برزت عدة مبادرات زراعية في تونس تهدف إلى استعادة البذور الأصلية بدلًا من البذور الهجينة التي باتت تسيطر على الإنتاج الفلاحي في البلاد، على الرغم من الصعوبات التي تعترض عددًا من المزارعين الذين بادروا إلى استعمال البذور الأصلية مجددًا.
ويزيد الاستعمال المتزايد للبذور الهجينة من احتمال اختفاء البذور الأصلية، وفق منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
وعلى سبيل المثال في الجديدة غربًا قرر صاحب مزرعة إعادة إحياء بذور القمح المحلية نظرًا إلى جودتها العالية.
وبعد أن اعتاد تخزين جزء من محصول من البذور الأصلية في كل موسم، أصبحت البذور الهجينة التي تعطي محصولًا أكبر واستقرارًا في الإنتاج بديلًا شرسًا في السوق.
ويقول المزارع التونسي أسامة بحروني إن "الفلاح يريد أن يبحث عن جميع السبل التي تساعد في تقليل التكلفة مقابل الإكثار من الإنتاج وهذان الأمران متوافران في البذور المحلية".
إذ على الرغم من شعبية البذور الهجينة إلا أنها ضعيفة أكثر من الأصلية ولا تتحمل الآفات وتقلبات الطقس، وتزرع مرة واحدة في العام ولا يمكن تخزينها للمواسم التالية.
كما تبيّن أن هذه البذور تتطلب كمية مياه كبيرة، في وقت تعاني تونس من أزمة نقص مياه حادة.
ويكشف المدير العام لبنك الجينات التونسي مبارك بن الناصر أن العلماء يعتقدون أنه بحلول عام 2050 سترتفع درجة حرارة الأرض بين 1.8 و2 درجة، "وبالتالي من الطبيعي أن تندثر الأصناف التي لا تتأقلم مع درجة الحرارة المرتفعة".
وتهدد البذور الهجينة التي تنتج أصنافًا موحدة، باختفاء البذور الأصلية ذات القيمة الغذائية والجودة الأفضل، بالإضافة إلى فقدان التراث المحلي والتنوع الجيني للمحاصيل.
ويتحدث الباحث في السياسات الغذائية أيمن عميد إلى "العربي" عن إمكانية استعادة البذور الأصلية في تونس، لكنه يشدّد على ضرورة أن تترافق هذه الخطوة مع قرارات سياسية.
ويرى عميد أن المشكلة الأساسية في هذه الأزمة هي "السياسات المتبعة وليست في اختيار الفلاحين والمؤسسات كون سياسات الدولة منذ بداية الستينيات كرست استعمال البذور الهجينة وحاولت مرارًا وتكرارًا استبعاد استعمال البذور المحلية".
أما عن هدف هذه السياسات، فيرى عميد أنها تشكل تكريسًا للاتفاقيات الموجودة بين تونس والشركات المنتجة لهذه البذور الهجينة.