الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

حكم "أنصف الضحية".. القضاء المغربي يختم "قضية سناء" بعقوبات مشددة

حكم "أنصف الضحية".. القضاء المغربي يختم "قضية سناء" بعقوبات مشددة

شارك القصة

"العربي" يسلط الضوء على قضية القاصر سناء التي أثارت غضب الشارع المغربي بعد أحكام أولية مخففة بحق مغتصبيها (الصورة: غيتي)
قرر القضاء المغربي تشديد العقوبات على ثلاثة أشخاص في قضية اغتصاب قاصر بعد استئناف حكم أولي أثار غضب الرأي العام لما حمل من عقوبات مخففة.

شددت محكمة الاستئناف بالرباط ليل الخميس الجمعة أحكامًا بالسجن بحق ثلاثة متهمين في قضية اغتصاب طفلة، كانت قد أثارت صدمة في المغرب وخارجه بسبب حكم مخفف في المرحلة الابتدائية.

ورفعت المحكمة عقوبة المتهم الرئيسي من عامين إلى 20 عامًا سجنًا نافذًا، فيما شددت عقوبة متهمين آخرين من 18 شهرًا إلى 10 أعوام سجنًا.

ومنذ الخميس الماضي، مع بدء جلسات الاستئناف تظاهرت عشرات الناشطات الحقوقيات قبالة مقر محكمة الاستئناف احتجاجًا على الحكم الابتدائي الذي نددت به عدة منظمات نسائية وحقوقية خلال الأيام الأخيرة باعتباره "مخففًا جدًا" وغير منصف للضحية.

وكان الحكم الأولي قد صدر في 20 مارس/ آذار مدينًا ثلاثة راشدين بتهمتي "التغرير بقاصر" و"هتك عرض قاصر بالعنف"، وحكم على أحدهم بالسجن عامين وبـ18 شهرًا على الآخرين، بالإضافة إلى دفعهم تعويضات للضحية تناهز قيمتها 4800 دولار.

قضية رأي عام

وبعد قرار محكمة الاستئناف أمس، قال أحد وكلاء الدفاع عن الضحية سناء (12 عامًا) عبد الفتاح زهراش للصحافة: "نحن مرتاحون لهذا الحكم الذي أنصف الضحية، لكننا لم نفهم لماذا حكم بـ10 أعوام سجنًا فقط للمتهمين الآخرين". موضحًا أن دفاع الضحية "سوف يطعن في الحكم لدى محكمة النقض بعد التشاور مع عائلة الضحية".

وتعود الوقائع للعام الماضي في منطقة ريفية قرب مدينة تيفلت بضواحي العاصمة، حيث لم يكن عمر الضحية يتجاوز 11 ربيعًا.

وأثار الحكم الأولي استياء واسعًا في المملكة، وأعاد إلى الواجهة مطالب بمراجعة التشريعات وتشديد العقوبات في قضايا الاعتداءات الجنسية على القاصرين والنساء عمومًا.

وقائع المحاكمة

في وقت سابق الخميس استمعت المحكمة لهذه الطفلة في جلسة مغلقة، حيث أكدت أنها تعرّضت لاغتصاب متكرر نتج عنه مولود، وفق ما قال محاميها محمد الصبار. وقبل بدء جلسة المحاكمة عند حوالي منتصف نهار أمس ظهرت الضحية في بهو المحكمة برفقة والدها وجدّتها.

وبدت الضحية صامتة وجسمها نحيل "إذ ما تزال غير مستوعبة لكل ما حدث من هول الصدمة، رغم أنّها استعادت الابتسامة نسبيًا"، وفق المسؤولة في جمعية "إنصاف" أمينة خالد التي تدعمها منذ علمها بالقضية.

بالمقابل، أنكر المتّهمون الثلاثة أمام محكمة الاستئناف كلّ الجرائم التي أدينوا بارتكابها أمام محكمة البداية. ووقفوا أمام هيئة المحكمة مطأطئي الرؤوس قبل أن يستجوبهم القاضي.

وواجه الأخير المتّهم الرئيسي بنتائح تحليل الحمض النووي للطفل الذي وضعته سناء، مؤكّداً أنّ هذه النتائج "أثبتت بنسبة 99%" أنّه والد الطفل. لكنّ المتّهم ظلّ يكتفي بالإجابة "لا أعلم"، رغم إلحاح القاضي عليه بوجوب إعطائه "جوابًا منطقيًا".

"مذنبون أمام الله والمجتمع"

وحضر أكثر من 20 محاميًا ونشطاء حقوقيون لمؤازرة الضحية، وجدّد محامو الطرف المدني في مرافعاتهم ملتمس تأييد الإدانة في حقّ المتّهمين، لكن مع تشديد العقوبات "إلى حدها الأقصى".

وقال وكيل الدفاع عنها محمد الصبار: "لا نحتاج لمناقشة الوقائع نحن مع الحكم الابتدائي من حيث مبدأ الإدانة، وللمحكمة واسع النظر". قبل أن يضيف: "لكن هذا الحكم قد يدفع الكثير من الضحايا إلى أن يتساءلوا حول جدوى اللجوء للعدالة، إنه زارع لليأس ويُفقِد الضحايا أي أمل، لقد عاقب الضحية بدل الجناة".

من جهته، طلب دفاع المتهمين الثلاثة "البراءة نظرًا لتناقض تصريحات الضحية". لكن ممثل النيابة العامة التمس عند استئناف الجلسة ليلًا "توقيع أقصى العقوبات في حقّهم". وأضاف: "لو كان النص يسعفني لالتمستُ حكم الإعدام" بحق المتّهمين "المذنبين أمام الله وأمام المجتمع، أطلبُ الرحمة لطفلة هُتكت طفولتها".

التعويضات

وفي الجلسة المغلقة ضمن هذه المحاكمة المطولة، استمعت المحكمة أيضًا لطفلة قاصر (15 عامًا) باعتبارها شاهدة إدانة ضد أحد المتهمين. ورغم تراجعها عن شهادتها، وفق ما أوضح محامون، إلا أن المحكمة اقتنعت بالإدانة وشددت العقوبات في حقهم.

إضافة إلى ذلك رفعت المحكمة قيمة التعويضات المستحقة للضحية من حوالي 5 آلاف دولار إلى نحو 14 ألفًا. لكن دفاعها التمس أيضًا أن "تتكفل وزارة الأسرة والمرأة والتضامن بها ماديًا إلى حين بلوغها سن الرشد".

وفضلاً عن الرعاية الطبية والاجتماعية، استطاعت الضحية ارتياد المدرسة "للمرة الأولى" بمساعدة جمعية "إنصاف"، وفق ما أوضحت المسؤولة فيها أمينة خالد.

وأعرب نشطاء حقوقيون يساندون الضحية عن أملهم في أن يؤدي النقاش الذي أثارته هذه القضية إلى مراجعة التشريعات، تعزيزًا لحماية الضحايا وضمانا لعدم الإفلات من العقاب.

ولطالما انتقدت منظمات حقوقية مغربية في قضايا متفرقة خلال الأعوام الماضية أحكامًا اعتُبرت مخفّفة ضدّ متّهمين باعتداءات جنسية على قاصرين.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - أ ف ب
Close