حضرت التطورات في لبنان على طاولة مجلس الأمن مساء الجمعة في جلسة كانت مقررة مسبقًا قبل الغارة الدامية التي استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت.
وجاءت هذه الجلسة على خلفية التفجيرات التي طالت أجهزة الاتصالات اللاسلكية التي شهدها لبنان الثلاثاء والأربعاء الماضيين وأسفرت عن أكثر من 37 شهيدًا ومئات الجرحى
وخلال الجلسة، دان مندوب الجزائر في مجلس الأمن عمار بن جامع "بأشد العبارات" الاعتداءات الإسرائيلية في لبنان، مشددًا على أن تفجير أجهزة الاتصالات يمثل انتهاكًا فاضحًا لسيادة لبنان وللقانون الدولي.
وأكد أن تل أبيب تدفع المنطقة نحو الحرب وتوسع أعمالها العدوانية في عمق الأراضي اللبنانية.
المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك شدد من جهته أمام المجلس على أن القانون الدولي يحظر "تفخيخ" أجهزة مدنية الطابع، مؤكدًا أن "ارتكاب أعمال عنف تهدف إلى نشر الرعب بين المدنيين يعد جريمة حرب".
تنديد لبناني بالإرهاب الإسرائيلي
بدوره، وصف وزير الخارجية اللبناني تفجير أجهزة الاتصال المحمولة بأنه هجوم "إرهابي" وحمل إسرائيل مسؤوليته.
وقال عبد الله بوحبيب أمام مجلس الأمن إن الانفجارات التي قتلت العشرات في مختلف أنحاء لبنان على مدى يومين هي "أسلوب حرب غير مسبوق في وحشيته وإرهابه"، مضيفًا أن "استهداف آلاف الأشخاص من مختلف الأعمار يمارسون أعمالهم في منازلهم، في الشوارع، في وظائفهم، في مراكز التسوق، هو ببساطة إرهاب".
ورأى أنه "إذا مر العمل الإرهابي في لبنان مرور الكرام وتم تجهيل الفاعل فإن مصداقية مجلس الأمن في خطر محدق".
ومساء الجمعة، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية ارتفاع حصيلة ضحايا الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت إلى 14 شهيدًا و66 جريحًا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء.
ولفتت الوزارة إلى أن "أعمال رفع الأنقاض (في المباني التي دمرتها الغارة) مستمرة".
وكانت وكالة الأنباء اللبنانية أوضحت أن المبنى المستهدف في الغارة أُصيب بـ4 صواريخ، فيما تحدثت إسرائيل عن اغتيال القيادي في حزب الله إبراهيم عقيل وقادة آخرين من وحدة الرضوان.
وأضافت الوكالة أن سيارات الإسعاف تواصل نقل المصابين والشهداء من المنطقة، وبينهم "عدد كبير من الأطفال والنساء، لأن المبنى يقطنه مواطنون في منطقة مكتظة بالسكان".
"لا وزن لأي اعتبار لدى إسرائيل"
وفي وقت سابق الجمعة، شنت طائرة حربية إسرائيلية من طراز "F35" غارة على شقة سكنية بمنطقة الجاموس في الضاحية الجنوبية لبيروت ما أسفر عن تدمير مبنيين في المنطقة وفق الدفاع المدني اللبناني.
من جانبه، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي خلال اجتماع حكومي الجمعة، إن استهداف إسرائيل مرة أخرى للضاحية الجنوبية لبيروت، يثبت مجددًا أنها "لا تقيم وزنًا لأي اعتبار إنساني وقانوني وأخلاقي"، واعتبر أنها "ماضية في ما يشبه الإبادة الجماعية".
يأتي ذلك، فيما قال البيت الأبيض، في بيان الجمعة، إن واشنطن "لم تتلق" إخطارًا مسبقًا من إسرائيل بخصوص الغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأردف البيت الأبيض: "لا نزال نؤمن بأن الحل الدبلوماسي في الشرق الأوسط أفضل طريق"، ناصحًا الأميركيين بـ"عدم السفر إلى لبنان".
ويأتي الهجوم في ظل "موجة جديدة" من التصعيد الإسرائيلي على لبنان، حيث أعلن وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت مساء الخميس، دخول الحرب مع "حزب الله" مرحلة جديدة.
تصعيد الغارات الجوية الإسرائيلية
وتمثلت ملامح هذا التصعيد في تفجيرات أجهزة الاتصالات في أنحاء بيروت يومي الثلاثاء والأربعاء ما أوقع 37 شهيدًا وأكثر من 3 آلاف و250 جريحًا، إلى جانب تصعيد الغارات الجوية على جنوب لبنان وبلدات أخرى في العمق، وأخيرًا استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت مجددًا.
وتواجه القيادة السياسية في إسرائيل ضغوطًا داخلية على خلفية التأخر في إعادة مستوطني الشمال إلى منازلهم بأمان، ما دعاها قبل أيام إلى وضع هذا الأمر على قائمة أهداف الحرب.
في المقابل، يؤكد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، أن الطريق الوحيد لإعادة مستوطني الشمال هو وقف الحرب على غزة.