الأحد 1 Sep / September 2024

حر وعطش وجوع.. مهاجرون أفارقة يعانون الويلات عند حدود تونس وليبيا

حر وعطش وجوع.. مهاجرون أفارقة يعانون الويلات عند حدود تونس وليبيا

شارك القصة

تقرير لـ"العربي" حول تقطع السبل بمهاجرين غير نظاميين على الحدود بين تونس وليبيا (الصورة: غيتي)
يؤكد حرس الحدود الليبيون أنهم أنقذوا خلال الأسبوعين الأخيرين مئات المهاجرين الذين نقلتهم السلطات التونسية إلى الحدود عند مستوى بلدة العسة.

يواصل مهاجرون من إفريقيا جنوب الصحراء الوصول بالمئات يوميًا إلى ليبيا سيرًا على الأقدام حتى الإنهاك الشديد، بعدما نقلتهم السلطات التونسية إلى الحدود في وسط الصحراء، وفق شهاداتهم وشهادات حرس حدود ليبيين جمعتها وكالة "فرانس برس".

وأنقذ الأحد في منطقة قاحلة وغير مأهولة، رجال ونساء وهم تائهون بالقرب من بحيرة سبخة المقطع المالحة على امتداد الحدود بين ليبيا وتونس.

وعند الظهيرة، وفيما الحرارة تفوق الأربعين درجة مئوية، عثرت دورية ليبية على رجل مغمى عليه حاول أفرادها إنعاشه بسكب بضع قطرات من الماء على شفتيه. إلا أنه بالكاد يتنفس.

ومن بعيد تم تمييز ست نقاط سوداء تبين بعد دقائق أنهم ناجون شرحوا باللغة العربية للحراس أنهم أتوا من تونس.

وفي الأسبوعين الأخيرين، يقول حرس الحدود الليبيون إنهم أنقذوا مئات المهاجرين الذين نقلتهم السلطات التونسية على ما يؤكدون، إلى الحدود عند مستوى بلدة العسة على بعد 150 كيلومترًا جنوب غرب طرابلس.

ففي أعقاب اشتباكات أودت بحياة مواطن تونسي في 3 يوليو/ تموز، طرد مئات المهاجرين الأفارقة من صفاقس في وسط تونس الشرقي التي تشكل نقطة الانطلاق الرئيسية للهجرة غير النظامية إلى أوروبا.

ينهارون منهكين

وتفيد منظمة "هيومن رايتس ووتش" غير الحكومية بأن الشرطة التونسية "طردت" ما لا يقل عن 1200 مهاجر إفريقي، وتركتهم عند الحدود مع ليبيا من الشرق والجزائر من الغرب.

وقد تولى الهلال الأحمر التونسي بعد ذلك رعاية أكثر من 600 من هؤلاء في منطقة رأس جدير العازلة بين تونس وليبيا ونحو 200 من الجانب الجزائري.

يواصل مهاجرون من إفريقيا جنوب الصحراء الوصول بالمئات يوميًا إلى ليبيا سيرًا حتى الإنهاك الشديد
يواصل مهاجرون من إفريقيا جنوب الصحراء الوصول بالمئات يوميًا إلى ليبيا سيرًا حتى الإنهاك الشديد - غيتي

لكن قرب العسة على بعد حوالي 40 كيلومترًا من رأس جدير، يستمر المهاجرون بالوصول ضمن مجموعات صغيرة من شخصين أو ثلاثة أشخاص أو بالعشرات، يتقدمون مذهولين منهكين من الحر والعطش، وتخور قواهم عند أقدام الحراس.

ويعطيهم الحراس بضع قطرات من الماء، يرشونها على رؤوسهم ووجوههم قبل نقلهم إلى نبع مياه مالحة ليبردوا حرارة جسمهم.

وفي الآونة الأخيرة، يجري حرس الحدود الليبيون وجهاز مكافحة الهجرة غير النظامية وعناصر "الكتيبة 19" دوريات يومية في الصحراء.

ويقول المتحدث باسم اللواء 19 الليبي علي والي: "نحن على الخط الفاصل بين ليبيا وتونس ونشهد وصول المزيد من المهاجرين كل يوم. الوضع مقلق".

