019 بسبب تفشي الفساد وضعف الخدمات والاعتقاد الواسع بأن النخبة أساءت استغلال السلطة لإثراء نفسها.
واستعرض تقرير لوكالة "رويترز" أبرز المنافسين في الانتخابات العراقية، علمًا أنّه من المتوقع أن تظل جماعات مكونة من الأغلبية الشيعية تحظى بدفة القيادة مثلما هو عليه الحال منذ إقصاء نظام صدام.
كما أن النشطاء الذين سعوا لإقصاء الطبقة السياسية بكاملها منقسمون حول ما إذا كان عليهم دخول المنافسة أم لا، ومن المتوقع أن يفوزوا بعدد قليل من المقاعد على أفضل تقدير، وفقًا للتقرير.
ويضمن قانون انتخابي جديد أيضًا 83 مقعدًا في البرلمان على الأقل للنساء، من أصل عدد المقاعد البالغ 329 مقعدًا.
التيار الصدري
ويعد التيار الصدري بقيادة رجل الدين مقتدى الصدر، من أكثر الجماعات الرئيسة التي ستنافس على مقاعد البرلمان، لكون التيار تتبع له جماعة سياسية تعد أكبر جناح في البرلمان.
وشغل تحالف "سائرون"، بقيادة الصدر 54 مقعدًا في انتخابات عام 2018 مما منح الصدر نفوذًا حاسمًا في تشكيل الحكومة. واستخدم تياره قوته البرلمانية في بسط سيطرته على أجزاء واسعة من البلاد.
وحاليًا يخوض التيار الصدري الانتخابات ببرنامج وطني سعيًا لفصل نفسه عن الجماعات التي تساندها إيران، وهذا تغيّر نوعي في التيار الذي لطالما أدان بالولاء لطهران.
جماعات متحالفة مع إيران
يطفو على ساحة الانتخابات البرلمانية المرتقبة، تجمع كبير للأحزاب المتحالفة مع إيران، يقوده زعماء فصائل مسلحة، تحت اسم تحت "تحالف الفتح"، بقيادة هادي العامري الذي جاءت كتلته في المرتبة الثانية في انتخابات عام 2018 وشغلت 48 مقعدًا.
ويشمل "تحالف الفتح" الجناح السياسي لجماعة عصائب "أهل الحق" التي صنفتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية، ويمثل أيضًا "منظمة بدر" الشهيرة والقديمة في العراق، والتي تربطها علاقات قديمة مع إيران والتي قاتلت إلى جانبها في الحرب العراقية الإيرانية من عام 1980 إلى عام 1988.
وتخوض بعض الأحزاب المتحالفة مع إيران الانتخابات خارج مظلة "تحالف الفتح"، ومن بينها حركة "حقوق" التي تشكلت حديثًا.
"قوى الدولة الوطنية"
عمل رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي وتيار الحكمة الوطني بقيادة رجل الدين عمار الحكيم، على تأسيس تحالف "قوى الدولة الوطنية".
وكان تحالف العبادي، حلّ في المرتبة الثالثة في انتخابات عام 2018 وشغل 42 مقعدًا في البرلمان، بعد أن قاد العراق إلى هزيمة تنظيم "الدولة"، بينما شغل وقتها تيار الحكمة الوطني 19 مقعدًا.
أما الشخص المثير للجدل نوري المالكي رئيس الوزراء السابق، والقيادي البارز في واحد من أقدم أحزاب العراق وهو حزب الدعوة الإسلامية، فيرأس ائتلاف دولة القانون الذي شغل 25 مقعدًا في البرلمان في انتخابات عام 2018.
"تقدم" و"عزم"
يقود رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي تحالف "تقدم" الذي يضم عددًا من الزعماء من الشمال والغرب حيث الأغلبية السنية، ومن المتوقع أن يحظى بكثير من أصوات السنة.
والمنافس الرئيس للحلبوسي هو رجل الأعمال خميس الخنجر الذي انضم إلى تحالف "الفتح" الذي تسانده إيران بعد انتخابات عام 2018، ويسمى التحالف الذي يقوده الخنجر تحالف "عزم".
وفي العادة تسعى الأحزاب السنية لكسب الولاءات العشائرية، ولم تظهر قدرًا كبيرًا من الوحدة منذ عام 2000.
الأكراد
ظل إقليم كردستان في شمال العراق يتمتع بحكم ذاتي بحكم الأمر الواقع منذ عام 1991، وصار رسميًا تحت حكم ذاتي بموجب دستور عام 2005.
ودائمًا ما تشارك أحزابه في الانتخابات، وهي قوة مهمة في تشكيل الحكومات.
والحزبان الكرديان الرئيسان هما الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يهيمن على الحكومة الكردية في العاصمة أربيل، والاتحاد الوطني الكردستاني الذي يهيمن على مناطق بمحاذاة الحدود الإيرانية ومقره في مدينة السليمانية.
شغل الحزب الديمقراطي الكردستاني 25 مقعدًا في انتخابات عام 2018 وشغل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني 18 مقعدًا. وترجح التقديرات احتفاظ الحزبَين بنصيب الأسد من أصوات الأكراد تليهما أحزاب أصغر، إذ شغلت الأحزاب الكردية مجتمعة 58 مقعدًا في انتخابات عام 2018.
نشطاء الاحتجاجات
رغم أن احتجاجات عام 2019 أدت إلى استقالة الحكومة السابقة، لم يتغير الكثير منذ ذلك الحين، وبرز في الاحتجاجات استخدام القوة المميتة مع المتظاهرين، إلا أن بعض النشطاء الذين شاركوا في الاحتجاجات يدعون إلى مقاطعة الانتخابات، في وقت شكل فيه آخرون أحزابًا أو انضموا إلى ائتلافات معتدلة مثل تحالف العبادي والحكيم.
وتعد حركة "امتداد" أحد الأحزاب القليلة التي شكلها نشطاء وتقدمت بمرشحين، ويرأسها الصيدلاني علاء الركابي، وهو من أبناء مدينة الناصرية في الجنوب، والتي شهدت بعض أشرس الهجمات ضد المتظاهرين عام 2019.
"أصواتكم مستقبل العراق"
وقد حث رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الأحد الماضي، مواطني بلاده على الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية.
وبطاقة الناخب مزودة بشريحة إلكترونية تحتوي معلوماته الشخصية، ولا يحق للناخب الإدلاء بصوته إلا من خلالها.
وكان من المفترض انتهاء الدورة البرلمانية الحالية عام 2022، إلا أن الأحزاب السياسية قررت إجراء انتخابات مبكرة بعدما أطاحت احتجاجات شعبية واسعة بالحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي أواخر 2019.
وتم منح الثقة للحكومة الجديدة برئاسة الكاظمي في مايو/ أيار 2020 لإدارة المرحلة الانتقالية وصولًا إلى إجراء الانتخابات المبكرة.
ووفق أرقام مفوضية الانتخابات في 31 يوليو/ تموز، فإن 3249 مرشحًا يمثلون 21 تحالفًا و109 أحزاب، إلى جانب مستقلين، سيخوضون سباق الانتخابات للفوز بـ 329 مقعدًا في البرلمان العراقي.