حركة متزايدة ومشبوهة لناقلات نفط.. ماذا يحدث في ميناء "إيلات"؟
افتتحت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مقالًا، بالإشارة إلى أن "عدد ناقلات النفط في إيلات زاد 5 أضعاف، والخطر على الخليج يتزايد"، في تحقيق يكشف عن حركة كثيفة لناقلات النفط في ميناء "إيلات" خلال العامين الماضيين.
وفي هذا الإطار، دقق فريق تحقيقات المصادر المفتوحة في "العربي"، في هذه المعلومات وفي تفاصيل هذه الحركة.
ماذا يحدث في ميناء "إيلات"؟
وبحسب "هآرتس"، تزايدت حركة الناقلات في ميناء "إيلات" بين عامي 2021 و2022، لكنه وصل إلى الحد الأقصى خلال العام الجاري.
هذا النشاط، يعود إلى اتفاقية أبرمت بين دولة الإمارات وشركة "كاتسا"، التي تدير نظام خطوط الأنابيب تحت الأرض، والتي تهدف إلى نقل النفط بين عسقلان وإيلات ما يعني إنشاء طريق سريع لنقل النفط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.
كذلك، يشير تقرير الصحيفة الإسرائيلية إلى أن النفط الذي مر عبر ميناء "إيلات" العام الماضي، لا تستخدمه إسرائيل بل يتم إرساله إلى الشرق الأقصى.
وللتحقق من الأمر، قام فريق "العربي" بالكشف عن بيانات الملاحة لناقلة نفط تدعى "نيسوس كيا"، التي تبيّن أنها رست في "إيلات" فارغة قبل أن تحمّل بالنفط وتتجه نحو سنغافورة.
فبمراجعة بيانات السفينة المفصلة، نجد أنها كانت In Ballast، أي فارغة عند وصولها إلى الميناء. وبعد ساعات من رسوها هناك أصبحت Laden، أي محملة كليًا.
لكن هذه الناقلة ليست الوحيدة، وهذا ما بيّنه تحقيق "العربي".
ماذا كشفت حركة الناقلات؟
فقد وجد فريق العمل خلال التدقيق في بيانات حاملات النفط، أنه في النصف الأول من العام الحالي، قامت 5 حاملات نفط بالرسو في ميناء "إيلات".
وفي بحث أدقّ، تمكّن الفريق من تحديد هويتها وحمولتها.
فناقلة النفط "نيسوس كيا" التي ترفع علم جزر المارشال، حمّلت 300 ألف طن متجهةً نحو سنغافورة. و350 ألف طن حملتها ناقلة النفط "إيونا" التي تحمل علم ليبيريا في وجهتها أيضًا إلى سنغافورة.
وإلى نفسه الوجهة، انطلقت حاملة النفط المالطية "هيوستن" محمّلة بـ 330 ألف طنٍ، بينما توّجهت ناقلة النفط الليبيرية "سي ماجستي" بـ 340 ألف طن نحو الصين.
وأخيرًا، كانت وجهة "نيسوس كيروس" التي حملت علم جزر المارشال إلى سريلانكا، بـ 350 ألف طن.
وجميع هذه السفن كانت فارغة الحمولة وقت رسوّها في ميناء "إيلات". وبمقارنة بين النصف الأول من هذا العام والنصف الثاني من العام الماضي تظهر زيادة في الحمولات وحركة أكثر كثافة.
فقد شهدت الفترة الممتدة بين يوليو/ تموز 2022 ويناير/ كانون الثاني الحالي، رسو 4 حاملات في ميناء "إيلات". وبعدما كانت جميعها فارغة الحمولة وقت رسوها، خلصت أرقام تحقيق "العربي" إلى أن نشاط شركة "كاتسا" بلغ أكثر من الحد الأعلى المسموح لها.
فمن خلال جمع حمولة الناقلات خلال 12 شهرًا، يمكن التأكيد أنها تخطت الحدّ، بمليون طنٍ تقريبًا، وهو ما يعتبر مخالفة للقوانين البيئية المفروضة عليها.
حركة مشبوهة وتداعيات على قناة السويس
لكن تحقيق "العربي" لم يقف هنا، فمن خلال مراقبة دقيقة لحركة الناقلات تمكن الفريق من ملاحظة حركة مشبوهة لناقلة النفط "أسوس"، التي رست في "إيلات" يوم 4 سبتمبر/ أيلول وخرجت منه دون الكشف عن حمولتها.
حركة الملاحة، أظهرت كذلك أن السفينة أطفأت إشارتها بعد خروجها من "إيلات"، وصولًا إلى مياه البحر الأحمر الملاصقة لخليج العقبة في 8 سبتمبر.
وبالغوص أكثر في تفاصيل هذه السفينة، تبيّن أنها مصنّفة في برامج الملاحة بـ"خطر من درجة أ"، وهو التصنيف الأكثر خطورة، الخاص بخزانات السفن المحملة بالغاز أو السوائل كالنفط.
كما أن حاملة النفط "أسوس"، لا تملك رقمًا تسجيليًا على عكس السفن الـ8 الأخرى، ولا يوجد لها بيانات رسمية في سجلات "إكويسيس" وهو النظام الأكبر للمعلومات المتعلقة بسلامة السفن، من المصادر العامة والخاصة.
بالمحصلة، تؤكد كمية النفط التي تم نقلها عبر "إيلات – عسقلان" خلال الأشهر الـ 12 الأخيرة أن الخطّ أصبح بالفعل يأخذ حصّة كبيرة من النفط الذي كان يُنقل عادةً عبر مياه قناة السويس المصرية، وخط سوميد المصري.
وبالتالي، سيكون لهذا الأمر انعكاسات وتداعيات على أكثر من جهة، وتهديد كبير لمكانة مصر في هذا القطاع.