ويوضح أنه سمح لوكالة "فرانس برس" بمرافقة الدورية "لتكذيب من يدعي (في تونس) أننا قمنا باختلاق كل هذا وأننا قمنا باقتياد المهاجرين إلى هنا" عند الحدود.

ويؤكد أن الحراس يرصدون يوميًا في نطاق عملهم حول العسة، "وصول 150 إلى 350 وأحيانًا ما يصل إلى 400 أو 500 مهاجر غير شرعي".

يؤكد حرس الحدود الليبيون أنهم أنقذوا مئات المهاجرين الذين نقلتهم السلطات التونسية
يؤكد حرس الحدود الليبيون أنهم أنقذوا مئات المهاجرين الذين نقلتهم السلطات التونسية - غيتي

ووصل في ذلك اليوم 110 أشخاص بينهم امرأتان فيما لم يعثر على شخصين آخرين بلغ عنهما مهاجر.

ويقوم جندي من حرس الحدود بمسح الأفق بمنظاره على أمل تحديد مكان المهاجرين.

وعبر الناجون الحدود من دون علمهم، وساروا في الاتجاه الذي أشار إليه الجنود التونسيون أي ليبيا.

سير ليومين

هيثم يحيى مواطن سوداني عمل في قطاع البناء لمدة عام في تونس، حيث وصل سرًا عبر النيجر، ثم الجزائر.

ويروي يحيى قائلًا: "كنت في العمل عندما أمسكوا بي واقتادوني إلى هنا، أولاً في سيارة شرطة، ثم في شاحنة عسكرية (تونسية) ثم تركوني وطلبوا مني الذهاب إلى ليبيا".

وتحت شمس حارقة، "سار البعض لمدة يومين" من دون ماء أو طعام في الصحراء.

وهذا ما حصل للنيجيري ألسكندر أونشي اوكولو. يقول الرجل البالغ 41 عامًا "دخلت تونس عبر الدبداب (منفذ بري حدودي) عابرًا الجزائر إلى تونس (..) أمضيت بعض الوقت في تونس قبل أن تقبض عليّ الشرطة التونسية".

ويتابع قائلًا: "ألقوا القبض علي في الشارع ونقلت إلى الصحراء الكبرى".

ويظهر شاشة هاتفه المحطمة موضحًا "كسروه وضربوني".

17 قتيلًا

من جانبه، يقول المتحدت الليبي: "السبت تم العثور على جثتين وقبل يومين، خمس بينهم امرأة مع طفلها (...) بالإضافة إلى الخمس التي تم العثور عليها قبل أسبوع (...)، وضع مأساوي وغير مقبول".

ويتساءل "كيف تتوقعون منهم النجاة من هذا؟ وسط الحر ومن دون ماء مع سيرهم ليومين أو ثلاثة".

وتفيد منظمات إنسانية في ليبيا بأن الحصيلة تصل إلى ما لا يقل عن 17 قتيلًا قضوا في الصحراء بين ليبيا وتونس في الأسابيع الثلاثة الماضية.

وفي رأس جدير، لا يزال 350 مهاجرًا يقيمون في مخيم من بينهم 65 طفلًا و12 امرأة حاملًا.

وقال مسؤول في المجال الإنساني في ليبيا لوكالة "فرانس برس": "ظروف حياتهم صعبة جدًا". وأوضح أن 180 مهاجرًا آخر من بينهم 20 طفلًا يقيمون مؤقتًا في العسة.

وفي رأس جدير بدأوا منذ عشرة أيام تقريبًا يحصلون على المياه والطعام والرعاية الطبية من الهلال الأحمر الليبي.

وشدد المصدر الإنساني على أن الوضع يتحسن "لكن لا يمكن أن يستمر على المدى الطويل فلا وجود للصرف الصحي ولا لخزانات المياه ولا لمراكز إيواء فعلية".

وقالت الحكومة في طرابلس في الأيام الأخيرة إنها ترفض إقامة المهاجرين الوافدين من تونس على أراضيها.

وقد انتقدت تقارير عدة للأمم المتحدة ليبيا بسبب العنف الممارس في حق 600 ألف مهاجر متواجدين على أراضيها وغالبيتهم في مخيمات.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - أ ف ب
Close