الثلاثاء 19 نوفمبر / November 2024

جدري القرود.. ماذا نعرف عنه وكيف يمكن الوقاية منه؟

جدري القرود.. ماذا نعرف عنه وكيف يمكن الوقاية منه؟

شارك القصة

نافذة من "العربي" تلقي الضوء على مرض جدري القرود وتستعرض أعراضه (الصورة: غيتي)
تترقب الهيئات الصحية في العالم تفشيًا متسارعًا لـ"جدري القرود"، دفع منظمة الصحة العالمية لدق ناقوس الخطر، فما هو هذا المرض وكيف انتقل إلى البشر؟

يبدو أن حرب الإنسان مع الفيروسات حيوانية المنشأ تشهد جولة أخرى؛ بعد أن وجدت البشرية نفسها اليوم أمام معركة جديدة في مواجهة فيروس "جدري القرود"، في وقت لم تخرج فيه الطواقم الطبية بعد من معركة عالمية ضد كوفيد 19.

وتترقب الهيئات الصحية في العالم تفشيًا متسارعًا لهذا الفيروس، دفع منظمة الصحة العالمية لدق ناقوس الخطر، وسط تزايد أعداد الإصابات في نحو 50 دولة. 

ما هو جدري القرود؟

هو مرض فيروسي نادر، حيواني المنشأ، أي أنه ينتقل من الحيوان إلى الإنسان، وهو ينتمي إلى فصيلة فيروسات الجدري. وتشمل أعراضه الحمى والصداع والطفح الجلدي.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، لا تزال هناك شكوك تحيط بالتاريخ الطبيعي لفيروس جدري القردة، حيث إن الأمر يتطلب إجراء المزيد من الدراسات لتحديد تطوره وكيفية بقائه في الطبيعة.

وقد تبين حسب المنظمة، أن عدوى هذا النوع من الجدري في إفريقيا، تحملها أجناس كثيرة من الحيوانات مثل السناجب المخططة وسناجب الأشجار والجرذان الغامبية والفئران المخططة.

ويمكن للفيروس أن يقتل ما يصل إلى واحد من كل عشرة أشخاص يصابون به. 

كيف انتقل الفيروس إلى البشر؟

رُصدت أول إصابة بشرية بفيروس جدري القرود عام 1970 بجمهورية الكونغو الديمقراطية. وكان المصاب حينها صبي يبلغ من العمر 9 أعوام، ويعيش في منطقة خلت من الجدري عام 1968.

وبعد ذلك، أُبلِغ عن معظم الإصابات في المناطق الريفية بحوض نهر الكونغو وغرب إفريقيا. وانتشر الفيروس في جمهورية الكونغو بشكل كبير بين عامي 1996 و1997، بحسب منظمة الصحة العالمية.

جدري القرود هو مرض فيروسي نادر، حيواني المنشأ، أي أنه ينتقل من الحيوان إلى الإنسان

وعام 2003، أبلغ عن حالات مؤكدة بفيروس جدري القردة في الولايات المتحدة في أول تفش خارج حدود القارة الإفريقية. 

كما سجّلت عدة إصابات بالفيروس في السودان عام 2005، وتجدد التفشي في جمهورية الكونغو عام 2009. كذلك تم احتواء 26 حالة مع وفاتين، عندما تفشى الفيروس في جمهورية إفريقيا الوسطى بين أغسطس/ آب وأكتوبر/ تشرين الأول 2016.

إضافة إلى ذلك، اكتشفت الإصابات الأولى في المملكة المتحدة عام 2018، وأصيب في ذلك العام ثلاثة أشخاص بالفيروس بعد أن عاد رجل من نيجيريا، بما في ذلك ممرضة كانت ترعى مريضة.

ورُصدت حالة أخرى في لندن في ديسمبر/ كانون الأول 2019، ومن ثم اكتشفت حالتان في شمال ويلز عام 2021.

أين ينتشر الفيروس؟

في الأسبوع الأول من مايو/ أيار الماضي، أعلنت السلطات الصحية في بريطانيا تسجيل إصابة بفيروس "جدري القرود" لرجل سافر من نيجيريا إلى المملكة المتحدة، ويعتقد أنه أصيب بالعدوى هناك.

وذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية أنه تم تشخيص إصابة تسعة بريطانيين بالفيروس المعدي حتى الآن.

كما أبلغت الولايات المتحدة عن أول حالة إصابة بفيروس جدري القرود بداية شهر مايو/ أيار، لرجل من ماساتشوستس عاد من كندا. 

وتفشى الفيروس في غالبية الدول الأوروبية. وقد دعت منظمة الصحة العالمية الدول الأوروبية إلى "تحرك عاجل" للحد من تفشي الفيروس في القارة حيث ازداد عدد المصابين ثلاثة أضعاف منذ أسبوعين. واعتبر خبراء المنظمة أن ازدياد عدد الحالات بات تهديدًا صحيًا يثير قلقًا كبيرًا، ولكن من دون أن يبلغ حتى الآن مستوى حالة طوارئ صحية عالمية.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فمنذ 1 يناير/ كانون الثاني الماضي وحتى 22 يونيو/ حزيران الفائت، تم الإبلاغ عن 3413 حالة مؤكدة مختبريًا ووفاة واحدة في 50 دولة. 

ما هي أعراضه؟

تشمل الأعراض الأولية للإصابة بالفيروس الحمى والصداع وآلام العضلات وآلام الظهر وتضخم الغدد الليمفاوية والقشعريرة والإرهاق.

