وسط آمال بالعثور على ناجين، تواصل فرق الإنقاذ بالمغرب أعمال المساعدة والبحث عن مفقودين تحت الأنقاض لليوم التاسع على التوالي، بعد الزلزال القوي الذي ضرب البلاد في 8 سبتمبر/ أيلول الجاري.
وتصطدم جهود الإنقاذ أحيانًا بصعوبة تضاريس المحافظات المتضررة، والتي تتميز بوجود جبال شاهقة.
ونقلت وكالة الأنباء المغربية الرسمية عن مصادر لم تكشف عن هويتها، أنه تم "إعادة إيواء جميع السكان الذين انهارت منازلهم كليًا أو جزئيًا بسبب الزلزال، في خيام تحميهم من أي سوء للأحوال الجوية".
كما واصلت الشركات ومؤسسات الدولة الإعلان عن مساهمتها المالية في الحساب الخاص بمواجهة آثار الزلزال.
وقررت الحكومة المغربية أن يساهم الوزراء براتب شهر دعمًا لضحايا الزلزال.
وقالت في قرارها الصادر عن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الجمعة: "يمكن للموظفين وأعوان الدولة ومستخدمي المقاولات والمؤسسات العمومية بصفة اختيارية وتطوعية المساهمة بأجرة يوم عمل عن كل شهر على مدى ثلاثة أشهر".
اجتماع مجلس الحكومة ليومه الخميس 14 شتنبر 2023. للمزبدمن التفاصيل: https://t.co/8ubkaU9rJP pic.twitter.com/9xdy5yq2wV
— رئيس الحكومة المغربية (@ChefGov_ma) September 14, 2023
الجيش ينصب خيامًا مدرسية في مناطق الزلزال
وفي سياق متصل، أشرف الجيش المغربي على نصب الخيام المدرسية في منطقة أمزميز بإقليم الحوز، أحد المناطق المتضررة من الزلزال المدمر.
وأشرفت عناصر القوات المسلحة الملكية (الجيش)، مساء الجمعة، على نصب 6 خيام مدرسية في منطقة أمزميز (شمال).
والأحد، أعلنت وزارة التعليم المغربية "تعليق الدراسة في القرى الأكثر تضررًا، جراء تضرر 530 مؤسسة تعليمية بدرجات متفاوتة".
وجهزت عناصر الجيش الخيام بالتجهيزات الضرورية مثل الطاولات، لبدء تدريس تلاميذ المناطق المتضررة من الزلازل، وذلك عقب انهيار مدارسهم.
ومساء 8 سبتمبر الجاري، ضرب زلزال بقوة 7 درجات عدة مدن مغربية كبرى مثل العاصمة الرباط والدار البيضاء ومكناس وفاس (شمال)، ومراكش وأغادير وتارودانت (وسط).
ووفقًا لأحدث بيانات وزارة الداخلية، أسفر الزلزال عن 2946 وفاة و6125 إصابة، إضافة إلى دمار مادي كبير.
وكان الديوان الملكي المغربي أعلن أن 50 ألف مسكن انهار كليًا أو جزئيًا إثر الزلزال، لافتًا إلى استعداد الدولة لتقديم مساعدة مالية مباشرة بقيمة 140 ألف درهم (نحو 14 ألف دولار) لأصحاب المساكن التي انهارت بشكل تام، و80 ألف درهم (نحو 8 آلاف دولار) لتغطية أشغال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئيًا.
ما الأزمات التي نتجت عن الزلزال؟
وفي هذا الإطار، أوضح الخبير في النظم والأزمات الصحية خالد فتحي، أنه عندما تحدث فاجعة مثل هذه، تنجم عنها عدة أزمات، الأولى صحية وشكلت أولوية من حيث إنقاذ الناجين المحتملين وانتشال الجثث، والثانية تتعلق بالإيواء، وبعد ذلك يأتي دور الإعمار وإعادة بناء المساكن وتهيئة البنية التحتية.
وفي حديث لـ"العربي" من الرباط، أضاف فتحي أن المغاربة الآن استوعبوا الصدمة، حيث إنهم أصبحوا أكثر تنظيمًا والقرارات أصبحت محكمة أكثر.
واعتبر أن عملية الإيواء ليست بالأمر الهين لأن هناك أطفالًا عليهم أن يدرسوا، وبالتالي لا بد من حل مشكلة الدراسة، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة الملكية نصبت خيامًا على شكل أقسام، ما سيتيح لعدد من الأطفال المنكوبين متابعة تعليمهم.
ولفت فتحي إلى أن المؤشرات الأولى تظهر إقبالًا كبيرًا على التبرع، مشيرًا إلى أن أكبر قافلة انطلقت نحو المناطق المتضررة جاءت من الصحراء، محملة بالأغذية والأغطية والملابس وكل ما يحتاجه المتضررون، كما أن ملك المغرب تبرع بمليار درهم لحد الآن.
وأضاف فتحي أن التبرعات تتقاطر حتى الآن، والوتيرة التي تسير بها تدل على أن الموارد المالية ستفوق ما جمعه المغرب خلال أزمة كورونا.
وبشأن توجه المغرب نحو تقديم طلب للحصول على مساعدات من قبل الأمم المتحدة كما قال المبعوث الأممي للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، أوضح فتحي أن المغرب جزء من المنظومة الدولية، وهو لم يرفض المساعدات وإنما كانت له رؤية في تدبير الأزمة نظرًا للمعطيات المحلية.
وأشار إلى أن عملية الإعمار تتطلب طول النفس وقد تمتد لسنوات، وهي أشبه بمشروع مارشال وطني يقوده الملك من أجل تضميد الجراح بعد الزلزال.