الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

حمى القرم-الكونغو تتفشى بشكل غير مسبوق في العراق.. ما هو هذا المرض؟

حمى القرم-الكونغو تتفشى بشكل غير مسبوق في العراق.. ما هو هذا المرض؟

شارك القصة

"العربي" يسلط الضوء على جهود السلطات البيطرية في العراق للحد من تفشي الحمى النزفية (الصورة: منظمة الصحة العالمية)
ينتقل فيروس القرم -الكونغو النزفية من إنسان إلى آخر نتيجة الاتصال المباشر بدم الشخص المصاب أو إفرازاته أو أعضائه أو سوائل جسمه الأخرى.

داخل حظيرة صغيرة في إحدى قرى جنوب العراق النائية، يشرع فريق طبّي بتعقيم بقرة وصغارها بمبيدات حشرية، في مشهد أصبح من اليوميات في مزارع العراق، بسبب ارتفاع غير مسبوق في الإصابات بحمى القرم -الكونغو النزفية التي طغت على وباء كوفيد-19.

فمنذ يناير/ كانون الثاني، سجلت البلاد 111 إصابة بين البشر بالمرض، بينها 19 وفاة، وفق منظمة الصحة العالمية.

وفي السنوات السابقة، "كانت الحالات التي تسجل لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة سنويًا"، بحسب مدير شعبة السيطرة على الأمراض داخل دائرة الصحة في محافظة ذي قار الجنوبية حيدر حنتوش.

وسجلت هذه المحافظة الفقيرة والريفية وحدها نصف الإصابات الإجمالية بالحمى النزفية في العراق. وتنتشر في هذه المنطقة تربية المواشي من جواميس وبقر وماعز وغنم، وهي الحيوانات الوسيطة في نقل حمى القرم-الكونغو إلى الإنسان.

وفي قرية البو جاري في ذي قار، يقوم فريق من دائرة الصحة بتعقيم منزلٍ أصيبت فيه امرأة بالمرض. وضع أفراد الفريق الذين لبسوا رداء أبيض، أقنعة ونظارات للحماية. وتحت سقف من الصفيح، قاموا برش بقرة وصغيريها بالمعقم لقتل الحشرات الناقلة للفيروس.

ويتوجه الفريق بعد ذلك لتعقيم دلاء وأحواض حديدية وضعت في الحظيرة، ثم التراب والحصى في الحديقة المحيطة بها.

وبعدما أنهى الفريق مهمة التعقيم، يحمل أحد أفراده حاوية بلاستيكية في داخلها حشرات بنيّة صغيرة جدًا أزيلت من الحيوانات.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، يحدث انتقال حمى القرم- الكونغو إلى الإنسان "إما عن طريق لدغات القراد أو بملامسة دم أو أنسجة الحيوانات المصابة خلال الذبح أو بعده مباشرة".

"فرضيات عدّة" خلف ارتفاع الإصابات

واكتشف الفيروس للمرة الأولى في عام 1979 في العراق، وهو يسبب الوفاة بنسبة تراوح بين 10 و40% من الإصابات.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، "ينتقل الفيروس من إنسان إلى آخر نتيجة الاتصال المباشر بدم الشخص المصاب أو إفرازاته أو أعضائه أو سوائل جسمه الأخرى".

وفي عام 2021، سجلت محافظة ذي قار 16 إصابة بينها 7 وفيات، في حين تسجل المحافظة هذا العام 43 إصابة بينها 8 وفيات. وأكثر المصابين من مربي المواشي والقصابين، وفق السلطات.

ويعزو ممثل منظمة الصحة العالمية أحمد زويتن هذا الارتفاع في أعداد الإصابات إلى "فرضيات" عدة، إذ يشير إلى غياب حملات التعقيم التي تجريها السلطات للحيوانات خلال عامي 2020 و2021، بسبب الإغلاق المرتبط بفيروس كورونا، والنتيجة هي "نمو أعداد الحشرات".

ويشرح الخبير أن "تكاثر الحشرات" بدأ هذا العام بشكل مبكر، "قبل نحو أسبوعين أو ثلاثة" من العادة. ويرجع الارتفاع "بحذر شديد في جزء منه إلى الاحترار المناخي الذي تسبب بتمديد فترة التكاثر عند الحشرات".

غياب التوعية حول طرق انتقال المرض

من جهته، يقول الطبيب المختص بأمراض الدم السريرية في دائرة صحة ذي قار أزهر الأسدي: إن الإصابات ازدادت بسبب "قلة توعية الناس عن طرق انتقال هذا المرض وعدم أخذ الأمر بجدية، لا سيما بشأن الإرشادات التي يقدمها الأطباء".

ويشير إلى أن "انتشار الحيوانات" المشرّدة أيضًا "موضوع خطير"، موصيًا خصوصًا القصابين "بذبح الحيوانات" في أماكنها الخاصة "وتنظيفها".

ويقول الطبيب إن غالبية المرضى هم في "مرحلة الشباب، إذ إنّ معدل الأعمار هو حوالي 33 عامًا"، على الرغم من أن إصابات سجلت عند طفل يبلغ من العمر 12 عامًا، ورجل يبلغ 75 عامًا.

وفي الحالات الأكثر تقدمًا للمرض، يعاني المريض من النزف من الفم والأنف وتحت الجلد وفي الجهاز الهضمي والجهاز البولي، كما يوضح الطبيب.

ويشير إلى مخاوف من "ارتفاع أعداد الإصابات خلال فترة عيد الأضحى بسبب ارتفاع معدل ذبح" الحيوانات والقرب من اللحوم.

"الخوف من اللحم الأحمر"

ولا يقتصر هذا الفيروس على العراق، فهو يسجّل إصابات أيضًا منذ سنوات في البلقان كما في السودان وناميبيا وإيران وتركيا، وشهد ارتفاعًا ملحوظًا في أفغانستان في العام 2018 مع 483 إصابة، وفي عام 2019 مع 583 إصابة، وفي عام 2020، سجل 184 إصابة بينها 15 وفاة، بحسب منظمة الصحة العالمية.

وإثر ذلك، يكثف العراق، إلى جانب الأمم المتحدة، في الآونة الأخيرة حملات التعقيم والتوعية في أوساط السكان. وأدخلت المستشفيات علاجًا جديدًا بمضادات فيروسية "بدأ بإعطاء نتائج جيدة"، وفق زويتن الذي يضيف "يبدو أن معدل الوفيات قد انخفض".

وقرب مدينة النجف في جنوب العراق، تراقب السلطات الصحية إجراءات النظافة التي تعتمدها المسالخ، فيما تراجع استهلاك اللحم الأحمر في المحافظة بنسبة 50%.

بدوره، يقول القصّاب حميد محسن: "كنا نذبح بين 15 إلى 16 حيوانًا في اليوم، أما حاليًا فنذبح بين 7 إلى 8".

ويقرّ مدير المستشفى البيطري في النجف فارس منصور بوجود انخفاض في نسبة الاستهلاك.

ويشدّد على أن "الإجراءات الصحية والبيطرية مستمرة بشكل مكثّف جدًا"، داعيًا السكان إلى عدم شراء اللحم سوى من "المتاجر المطابقة للمواصفات الصحية".

ويقول: "بدأ الناس يتخوفون من اللحم الأحمر ويعتقدون أن اللحم الأحمر سوف ينقل العدوى"، مضيفًا "لاحظنا أن أعداد اللحوم التي تصلنا يوميًا انخفضت بنسبة 50%".

تابع القراءة
المصادر:
أ ف ب
Close