ويحتمل تطور الأعراض إلى طفح جلدي، غالبًا ما يبدأ على الوجه، ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم بما في ذلك الأعضاء التناسلية.

جدري القرود هو مرض فيروسي نادر، حيواني المنشأ، أي أنه ينتقل من الحيوان إلى الإنسان

وتصل فترة حضانة جدري القرود إلى 21 يومًا، ما يستوجب عزل المصابين والمخالطين لمدة ثلاثة أسابيع.

وقسّمت منظمة الصحة العالمية مرحلة العدوى إلى فترتين، الأولى تتراوح بين صفر يوم وخمسة أيام، يعاني خلالها المصاب من حمى وصداع وتضخّم العقد اللمفاوية وشعور بآلام في الظهر وفي العضلات ووهن شديد.

أمّا الفترة الثانية فهي فترة ظهور الطفح الجلدي، والتي تحدث بين يوم واحد و3 أيام عقب الإصابة بالحمى، والتي تتبلور فيها مختلف مراحل ظهور الطفح الذي غالبًا ما يبدأ على الوجه، ومن ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.

ويتطوّر الطفح في حوالي 10 أيام من بقع صغيرة إلى حبوب مملوءة بسائل، قبل أن تختفي تمامًا في غضون ثلاثة أسابيع.

كيف يتم تشخيص الإصابة؟

قد يصعب تشخيص الإصابة بفيروس جدري القردة بسبب تشابه أعراضه مع أعراض الإصابة بأمراض أخرى مثل الجدري والجدري المائي والحصبة والتهابات الجلد البكتيرية والجرب والزهري والحساسية. 

لكن تضخّم العقد اللمفاوية خلال مرحلة ظهور بوادر المرض، سمة سريرية تميزه عن الجدري، بحسب منظمة الصحة العالمية.

جدري القرود هو مرض فيروسي نادر، حيواني المنشأ، أي أنه ينتقل من الحيوان إلى الإنسان

إلّا أن الفحوصات المخبرية قد تؤكد الإصابة بشكل أكثر دقة. وتعتمد الاختبارات على فحص المناعة الأنزيمية واختبار الكشف عن المضادات الطبيعية وقياس تفاعل البوليميراز المتسلسل وعزل الفيروس بواسطة زرع الخلايا، بحسب المنظمة. 

ما هي العلاجات واللقاحات المتوفرة؟

لا تتوفر أية أدوية لعلاج العدوى الناتجة عن الفيروس المستجد الانتشار بعد، سوى عقار "تيكوفيريمات" الذي تمت الموافقة عليه في الاتحاد الأوروبي في يناير/ كانون الثاني الماضي.

كذلك لم يتم تطوير لقاح خاص مضاد لهذا الفيروس. لكن ثبت أن التطعيم ضد الجدري ناجع بنسبة 85% في الوقاية من جدري القرود، وقد يقلل من وطأة المرض عند الإصابة به. ويعرف هذا اللقاح باسم "إمفانكس"، وتمت الموافقة عليه عام 2013 في المملكة المتحدة. 

ويحتوي هذا اللقاح على شكل معدل من فيروس الوقس الذي يشبه الفيروسات التي تسبب الجدري بمختلف أنواعه، لكنه لا يسبب المرض لدى البشر.

وتوفر الأجسام المضادة المنتجة ضد هذا الفيروس الحماية المطلوبة، نظرًا لتشابهها مع الجدري. 

هل ينتقل من إنسان إلى آخر؟

ينتقل جدري القرود بين البشر، أي بين إنسان وآخر، عن طريق جزيئات الجهاز التنفسي التي تتخذ شكل قطيرات تستدعي عادة فترات طويلة من التواصل وجهًا لوجه بين شخص مريض وآخر، بحسب منظمة الصحة العالمية.

كما يمكن أن ينتقل عن طريق ملامسة أدوات أو أشياء تلوّثت بسوائل من مصاب بالفيروس.

وعلى الرغم من خطر الإصابة بعدوى المرض بشكل كبير داخل الأسرة التي تضم مصابًا بين أفرادها، إلا أنه لا توجد أدلة حتى الآن على أن هذا النوع من الجدري يمكنه الاستحكام بين البشر بمجرّد انتقاله من شخص إلى آخر. 

كيف يمكن الوقاية من هذا المرض؟

توصي منظمة الصحة العالمية بنشر التوعية حول عوامل الخطر المرتبطة بالإصابة بفيروس جدري القرود وتثقيف الناس بشأن التدابير التي يمكنهم اتخاذها من أجل الحد من معدل التعرّض له.

وأهم الإجراءات التي تساعد على الوقاية من مرض جدري القرود:

  • الحد من خطر انتقال العدوى من إنسان إلى آخر عن طريق تجنّب المخالطة الجسدية الحميمة للمصابين بعدوى جدري القرود.
  • ارتداء قفازات ومعدات حماية عند الاعتناء بالمرضى.
  • الحرص على غسل اليدين بانتظام عقب الاعتناء بمرضى جدري القرود أو زيارتهم.
  • الحد من خطر انتقال المرض من الحيوانات إلى البشر، عن طريق طهي كل المنتجات الحيوانية بشكل جيّد قبل أكلها.
  • ارتداء القفازات وملابس الحماية المناسبة عند الاحتكاك مع الحيوانات المريضة أو أنسجتها الحاملة للعدوى وأثناء ممارسات ذبحها.
تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close