يواجه جان لوك مارتينيز الرئيس السابق لمتحف اللوفر في باريس اتهامات قضائية في بلاده بالتآمر لإخفاء أصل الكنوز الأثرية التي ربما تكون قد انتُزعت من مصر خلال ثورات الربيع العربي.
وفُتحت القضية في يوليو/ تموز 2018 بعد عامين من شراء متحف اللوفر أبو ظبي قطعة نادرة من الغرانيت الوردي تصوّر الفرعون توت عنخ آمون وأربعة أعمال أثرية قديمة أخرى مقابل ثمانية ملايين يورو.
ويعتقد المحققون الفرنسيون أنّ المئات من القطع الأثرية تعرّضت للنهب في دول الشرق الأوسط منذ 2016، ويُعتقَد أنّه تم بيعها إلى صالات العرض والمتاحف التي لم تطرح الكثير من الأسئلة بشأن الملكية السابقة.
وتعيد هذه الحادثة فتح الملف الأوسع حول نهب وتهريب الآثار في العالم العربي، حيث تشير وقائع العديد من القضايا إلى تورط دبلوماسيين أجانب في عمليات التهريب، كما حدث في واقعة تهريب 21855 قطعة أثرية ضبطتها إيطاليا عام 2018.
واتهمت مصر حينها القنصل الإيطالي السابق في مدينة الأقصر بالمشاركة في سرقتها وتهريبها للخارج، وأحيل للمحاكمة الغيابية، وحكم بسجنه 15 عامًا.
أكثر من 850 ألف قطعة أثرية مهربة
حول العالم، تمّ ضبط أكثر من 850 ألف قطعة أثرية مهرّبة عام 2020، وبلغ حجم تجارة الآثار أكثر من 50 مليار دولار في السنة نفسها.
لكن تبقى للعالم العربي "حصّة الأسد" من هذه التجارة، حيث تعاني مصر من عمليات نهب واسعة لآثارها منذ عشرات السنين، حيث تشير أرقام وزارة الآثار المصرية إلى أنّ أكثر من 32 ألف قطعة أثرية فقدتها البلاد على مدى أكثر من 50 عامًا.
من جهته، فقد العراق أكثر من 15 ألف قطعة أثرية من متحف بغداد وحده، تعود إلى حضارات مختلفة، بدءًا من السومرية قبل أربعة آلاف عام، مرورًا بالبابلية والأشورية، وصولًا إلى الحضارة الإسلامية.
وفي سوريا تعرّضت مواقع عدّة إلى النهب، أهمّها تدمر في محافظة حمص، ومواقع ماري ودورا أوربوس وموقع الشيخ حمد في محافظة دير الزور، وأفاميا في محافظة حماة، موقع إبلا في محافظة إدلب.
أما في ليبيا، فقد كشف تحقيق عن عمليات تنقيب أثرية في الشرق الليبي الخاضع لسيطرة ميليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، والذي يتورط مسلحوه في نبش تلك المناطق وعرض ما يجدونه للبيع.
وفي الفترة ما بين 2011 و2020، تعرّضت الآثار الليبية للنهب في البنك التجاري الوطني للنفط بما مجموعه 9800 قطعة من مواقع متنوّعة.
"فضيحة" بحق متحف اللوفر
ويشير الباحث في معهد آثار الشرق الأوسط بجامعة توبنغن يوسف كنجو إلى أنّه لا يمكن عرض أي قطع أثرية من دون ذكر المصدر، وإن لم تُذكَر، فلا شكّ أنّ مصدرها معروف وليس مجهولًا.
ويعتبر في حديث إلى "العربي"، من توبنغن، أنّ المشكلة التي حدثت بالنسبة إلى متحف اللوفر هي فضيحة بحق المتحف وبحق المختصّين فيه، لافتًا إلى أنّ الوثيقة التي تثبت أصل القطع هي المزوّرة والتي تمّ التلاعب بها.
وتعزى أسباب تهريب الآثار في الدول العربية وعدم قدرة الأخيرة على استردادها في معظم الأحيان إلى الضعف الذي تعاني منه السلطات المحلية في البلدان العربية.
ويقول إنّه "لا توجد لدينا سلطات آثار قوية تطالب بشكل قانوني باسترداد القطع الأثرية"، مضيفًا أنّ "الذي يحدث على أرض الواقع أنه لا توجد أي مطالبات من السلطات الرسمية في الدول العربية لاسترجاع هذه الآثار.
كما يشدّد على وجوب أن تكون هناك وثائق قانونية لإثبات مصدر هذه القطع وأنّها خرجت من مواقعها بشكل أو بآخر، مستنتجًا أنّ المشاكل القانونية هي التي تساعد المتاحف الأوروبية على إبقاء القطع الأثرية العربية.